انوار الفقاهة-ج28-ص30
الثالث:لا يجوز للموقوف عليه وطء الامة الموقوفة إذا كان له شركاء في طبقته فيها فإن فعل أثم وعليه ما عدا نصيبه من العقر للشركاء وكذا من قيمة الولد لو اولدها وعليه الحد بنسبة ما لغيره ولو انحصر الموقوف فيه فالذي يظهر من الأصحاب حرمة وطئه لها وإن قلنا إن الموقوف عليه يملك الوقف وذلك لأن ملكه غير تام لتعلق حق البطون اللاحقة فلو وطأها فقد عرضها للإتلاف لاحتمال صيرورتها أم ولد له فيحرم وطؤه لها وهل تحرم باقي الانتفاعات من اللمس ولتقبيل فيه وجهان،وظاهر التعليل العدم ثم لو وطأها وفعل حراماً كان الولد حراً إلا انه مالك ووطؤه ليس من الزنا وليس عليه حد ولا قيمة الولد لأنه من النماء ونماء الموقوف للموقوف عليه ولا يكون الولد وقفاً كامه بناءً على لحوق ولد المملوك به في الوقفية فيجب على الواطئ حينئذٍ قيمته ويشتري بها ما ما يكون وقفا عبداً أو بعض عبد لفساد المبني عليه ولو قلنا به في المملوك لا نقول به ههنا تغليبا لجانب الحرية ولو قلنا إن الموقوف يملكه الله تعالى أو الواقف الولد رقاً مع الوطء و في صيرورته وقفاً وعدمه وجهان:اوجههما العدم وعليه فيتحرر لانعتاقه على ابيه بملكه له وهل عليه الحد لكونه زانٍ أو ليس عليه لان الملكية وعدم الملكية شبهة حكم لكونها مورد خلاف فيدرأ بها الحد والاظهر ثبوت الحد لان الظاهر اختصاص الشبهة التي يدرأ بها الحد بشبهة الحكم الناشئة من وقوع الخلاف والا لزم كون كل ما فيه خلاف شبهة يسقط بها الحد وان ترجح أحد الطرفين عند المجتهد وهو بعيد جداً ولا يجب على الموقوف عليه المهر ولا قيمة الولد لانهما من النماء الذي يعود إليه وهل تصير الامة بوطء الموقوف عليه على القول بملكه ام ولد له لعلوقها منه في ملكه فيشملها حكم امهات الاولاد أو لا تكون للشك في دخول هذا الفرد في ام الولد لان الظاهر منها كون الموطوءة ملكا تاما لا يتعلق بعينه حق آخر لا سابقا ولا لاحقا ولانها تقوم كلها على الموقوف عليه ولا شيء من امهات الاولاد ما تقوم كلها على مولاها بدليل الاستقرار لمنافاة الوقف للاستيلاد والحق هنا تعارض ما دل على دوام الوقف وعدم تغيره وتبديله لما دل على انعتاق ام الولد فيحتمل ترجيح الاخير لان الاستيلاد مبني على السراية والتغليب كالعتق ويحتمل ترجيح الأول لسبقه فيستصحب إلى ان يثبت المزيل ولا يبعد ترجيح حكم الوقف للشك في تحقيق كونها ام ولد وعلى تقدير اجراء حكم امهات الاولاد عليها فهل يؤخذ من تركته قيمتها فيشتري به وقفا للبطون اللاحقة بناءً على ان عوض الموقوف تشترك فيه جميع البطون أو لا يؤخذ بناءً على ان العوض لمن كان موجود الوقف بنويته فيستحيل ثبوت العوض على نفسه لنفسه وقد يؤيد الأول ان الوطء متلف فيلزمه ضمانها في تركته كما إذا اتلف مالا غيره بل ربما قيل إنا متى حكمنا بكونها ام ولد إنعتقت بموته وأخذت قيمتها من تركته قولا واحدا والفرق بين القيمة هنا وبين القيمة في غيرها عن عوض الوقف الذي يجري فيه الخلاف إذا باشره الموقوف عليه ان الوطء ههنا قد اتلفها على البطون بعد موته فحال الاتلاف لم يكن في ملكه بخلاف ما إذا اتلفها في حياته لأنه اتلفها لنفسه ولا يستحق وارثه في القيمة شيئا لانه حال الضمان لم يكن في ملكه وقد يجاب بأنها إذا صارت ام ولد حكم عليه بقيمتها في الحال كما في وطء أحد الشريكين ولكن لما كان صرفها إلى البطون