پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج26-ص112

وثانيهما:الصحة ذهب إليه جمع من المتأخرين والظاهر أنه المشهور سواء كان مع جهل الإمراة بالفساد أو مع علمها والصحة مع الجهل أقرب استناداً إلى أن مقتضى الصحة وهو العقد موجود والمانع وهو بطلان المهر لا يصلح للمانعية لأن العقد يصح من غير ذكر المهر بل مع ذكر المهر بل مع ذكر عدمه فلا يزيد ذكر المهر الفاسد على اشتراط عدم المهر ولأن المهر لو ظهر مستحقاً صح العقد وإن لم يجز المالك من غير خلاف بخلاف غيره من غيره من المعاوضات وكذا لو أمهر الزوج ما يظن صلاحيته للمهر فبان أنه غير صالح فإنهم متفقون على الصحة ولتسمية نحلة في الكتاب العزيز والنحلة هو العطية وأجيب عن هذا الدليل بالفرق بين عدم ذكر المهر وذكر المهر الفاسد لأنه في الأول وقع التراضي بدونه وفي الثاني قد ارتبط العقد به فصار كالجزء منه فتوقف ملك البضع على ملكه والرضا بالعقد على الرضا به وهذا الجواب ضعيف لعدم تسليم ارتباط العقد به كارتباط الشرط بحيث أنه لو خرج فاسداً فسد المشروط بفساده ولو لم يسلم المشترطة تسلط على الخيار والفارق العرف فإن أهل العرف لا يعدون المهر من الشرائط ولو سلّم فلا نسلم أن الشرط الفاسد مما يفسد عقد النكاح بفساده ولأن المقصود من النكاح هو الاستمتاع فركناه الزوجين وتسليط الزوجة الزوج على بضعها وتسمية المهر أجراً أو دخول الباء عليه لا يلزم منه كونه عوضاً حقيقياً عن البضع لأن البضع لا يملك على حد الأشياء المملوكة كي يكون ما يقابله عوضاً حقيقياً فالقول الأخير أقوى وعلى تقدير الصحة ففي وجوب مهر المثل مطلقاً قبل الدخول أو بعده لأنه عوض البضع حيث لا مهر والمهر الفاسد بمنزلة عدمه وفيه أن الانتقال لمهر المثل عند فساد مسمى المهر مع عدم الدخول مفتقر إلى دليل ولم يثبت أو بعد الدخول فقط لأنه عوض البضع حيث لا مهر بعد استيفائه ولا دليل على قيامه مقام الفاسد مطلقاً أو وجوب قيمته عند مستحليه أو إرجاعه إلى ما قيمة له كالحر يقدر عبداً وكذلك لان العين لما تعذرت كان أقرب الاشياء إليها القيمة ولأن المعقود عليه هو العين لكن باعتبار ماليته فلما انتفت العين بقيت المالية وهو ضعيف لأن الانتقال إلى القيمة فرع ملك العين فإذا لم تنتقل العين احتاج نقل القيمة إلى ناقل جديد وليس فليس على أنه لا يجري فيما لا قيمة له ولو تقديراً كالتراب والحشرات أو وجوب القيمة فيما له قيمة في الجملة كالخمر فإن للخمره قيمة للظاهر أن الذمي لها للذمي وضمان المسلم لها للذمي المستتر ووجوب مهر المثل فيما لا قيمة له كالخمر والخنزير والحشرات والتراب وكذا غير المقدور أقوال وفي الاخير قوة إن كان العقد مع الجهل بالفساد وإن كان مع العلم فلا مهر إلا مع الدخول لتنزيلها منزلة الإقدام على عدم المهر.

رابعها:كل ما يتمول بحيث يقابل بعوض عرفاً يصح جعله مهراً قل أو كثر عيناً أو منفعة أو إسقاط حق كما إذا جعلت مهرها اسقاط خيار زوجها وما لا يتمول لقلته أو لنجاسته من عين أو منفعة لا يصح جعله مهراً لإنصراف أدلة المهر إلى ما يتمول ولأن المعاوضة على ما لا يتمول بسفه فلا يكون مهراً ولا حد له في القلة كما لا حد له في الكثرة للإجماع بقسميه والأخبار المتكاثرة المعتضدة بالقواعد المحكمة والاصول العقلية والشرعية والكتاب المجيد قال الله تعالى: ( وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا( والقنطار أربعين أوقية من ذهب أو فضة أو الف دينار أو الف ومائتا أوقية أو سبعين ألف دينار أو ثمانون الف درهم أو مائة رطل من ذهب أو فضة أو ملؤ مسك ثور ذهباً أو فضة وفي الخبر لو أن رجلاً تزوج امرأة وجعل مهرها عشرين الف وجعل لابيها عشرة آلاف كان المهر جائزاً والذي جعل لابيها جائز وروى أن الحسن (() تزوج امرأة فاصدقها مائة جارية مع كل جارية الف درهم إلى غير ذلك مما لا يحصى فما نقل عن المرتضى من لزوم كون المهر خمسمائة درهم وهو مهر السنة وإن العاقد لا يتجاوزه وإن تجاوزه رد إليه حاكياً على ذلك الإجماع مستنداً إلى رواية المفضل بن عمر الدالة على ذلك ضعيف لا يلتفت إليه لعدم تسليم الإجماع ووهنه بمخالفة الكتاب والسنة وفتاوى الأصحاب حتى كاد المرتضى أن يكون مسبوقاً بالإجماع ملحوقاً به ولضعف رواية المفضل سنداً واشتمال آخرها على ما لا يقوله اصحابنا ومعارضتها عموم الكتاب والسنة فيلزم طرحها أو حملها على الندب على العقد بقدره فإن زاد استحب للإمرأة الإبراء من الزائد وما أدري ما أراده المرتضى (() بلزوم مهر السنة فهل هو مجرد الإيجاب الشرعي وكذا بلزوم الرد فلو عصى العاقد لزم في حقه أو هو فساد المهر الزائد لمكان النهي أو فساد الزيادة دون قدر مهر السنة وهل هو خاص بالمسمى أو عام له ولمهر المثل في المفوضة والعقد الفاسد والظاهر إرادة العموم وربما اخترنا ما قاله في الاخير للأخبار الآتية في المفوضة إن شاء الله تعالى وقد ورد في جملة من الأخبار ما يظهر منه استحباباً مهر السنة وذم المغالاة في المهر.