انوار الفقاهة-ج26-ص92
خامسها:للعبد طلاق زوجته حرة أو أمة لغيره مولاه وفي إلحاق فسخ المتعة والعيب وجه والطلاق بيد من أخذ بالسياق فليس للمولى منعه منه ولا إجباره عليه ولا تولية عنه ولا يتوقف طلاقه على إذن السيد ويصح من العبد الأخبار المنجبرة بفتواهم ولو نهاه السيد كل ذلك وفاقاً لفتوى المشهور والمعتبرة ولجملة منه وذهب أبي عقيل وابن الجنيد إلى أن طلاق العبد بيد السيد ولا يصح منه إلا بإذنه استناداً إلى جملة من الأخبار الصحيحة والمعتبرة الدالة على أن طلاق العبد بإذن سيده وإنه لا يقدر على شيء والشيء الطلاق وإنه لا يجوز طلاقه إلا بإذن سيده ولا يقدر عليه إلى غير ذلك والأول أقوى لعدم مقاومة هذه الأخبار لتلك الأخبار المعتضدة بفتوى المشهور لأن عامة وتلك الأخبار خاصة لأنها مفصلة بين أمة المولى فلا يقدر على شيء كما هو مضمون هذه الأخبار وبين أمة غيره أو حرة فالطلاق بيد العبد والخاص الموافق للمشهور يحكم على العام مطلقاً وفي جملة من الأخبار أن أمر الفراق بيد السيد وإنه له أن ينزع أمته من زوجها حراً كان أو عبداً له أو لغيره متى شاء ولكنها شاذة ضعيفة قبل العامل عليها ويمكن حملها على البيع وشبهه وإلا فاطراحها أجمل ويمكن الجمع بين الأخبار الأولية بحمل ما دل على أن الطلاق بيده على إرادة لزوم مباشرة الصيغة بنفسه فلا يكفي تولي السيد لها ولا أمر العبد بالاعتزال وحمل ما دل أنه بيد سيده على إرادة لزوم استئذانه بذلك ورخصته وإن لم يكن له إجباره خلافاً لمن جوز لأن العبد لا يقدر على شيء وهو ضعيف وهذا أوجه للجمع وتؤيده عموم الآية والأخبار النافية لسلطنة العبد ويكون موافقاً لفتوى القدماء رحمهم الله تعالى إلا أنه بعيد عن فتوى مشهور الأصحاب أما لو كانت زوجته أمة مولاه فلا شك أن أمر الفراق بيد المولى للمولى تولية وله إجباره عليه وله منعه منه كما هو مدلول الفتوى والرواية وليس للعبد مباشرة الطلاق بنفسه من غير إذن واحتمل بعض الأصحاب ذلك لقوله (() الطلاق بيد من أخذ بالساق وهو ضعيف جداً حتى لو قلنا بأن تزويج عبده لامته نكاحاً لظهور الأخبار في منع ذلك والذي يظهر أن للمولى أن يفرق بين عبده وأمته بلفظ الطلاق وبغيره نعم لا يكفي النية و لا الفعل كامساكها مع السكوت وفي الكناية وجهان ومنه ما لو امره باعتزالها وشبهه كما يظهر من الأخبار وعلى ما ذكرنا فيحتمل أن الواقع من المولى كله طلاق لأن أصل في الفسخ هو الطلاق إلا أنه لا يفتقر إلى صيغة خاصة للأخبار المجوزة لذلك وعلى ذلك فيحتسب في عدد الطلقات المحرمة وفي اشتراط شرائط الطلاق فيه وجهان وكذا في جواز الوجه ويحتمل أن الواقع من المولى كله فسخ وإن كان بصيغة الطلاق فلا تترتب عليه ثمرات الطلاق لأصالة عدم كونه طلاقاً ولظاهر الأخبار ويحتمل أنه وقع بلفظ الطلاق صار طلاقاً وجرت عليه أحكامه وحكم بفساده لو فقد شرائط الصحة ولو وقع بلفظ غيره لم يكن كذلك والأظهر ابتناء المسألة على أن تزويج أمة لعبده إن كان نكاحاً فالواقع بلفظ الطلاق طلاق والواقع بلفظ غيره فسخ سواء كان نكاحاً عقدياً أو إيقاعياً كما يلوح من الأخبار لتسميته تزويجاً ونكاحاً وذكر المهر فيه مع عدم التعرض للقبول وإن كان تحليلاً وإباحة فالواقع فسخ العقد سواء كان بلفظ الطلاق أو غيره نعم لو وقع بلفظ الطلاق مع قصد الطلاق أشكل كونه فسخاً ولو أمر السيد عبده بالطلاق فطلق فإن قلنا أن الأمر بالطلاق من السيد فسخ فلا كلام وإلا لزم العبد الطلاق وتجري هنا أحكام الطلاق بطريق أولى والأظهر أن الأمر بالطلاق لا يعد فسخاً لان الأمر بالطلاق يستدعي بقاء الزوجية إلى حصوله فلا يحصل الفسخ قبله ولان المفهوم إرادة إيجاده من العبد فلا يحصل قبله فهذه قرائن قطعية لفظية على عدم إرادة الفسخ والفواسخ تتبع القصود فالجواب عن ذلك بعدم الممانعة بين الدلالة المطابقة على إرادة الطلاق بين الدلالة والالتزامية على الفسخ ولا بين إرادة وقوع الطلاق الشامل للصحيح والفاسد وبين وقوع الفسخ قبله لا وجه له ولا داعي إليه.
سادسها:لو طلق الأمة زوجها ثم باعها المالك أو العكس كفى اعتدادها عن الاستبراء لمشريها وكفى الاستبراء عن الاعتداد ما لم يزد أحدهما على الآخر وبالجملة فتداخل العدة والاستبراء هنا لا بأس به لان المقصود براءة الرحم في الاستبراء فإذا حصل في زمن الاعتداد اكتفى به ولا حاجة إلى الإعادة وذهب بعض أصحابنا إلى عدم التداخل لاصالة تعدد المسبب بتعدد السبب وهو ضعيف لما ذكرنا.
القول في الملك وهو نوعان ملك عين وملك منفعه وهنا مباحث.