اللاحقة غير ممكن تأخر الدفع إلى امكانه وهو ما بعد الموت ولا يلزم منه تأخر الحكم بنفوذ الاستيلاد ولزوم القيمة إلى ما بعد الموت وهو حسن وقد يقال ان سبب حكم الأصحاب بعتقها ولزوم القيمة ما بعد موت الواطئ هو احتمال موت الولد في حياة الواطئ فلا يتحقق سبب العتق المقتضي لبطلان الوقف بعد لزومه وقد يجمع بين الحكمين بجعل موت الواطئ كاشفا عن نفوذ الاستيلاد من حينه جمعا بين حق الوقف وحق استيلاد عليه فلا فرق بين كون الولد من أهل الوقف وبين عدمه لنفوذ الاستيلاد حين الحمل فتعود ملكا للموقوف عليه فتعود طلقا فيكون ارثا فتنعتق من نصيب ولدها ومتى قلنا بنفوذ الاستيلاد لزم اخراج القيمة بعد الموت وشراء ما يكون وقفا بدلا عن الموطوءة مشابهة لها في الصفات مهما امكن لان ما لا يدرك كله لا يترك كله وتنعتق هي من نصيب ولدها ويجوز تزويج الامة الموقوفة ومتعتها ويتولى تزويجها الناظر والا فالموقوف عليه ان قلنا بملكه والا فالحاكم ان قلنا بانه لله تعالى والا فالواقف ان قلنا ببقاء الوقف على ملكه ولو كانت موقوفة على جهة عامة فوليها الحاكم والمهر للموقوف عليهم على كل حال لانه من نماء الوقف وولد الامة أيضا للموقوف عليهم إذا كان من زناً أو من عبد أو من حر مشترط عليه الرقية على القول بجوازه لانه نماؤها فيكون لهم خلافا لجمع من اصحابنا حيث جعله وقفا كالولد من المدبرة والمرهونة في التبعية وهو ضعيف والمقيس عليه ممنوع والأصل والقواعد تقضي بخلافه ولو وطأها الحر شبهة فالولد حر على الواطئ قيمته يوم سقط حيا لاهل الوقف الموجود ولا يلزم اقامة بدله وقفا من قيمة ولو وطأها الواقف وقلنا انه لا يملك كان حكمه حكم الاجنبي.
الرابع: يجوز للموقوف عليه ايجار الوقف ولكن ينفسخ العقد بموت المؤجر ههنا وإن لم نقل إن موت أحد الأجيرين مما تنفسخ فيه الإجارة وذلك لتعلق حق البطون بالموقوف ههنا وتلقيهم الوقف عن الواقف دون الموقوف عليه فكان ملك الموقوف عليه كالمؤقت فلا يجوز له التجاوز عنه بخلاف الملك الحقيقي فإن الوارث إنما يتلقى عن المورث فيرث ما كان ملكاً له بعد موته وما نفد من يده أو خرج عن ملكه لم يتعلق للوارث فيه نصيب نعم لو كان المؤجر للواقف الناظر فيه لمصلحة البطون اللاحقة أو الموقوف عليه أيضاً ولكن لا لمصلحته بل لمصلحة البطون اللاحقة حيث يكون ناظرا عليها أو الحاكم الشرعي لمصلحة الوقف العام أو الخاص الذي هو ولي عليه لا لمصلحة الموجودين من أرباب الوقف مضى عقد الإجارة في جميع ما قدمناه على البطون اللاحقة ولم يكن له فسخه والقول بمضي الإجارة تنزيلاً للواقف منزلة المالك ضعيف جداً ولا يبعد أن الانفساخ هنا بمعنى التزلزل بالنسبة إلى البطون اللاحقة فلهم أن يجيزوا العقد الأول فلا يكون باطلاً أصلاً ولهم أن يردوا فيرد المستأجر حينئذ من الأجرة المسماة مما قابل المتخلف منها بنسبة أجرة المثل للمتخلف من الماضي ولو وقعت إجارة من الناظر ولم يعلم انها لمصلحة الواقف أو الموقوف عليهم الموجودين فالاستصحاب يقضي بمضي الإجارة وأصالة عدم المانع من تصرف البطون اللاحقة في ملكهم بعد انتقاله إليهم وعدم انتقال ملكهم عنهم وعدم نفوذ عقدغيرهم في ملكهم تقضي بعدم مضيها في حقهم وأشكل منه ما لو كان المؤجر هو نفس الموقوف عليهم ولم يعلم انهم أجروا لمصلحتهم أو لمصلحة الوقف ولا يبعد ترجيع عدم لزوم الإجارة سيما في الأخير.