پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج26-ص9

ثالثها:الذي يظهر من عموم الأدلة وخصوصها والإجماعات المنقولة أن للبكر البالغة الرشيدة الاستقلال في التصرف بما لها والاستقلال في النكاح مع عدم وجود الأب والجد أو مع وجودهما وعدم قابليتهما للولاية وللثيب بالوطء في القبل من الإنسان الذكر الاستقلال أيضاً بالمال والنكاح إنما الكلام في استقلال البكر الغير موطوءة قبلاً وإن وطئت دبراً بقيت بكارتها أو ذهب بنزوة أو إصبع في النكاح وكان الأب أو الجد موجوداً مع قابليتهما للولاية وكانا غير مضادين لها بمنعها عن التزويج بالكفء فللأصحاب في جواز استقلالها مطلقاً في دوام أو متعة أو استقلال الولي بنكاحها مطلقاً أو اشتراكهما على الإجتماع مطلقاً أو استقلالها في الدائم واستقلال الولي في المنقطع أو العكس واشتراكها مع أبيها خاصة دون غيره من الأولياء أقوال ستة وقد يضاف إلى الأقوال احتمال جواز انفراد كل منهما مطلقاً أو في خصوص الدائم وجواز انفرادها مع حضور الولي دون غيبة واحتمال الفرق بين المخدرات ومن ليس لهن عادة بالكلام في مثل ذلك المقام فلا يجوز لها الاستقلال وبين البارزات فيجوز لهن الاستقلال واحتمال الفرق بين التزويج الأول فلا يجوز لها الاستقلال وبين الثاني فيجوز لها واحتمال الفرق بين أن يمنعها الولي عن كفء معين تهواه فيجوز لها الاستقلال به وبين أن لا يمنعها فلا يجوز واحتمال أن الاستقلال لها منهي عنه لمجرد احترام الولي من غير أن يكون فاسداً واحتمال إمضاء عقد الولي عليها إلا أن لها فسخه إلى غير ذلك من الاحتمالات الممكن استخراجها من الأدلة والأخبار استند القائلون باستقلالها إلى الأصل المتقدم وإلى عموم أو إطلاق ما دل على جواز نكاحهن من غير تقيد من كتاب و سنة كقوله تعالى: ( حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ( سورة البقرة آية (230)، والمطلقة ثلاثاً تحرم من دون ذلك سواء كان مدخولاً بها أم لا وسواء كان الدخول قبلاً أو دبراً وقوله تعالى: (فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ( سورة البقرة آية 232، وقوله تعالى: (ولاَ جُنَاحَ عَلَيْهن فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ( سورة البقرة آية 240،وورودها في سياق المعتدة كتقيد الأخيرة بالمعروف غير ظائر لجواز الاعتداد من الواطء في الدبر وجواز كون المعروف هو التزويج بالكفء وما في السنة كثير وإلى الإجماع المنقول على لسان المرتضى (() وإلى أن البلوغ والرشد مناط التصرف فتخصيص بعض التصرفات دون بعض تحكم ومن المعلوم زوال ولاية المال فتزول ولاية النكاح لتنقيح المناط بينهما ودعوى أن أمر النكاح أخفى وأدق لتوقفه على معرفة الرجال وصفاتهم ومزاياهم وقلّ ما تطلّع النساء على ذلك لقلة مباشرتهن وضعف عقولهن وعدم سدادهن بخلاف المال ممنوعة لكثرة ما يخفى أحوال المال وتظهر أحوال الرجال وقد اكتفى الشارع في الرجال بمجرد الكفاءة ولم يكتف بالمال إلا بالرشد وقد تطلع النساء على جملة من الأحوال مّما لا يكره اطلاق الوليّ عليها وإلى أصالة صحّة العقد الصّادر من البكر وإلى عموم الوفاء بالعقود بناءاً على أن الشك في حصول شرائط العقد لا ينافي التمسك بالأصل كالشّك في حصول المانع والمبطّل للعقد وإلى الأخبار المتكثرة المعتضدة بالقواعد والشهرة المنقولة بل المحصّلة والأصول والقواعد كقوله (() لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت بغير إذن وليّها وقوله (() في البكر التي زوّجها أبوها وهي كارهة: (أجيزي ما صنع أبوك)، فقالت لا رغبة لي فيما