انوار الفقاهة-ج29-ص4
ثانيها: الأقوى إشتراط القبض في صحة الهبة وفاقاً للمشهور شهرة محصلة ومحكية وللإجماع المنقول على لأبدية القبض واشتراطه الظاهر في اشتراطه في الصحة كما نقل ظاهر جماعة من أصحابنا وللمعتبرة منها الموثق والمرسل القريب إليه بفاضل وابان في النحل والهبة ما لم يقبض حتى يموت صاحبها قال: (هي بمنزلة الميراث وإن كان الصبي في حجره وأشهد فهو جائز وقريب منهما الخبر الهبة لا يكون هبة أبداً حتى يقبضها صاحبها والظاهر إن شرط القبض ناقل كما هي القاعدة في الشروط لا كاشف كما قد يتخيّل وربما يدعي إن لفظ الهبة قاض بدخول القبض في ماهيتها عرفاً فلا تكون الهبة هبة إلا مقبوضة وقيل إن القبض شرط في اللزوم لا في الصحة لاقتضاء عمومات أدلة العقود وإطلاقات أدلة الهبة صحة العقد من دون توقف على أمر آخر وللمعتبرة المستفيضة منها الصحيح (الهبة جائزة قبضت أو لم تقبض قسمت أو لم تقسم والنحل لا يجوز حتى يقبض) وإنما أراد الناس ذلك فأحطأوا والموثقان بابان المجمع على تصحيح رواياته وروايات الراوي عنه وفيهما (إذا تصدق الرجل بصدقة أو هبة فقبضها صاحبها أو لم يقبض علمت أو لم تعلم فهي جائزة) وفي الجميع نظر لأجمال العمومات أو لكون التعريف فيهما للعهد فينصرف للمعهود وهو ما تعقبه القبض ولانصراف إطلاق الهبة إلى العقد الواقع بعده القبض لأن المعروف من الهبة ما وقع القبض فيها فالمجردة عنه لا ينصرف إليه الإطلاق ولضعف الأخبار عن مقاومة ما تقدم من الأخبار المعتضدة بفتوى الأصحاب والاحتياط والإجماعات المنقولة لحصول الأجمال فيها بحسب الدلالة من حيثية تردُّد المقصود فيها بين إرادة جواز هبة ما لم يقبضه الواهب بقرينة بيان جواز هبة ما لم يقبضه المتهب ومنع قيام الاحتمال يبطل الاستدلال ولاحتمال ورودها مورد التقية بناءا على إن المراد من الجواز اللزوم كما يعبر عنه في كثير من الأخبار في هذا الباب ومنها يجوز الهبة لذي القرابة والذي يثاب من هبة ويرجع في غير ذلك أنشأ ونحوه غيره واللّزوم من دون القبض لا يقول به أحد من أصحابنا فلتحمل على التقية على إن اشتراط القبض في اللّزوم دون الصحة ينافي ما عليه أصحابنا من جواز الرجوع في الهبة ولو بعد القبض إلا في مواضع خاصة وتنزيل ذلك الإطلاق على تلك المواضع الخاصة بعيد جداً فما حمل كلام الأصحاب عليه في الدروس من اشتراطه القبض في اللزوم على إرادة اشتراطه في الصحة جيد وجيه وتظهر الثمرة بين القولين في النماء المتخلل بين العقد والقبض فانه للواهب على المختار وللمتهب على القول الثاني وكذا لو مات الواهب قبل القبض فإنها تبطل الهبة على المختار وعلى الثاني تصح ويتخير الوارث بين الإقباض وعدمه وكذا في فطرة المملوك وفي نفقة العبد والحيوان إلى غير ذلك وهل يتنزل إتلاف المتهب منزلة القبض وجهان والأقوى عدمها.