احکام القرآن للجصاص-ج3-ص223
قيل لسحنون أرأيت لو أن قوما كانوا سائرين في طريق فوجد أحدهم عشا فقال هذا العش لي أنا رأيته قبلكم فلا تأخذوه فبدره إليه رجل فأخذه قال هو لمن أخذه وليس قوله هو لي قبضا منه ولا حيازة له
قيل فلو وجدوه كلهم فبدر إليه أحدهم فأخذه فقال هو لمن أخذه
قيل فلو وجدوه كلهم فأراده كل واحد منهم لنفسه وتدافعوا عليه ولم يترك بعضهم بعضا يصل إليه قال إذن أقضي به بينهم خوفا أن يقتتلوا عليه
ابن رشد هذه مسألة صحيحة لا خلاف فيها ( وإن ند ولو من مشتر فللثاني لا إن تأنس ولم يتوحش ) ابن عرفة فيما ند من صائده وصاده غيره طريقان
اللخمي والمازري إن صيد قبل توحشه وبعد تأنسه فهو للأول اتفاقا ولو صاده بعد توحشه فقال مالك وابن القاسم هو للثاني
ابن بشير وإن ملكه الأول بشراء فهل يكون كالأول أم لا قال ابن المواز هو كالأول
وقال ابن الكاتبك هذا يكون للأول على كل حال بخلاف الأول بمنزلة الأرض يحييها الإنسان ثم يتركها حتى ترجع إلى حالها قبل الإحياء فإنها تكون لمن أحياها ثانيا وإن اشتراها ثم تركها فإنها لا تزول عن ملكه ( واشترك طارد مع ذي حبالة قصدها ولولاها لم يقع بحسب فعلهما ) سمع عيسى ابن القاسم الرجل ينصب حبالة للصيد أو فخا أو يعمل حفرة ليقع فيها الصيد فيخرج قوم فيطردون صيدا إلى ذلك المنصب ليقع فيه هل ترى لصاحب الحفرة أو الفخ أو الحبالة شيئا من الصيد قال نعم أرى أن يكون معهم شريكا في ذلك الصيد بقدر ما يرى له
ابن رشد قول ابن قاسم هذا على معنى ما في المدونة ولا إشكال على مذهبه إذا طردوه إلى المنصب وقصدوا إيقاعه فيه وهم متبعون له على قرب منه أو بعد ما لم ينقطع عنهم أنهم فيه شركاء بقدر ما يرى له ولهم
وكذلك لا إشكال على مذهبه إذا كانوا على بعد منه وأيس ما أخذه فمشى باختياره وهو قد انقطع عنهم حتى يقع فيه أنه لصاحبه ولا حق لهم فيه
وكذلك لا إشكال على مذهبه ولا طردوا صيدا ليأخذوه وهم لا يريدون إيقاعه في المنصب فلما أعيوه أشرفوا على أخذه وكان كالشيء الذي قد ملكوه وحازوه لقدرتهم عليه وقع في المنصب دون أن يقصدوا إيقاعه فيه أنه لهم ولا شيء لصاحب المنصب فيه
وانظر لو كانوا إنما طردوه وأعيوه وهم لا يريدون إيقاعه في المنصب فلما أشرفوا على أخذه قصدوا إيقاعه في المنصب ليخف عنهم في أخذه بعض النصب
والذي ينبغي على مذهبهم أن يكون لهم ويكون عليهم لصاحب المنصب قيمة انتفاعهم بمنصبه وكذلك ينبغي أن يكون الجواب لو طردوا صيدا إلى دار رجل فأخذوه فيه وهذا أشبه وأولى مما ذكره عبد الحق في هذا ( وإن لم يقصد وأيس منه فلربها ) تقدم نص ابن رشد لا إشكال إذا كانوا على بعد منه وأيس من أخذه أنه لا حق لهم فيه ( وعلى تحقيق بغيرها فله ) تقدم نص ابن رشد لو كان كالشيء الذي ملكوه ووقع في المنصب دون أن يقصدوا إيقاعه فيه أنه لا شيء لصاحب المنصب فيه ( كالدار ) تقدم نص ابن رشد يكون لصاحب المنصب قيمة انتفاعهم بمنصبه وكذا ينبغي أن يكون الجواب لو طردوا صيدا إلى دار رجل فانظره مع لفظ خليل ( إلا أن لا يطرده لها فلربها ) من المدونة