صنع أبي قال: (فاذهبِ فانكحِ من شئتِ) وضعفها منجبر بما تقدم وقوله (() الأيم أحق بنفسها من وليها والأيم من لا زوج لها بكراً أو ثيباً ولا ينافيه قوله بعد ذلك والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها لبناء المضارع للمجهول والإعادة لبيان الحكم المترتب عليه وهو كون إذنها صماتها فيكون بقرينة ذلك أظهر من قرائية مبني للمعلوم وقوله في الصحيح شيئاً من البكر وغيرها ولا تنكح إلا بأمرها وحمله على ارادة الجمع دون الاستقلال ضعيف لضعف القول به وكذا حمله على الندب أو على ما لا اب لها وقوله في آخر إذا كانت الإمراة مالكة أمرها تبيع وتشتري وتعتق وتشهد وتعطي من مالها ما شاءت فإن أمرها جائز وتتزوج إن شاءت بغير إذن وليها وقوله في آخر إذا كانت مالكة لأمرها تزوجت من شاءت وقوله في آخر تتزوج الإمراة من شاءت إذا كانت مالكة أمرها ولا شك أن المفهوم من هذه الروايات بقرينة ضم بعضها إلى بعض بقرينة قوله في بيان ملك امرها تبيع وتشتري إلى آخره ان المالكة لامرها هي ما ارتفع عنها الحجر بالمال وشبهة دون النكاح لأن الكلام مسوق لبيان تجويزه فما يقال أن الاستدلال به عين المتنازع فيه للشك في كون البالغة الرشيدة من الأبكار مالكة لأمرها في النكاح ضعيف لأن النكاح غير داخل عموماً ولا خصوصاً لاستلزام دخوله الدور أوالاجمال أو التهافت وقوله (() في حسنة الفضلاء الإمراة التي ملكت نفسها غير السفيهه ولا المولّى عليها أن تزويجها بغير ولي جائز وهي ظاهرة في جواز الاستقلال سواء جعلنا ملك النفس كناية عن كونها حرّة ليغاير قوله (() في الأخبار الأخر المالكة لامرها أو يراد بملك النفس ملك الأمر وسواء جعلنا خبر الإمراة هو غير السفيهه وما بعده وجعلنا جملة أن تزويجها جملة مقطوعة لبيان الحكم الآخر أو جعلنا حملة أن تزويجها هو نفس الخبر ويكون غير وما بعده صفة مؤسّسة إن أردنا بملك نفسها كناية عن كونها حرّة أو موضحة إن أردنا به ملك الأمر ولا يضعف الرواية حينئذٍ كون أن البكر مالكة لنفسها أو كونها غير مولّى عليها أو كون الإمراة مفرد محلّى بالّلام فلا يفيد العموم أو كون عطف المولّى عليها على غير السفيهه من باب عطف العام على الخاص وهو مّما يرهن متن الخبر أو كون قطع الجملة الاخيرة عمّا قبلها ممّا يبعده عن الفصاحة والبلاغة لأنّ كون البكر مالكة لنفسها وكونها غير مولّى عليها في الجملة أمر ثابت وذلك كافٍ في ترتيب حكم النكاح ولو أريد به ملك الأمر وعدم الولاية في النكاح خصوصاً أو فيما يعمه لزوم التهافت أو الدور أو الإجمال كما تقدّم ولأنّ المفرد المحلّى باللاّم يفيد العموم للحكم سيّما عند وقوعه في مقام بيان الأحكام الكلية وسيّما لو فهمنا منه إرادة الطبيعة دون الفرد ولأنّ عطف العام على الخاص لا بأس به وسيّما لو كان لنكتته ونكتته هنا بيان الفرق بين السفيهه والموّلى عليها في الولاية من حيث أنّ السفيهة غير المولّى عليها في غير المال وإن اشتركا في ثبوت الولاية عليهما في النكاح ولأنّ حمل الرواية على قطع الجملة لا داعي إليه وإن ذكر احتمالاَ والأوجه كونه خبراً عن المبتدأ فلا خلل بفصاحته ولا بلاغته واستند القائلون باستقلال إلى قوله ((): (لا نكاح إلاّ بوليّ)، والباء للملابسة كما هو الظاهر وفيه أنه ضعيف السند ولا يدلّ على استقلال الولّي أيضاً فيلزم حمله على نفي الكمال دون نفي الذات الذي هو المعنى الحقيقي أو نفي الصّحة الذّي هو أقرب المجازات جمعاً بينه وبين ما تقدّم وإلى قوله (() “أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليّها فنكاحها باطل وفيه أنه