انوار الفقاهة-ج28-ص33
الثامن:لو وقف الواقف على ذي وصف بلفظ العموم كالفقراء والعلماء والزوار والحجاج والمترددين والصلحاء انصرف ذلك العام إلى أهل نحلة الواقف وملته مسلماً كان الواقف أو كافراً تخصيصاً للعام بالعرف والعادة القاضيين بارادة المتكلم من ذلك العام خصوص ذلك الفرد فيكون بمنزلة القرينة وشاهد الحال على ارادة الخاص من العام وليس من باب تعارض اللغة والعرف كي تبنى المسألة على تقديم ايهما فمن قدم اللغة أخذ بالعموم ومن قدم العرف أخذ بالخصوص إذ لا ندعي أن العام صار حقيقة عرفية في الخاص بل ندعي أن العام قد تخصص بالعادة وشاهد الحال وهذا غير ذلك ولو سلمنا انه من ذلك الباب لحكمنا بتقديم العرف في مثل الوصية والوقف ونحوهما والخلاف في تقديم ايهما إنما يختص بما إذا صدر في كلام الشارع دونما إذا صدر من أهل العرف نفسه وهل يسري الحكم بذلك لما إذا ذكر الموقوف عليه خاليا عن الوصف كما إذا وقف على الرجال أو على بني تميم وكان منهم من أهل نحلته ومنهم من ليس كذلك ومثله ما لو وقف على اولاد ارحامه وكان منهم من أهل ملته ومنهم من لم يكن كذلك يحتمل الحكم بالتخصيص ايضاً عملاً بشاهد الحال ويحتمل العدم لأصالة بقاء العموم وقضاء شاهد الحال هناك لا يستلزم قضاءه هنا وهذا اوجه ولو انعكس شاهد الحال فقضى بالعموم كوقف القناطر وشبهها على المترددين أو الابراد على الحجاج ونحوهم ولو لم يقض شاهد الحال بشيء حكمنا بالعموم من غير إشكال ولو قلنا إن الوقف غير جائز على الكافر اصالة فلا يبعد جوازه في مثل ذلك على الانضمام وربما يدعى ان السيرة قاضية به وهل يصلح الحكم بحرمة الوقف على الكافر ان يكون مخصصاً للعام فيما إذا صدر لفظ شامل للكافر والمسلم وصارفاً للظاهر عن غيره يحتمل ذلك حملاً لفعل المسلم على الوجه الصحيح وتمسكاً بصحة الوقف مهما امكن أولا يصلح لأن الأصل لا يعارض ظاهر الخطاب وإلا لانفتح من ذلك ما لا نقوله من الابواب وجهان ولا يبعد الأخير والظاهر أن أهل المذهب الخاص من الامامية كالاثنى عشرية ونحوهم ينصرف الوقف الصادر من أحدهم إلى أهل مذهبه دون غيره ولو وقف المسلم على الفقراء ولم يكن في بلده سوى الكفار وقلنا ببطلان الوقف على الكافر احتمل البطلان تقديماً للظاهر من اللفظ واحتمل الصحة وصرف الفقراء لغير فقراء أهل بلده تنزيلا لفعل المسلم على الوجه الصحيح مهما أمكن ولو وقف واقف على المسلمين انصرف إلى من صلى إلى القبلة أي اعتقد الصلاة إليها وضابطه من أقر بالشهادتين ولم ينكر ضروريا كالخوارج والغلاة والمجسمة والنواصب مع احتمال دخول اولئك في المسلمين وإن خرجوا عن حكمهم بانكار ضروريات من ضرورياته ويدخل في ذلك لمخالفون قطعاً خلافاً لمن حكم بكرفهم والتاركون للواجبات الضرورية والمرتكبون للحرمات خلافاً لمن جعل العمل جزءاً من الاسلام وتدخل النساء والاطفال والمجانين قضاءً لحق العرف ولو صدر الوقف من أهل ملة خاصة كالمؤمن فهل يختص بأهل ملته كلفظ الفقراء وشبهه نظرا للعرف والعادة أو لا يختص لمنع قضاء العرف بالاختصاص ومنع شاهد الحال وللفرق بين الفقراء والمسلمين من حيث أن الوقف على جميع الفقراء مع تباين مقالاتهم واختلاف آرائهم بعيد جدا بخلاف الوقف على المسلمين فإنه أمر مرغوب فيه شرعاً وتمكن عادة والأول اقوى إلى نظر العرف لا لما عللوه من اختلاف الآراء وتباين المقالات فإنه شامل للمسلمين لافتراقهم إلى نيف وسبعين فرقة نعم لو صدر الوقف ممن يرى تحريم الوقف على غير أهل نحلته احتمل انصرافه إلى أهل نحلته تصحيحا للوقف مهما امكن أو جعل ذلك بمنزلة القرينة.