انوار الفقاهة-ج26-ص110
ثانيها:يصح المهر بكل ما يتمول وكان مملوكا للعاقد أو لغيره مع رضاه بالعقد عليه ابتداء أو اجازته بعد ذلك عينا كان أو منفعة أو اسقاط حق كجعل المهر إسقاط خياره أو ديناً أو نماء سواء كانت منفعة حيوان أو عقار أو إنسان أو نماؤها ويصح على العمل المتمول الذي بحيث يقابل بعوض سواء كان العمل للزوجة أو لمن رضيت له العمل وسواء كانت بالذمة أو معينة على الأقوى والأشهر للأصل وعمومات دليل المهر وخصوص الأخبار الدالة على أن المهر ما تراضيا عليه قل أو كثر وهي أخبار متكثرة والأخبار الدالة على الاجتزاء بالمهر بتعليم سورة ونسب لبعض أصحابنا المنع من جعل العمل مهراً أو أنه خاص بموسى (() عند تزويجه في بنت شعيب ويظهر من بعضهم أن الممنوع منه عند القائلين بذلك هو عمل الزوج بنفسه إذا كان معيناً لا مطلقاً في الذمة لأن العمل المعين إذا مات الأجير لا يؤخذ من تركته ما يؤجر به غيره بخلاف ما كان في الذمة وقد يفهم من عبائر كثير منهم أن عمل الزوج مطلقاً لا يكون مهراً وإن عمل غيره يكون مهراً ولو كان معيناً وكلاهما بعيد بل الأوجه ما قدمنا نقله وعلى كل حال فلا دليل على المنع سوى بعض الروايات ضعيفة ومضمونها المنع من جعل مهر ابنته أو أخته عملاً يعود إليه وإن ذلك من خصائص موسى (() حيث جاز في شرع شعيب استئجاره لنفسه وجعل عمله له مهراً لابنته ونحن نقول بذلك إلا إذا رضيت بجعل العمل لأبيها مهراً لها لأنه يعود عليها فتملكه على أن مصرفه أبيها ولا استبعد جواز ذلك ويصح حينئذٍ جعله مهراً والظاهر أن الذي كان في شرع شعيب أن العمل الراجع لأبيها يكون مهراً لها قهراً لتعليلهم (() في الروايات أنه ثمن رقبتها وهي أحق بمهرها نعم في بعض الروايات ما يدل على أن المنع من جهة عدم الوثوق بالبقاء حتى يؤدي عمله الذي جعله مهراً وإن موسى (() حيث كان واثقاً بالبقاء جاز له ذلك ولكنها محمولة على الكراهة لاشتمال بعضها على جواز جعل المهر تعلم سورة ولأن العمل بها يقضي بانسداد باب الإجارة في عقود المعاوضات من اصله ولا قائل به فيما هو أولى من المهر بإرادة البقآء ككثير من حقوق الأموات والاحياء.
ثالثها:لو عقد الذميان ونحوهما على خمر أو خنزير أو نحوهما صح النكاح وكان ذلك مهراً لها وتملك الإمراة ثمنه لو باعته ويصح لنا الاكل من ثمنه للزوم إقرارهم على مذهبهم ولو ترافعوا إلينا كان لنا أن نرجعهم إلى حكامهم فيأمروهم بدفع الخمر والخنزير إلى مستحقه عندهم ولو أرادوا حكمنا لزمنا أن نحكم بينهم بما أنزل الله فنأمرهم بدفع قيمتها عند مستحليها أو مهر المثل ولو أسلم الزوجان أو أحدهما بعد تقبيض الخمر وشبهه للزوجة برأت ذمة الزوج من المهر وإن أسلما أو أسلم أحدهما قبل دفع ذلك المهر المحرم كلاً أو بعضاً بطل الدفع لحرمة دفع المسلم ذلك وحرمة قبض المسلم لذلك وهل يلزم عند بطلان الدفع قيمته عند مستحليه لأنه بمنزلة غير مملوكة امتنع تقبيضها وتعذر تسليمها على من هي عليه أو يلزم مهر المثل لفساد المهر بالإسلام وخروجه عن الملك فينقل إلى مهر المثل ولأن لزوم القيمة فرع ملك العين المتعذر تسليمها ولا ملك عند إسلامها لأن تعذر التسليم إنما نشأ من عدم الملك قولان أشهرهما الأول ويدل عليه خبر عبيد بن زرارة في نصراني تزوج نصرانية على ثلاثين دنا من خمر وثلاثين خنزيراً ثم أسلما بعد ذلك ولم يكن دخل بها قال ينظر كم قيمة الخمر وكم قيمة الخنزير فيرسل بهما إليها ثم يدخل عليها وهما على نكاحهما الأول نعم في رواية الكافي انهما إذا اسلما قبل أن يدفع اليهما الخمر والخنازير حرم عليه أن يدفع إليها شيئاً من ذلك ولكن يعطيها صداقا وهي قابلة لتنزيلها على مهر المثل ومحتملة للحمل على القيمة كما هو المشهور وهو الأولى وعلى القيمة فهل هي يوم العقد أو القبض أو يوم الإسلام أو المطالبة وجوه أقواها يوم الإسلام لتعذره فيه ولو أمهر المسلم الخمر أو الخنزير أو نحوهما مما لا يصح تملكه ففي صحة العقد وبطلانه قولان.