احکام القرآن للجصاص-ج5-ص176
ما أنفق تركه إلى مثل ما يرى الناس أنك أعرته إلى مثله من الأمد
وروى أبو عمر من أعار جاره خشبة يغرزها في جداره ثم أغضبه فأراد أن ينزعها فليس ذلك له وإن احتاج إلى ذلك لأمر نزل به فذلك وإن أراد بيع داره فقال انزع خشبك فليس ذلك له
وروى الباجي إذا أباح له أن يغرز فليس له أن ينزعها وإن طال الزمان واحتاج إلى جداره مات أو عاش أو باع
وقال أصبغ إذا أتى عليه من الزمان ما يعار مثله إلى مثل ذلك الزمان فله منعه
انظر ابن عرفة نقل عن أحمد والشافعي الغرز في جدار الدار محمول على الوجوب إن لم تكن في ذلك مضرة بينة على رب الجدار
وقاله ابن كنانة ويأتي أيضا على رواية زياد في القضا بالممر في أرض الرجل لجاره إن لم يضر به أن يكون في الجدار مثله وهل المسجد كغيره
انظر ابن عرفة وابن عات ومثل الإذن في غرز خشبه الإذن في ماء بئر أو عين لمن ينشىء عليه غرسا في ذلك ستة أقوال
كما إذا غرس على مائه وهو ساكت ثم أراد قطعه
ثم ذكر لابن عرفة إثر هذا أواخر باب الشركة إذا تنازع جاران في جدار بينهما وهل يقضى به لمن له به القمط والكوى وفي رسم الأقضية من سماع أشهب من العيوب أن الشهود إذا شهدوا أن الحائط من حقوق أحدهما بدليل عقود البناء فهل يحلف من شهدوا له بين أن يقول هو ملكي أو من حقوق داري فرق
هذا الفصل أقحمه في المدونة في باب الشركة وأتى به ابن شاس مع المساقاة
قال ابن عرفة المزارعة شركة في الحرث ( لكل فسخ المزارعة إن لم يبذر ) المتيطي الشركة في الزرع جائزة وهي لازمة بالعقد كالكراء والبيع بخلاف القراض والجعل وهو قول ابن الماجشون وسحنون وابن كنانة وابن القاسم في كتاب ابن سحنون
وقيل إن المزارعة لا تلزم بالعقد ولكل واحد منهما أن ينفصل عن صاحبه ما لم يبذر وهو قول ابن القاسم في المدونة ورواية أصبغ عنه
وقيل إنها لا تلزم إلا بالعمل كالشركة وبه جرت الفتيا بالأندلس ( وصحت إن سلما من كراء الأرض بممنوع ) من المدونة قال مالك لا تصلح الشركة في الزرع إلا أن يخرجا البذر نصفين ويتساويا في قيمة أكرية ما يخرجانه بعد ذلك مثل أن يكون لأحدهما الأرض وللآخر البقر والعمل على أحدهما أو عليهما إذا تساويا والبذر بينهما نصفين
وإن أخرج أحدهما الأرض والآخر البذر والعمل بينهما وقيمة البذر وكراء الأرض سواء لم يجز لأنه أكرى نصف أرضه بطعام صاحبه
ولو اكتريا الأرض من أجنبي أو كانت لهما جاز أن يخرج أحدهما البذر كله والآخر البقر والعمل وكراء ذلك وقيمة الأرض والبذر سواء وإذا سلم المتزارعان في قول مالك من أن تكون الأرض لواحد والبذر من عند الآخر جازت الشركة إن تساويا ولم يفضل أحدهما الآخر بشرط في عمل ولا نفقة ولا منفعة قال سحنون إن تفاضلا في العمل تفاضلا كثيرا له بال فالشركة تفسد والزرع بينهما والأرض بينهما وإن كان التفاضل يسيرا لم تفسد الشركة كما أجاز مالك أن تلغى الأرض التي لا كراء لها
والذي نقل أهل كتب الأحكام أي الذي جرى به العمل أن المتزارعين إذا سلما من كراء الأرض بما يخرج منها فلا بأس بالتفاضل ممن كان وشركتهما جائزة إذا اعتدلا في الزريعة وإنلم يقوما العمل ولا عرفا كراء الأرض وهو قول عيسى بن دينار
وقال