ضعيف السند فلا بد من حمله على الصغيرة أو على المبالغة في عدم الاعتداد بعقدها جمعاً وإلى قوله (() لا تتزوج ذوات الآباء من الأبكار إلا بإذن أبيها وفيه أنه مخصوص بالاب وغير دالٍّ على البطلان لعدم استلزام النهي له وعدم القول بالفصل ممنوع وغير دال على استقلال الولي فليحمل على الكراهة أو على إرادة الصغيرة حملاً لمعنى من على التبعيض ويكون التقيد بالإبكار محمول على الغالب من بكارتهن وإلى قوله ((): (لا تستأمر الجارية إذا كانت بكراً بين أبويها ليس لها مع الاب أمر)، وفيه أنّه دال على خصوص الاب وشموله للجّد ممنوع فهو أخص من المدّعي فليحمل على الندب جمعاً وإلى قوله (() لا تتزوج ذوات الآباء من الأبكار إلا بإذن آبائهن والكلام عليه كما تقدم وإلى قوله (() في الجارية يزوّجها أبوها بغير رضا منها قال ليس لها مع أبيها أمر إذا أنكحها جاز نكاحه وان وكانت كارهة وفيه أنّه لا يعارض ما تقدّم مع أنّه مخصوص بالأب فليحمل على الصغيرة أو على شدّة تأكد استحباب إجازتها لفعل الأب جمعاً وإلى قوله (() لا ينقض النكاح إلاّ الأب ولو لم يكن له استقلالاً لنقضه غيره وفيه أنّه مخصوص بالأب فليحمل على استحباب متابعته جمعاً وإلى قوله (() إذا كانت الجارية بين أبويها فليس لها مع أبويها أمر وقوله (() عن البكر إذا بلغت مبلغ النساء ألها مع أبيها أمر قال ليس لها مع أبيها أمر ما لم تتثيّب وقوله (() لا تستأمر الجارية التي بين أبويها إذا أراد أبوها أن يزوّجها هو أنظر لها وأمّا الثيّب فإنّها تستأذن وإن كانت بين أبويها وفيها مع ضعف السند أنّها مخصوصة بالأب وشاملة للاّم إن أريد بالأبوين الأب والأم فلتحمل على الندب أو على كراهة استقلالها وأن لا تجعل مع أمر أبيها أمر بل تفوّض الأمر إلى رأيه واستندوا إلى الاستصحاب وفيه أنه معارض بأصل الصحّة وعموم الأدلّة ومع ذلك فمقدوح فيه بتبدّل الموضوع وإلى الحكم القاضية بالرجوع إلى الوليّ لكمال عقله وزيادة معرفته ووفور اطلاعه دون النساء غالباً وفيه إنّها لا تصلح لإثبات الحكم الشرعي لأنّها مستنبطة وإنّها تقضي بكون الثيّب كذلك أيضاً وأنها تقضي بولاية جميع الأقارب أيضاً على أنّ زيادة معرفة الرجال على النساء في محلّ المنع ولو دار الأمر بين طرح الأخبار الدالة على استقلالها أو طرح الأخبار الدالة على استقلال الوليّ لحكمنا بطرح الأخبار الأخيرة لضعفها عن مقاومة الأخبار الأولية ويمكن الجمع بين الأخبار بحملها على جواز تولي العقد لكلّ واحد من البكر ومن وليّها إلاّ أنه يندب لها استئذانه ويندب له استئذانها ويمكن حمل الأخبار الأخيرة على التّقية لأنّه مذهب كثير من علماء العامة وإن كان أبو حنيفة على خلافه واستند الموجبون للجمع بين رضاهما إلى الجمع بين الأدلّة من الطرفين وفيه أنّ منها ما هو نصّ في استقلاله ونفي مدخليّتها ومنها ما هو نصّ في استقلالها فلا يمكن الجمع بذلك نعم هو أحوط والاحتياط لا يكون دليلاً مستقلاًّ وإلى ما ورد في استشارة عبد الرحمن للكاظم (() في تزويج ابنته لابن أخيه فقال افعل ويكون ذلك برضاها فإن لها في نفسها نصيباً، واستشارة خالد بن داود موسى بن جعفر (() في تزويج ابنته عليّ بن جعفر فقال افعل ويكون ذلك برضاها فإنّ لها في نفسها حظاً فيفهم من أمره بالفعل واشتراطه برضاها أنّهما مشتركان في الولاية وكذا من قوله (() نصيباً وحظاً فانهما ظاهران في أن الولاية بينهما شطران وفيه مع ضعف السند أنّه لا يدل على اشتراك فلعلّ لها الاستقلال ولكنّه يتولى كما يتولى الوكيل أو الفضولي ويكون نفوذه موقوفا على رضاها ودلالة الحظ والنصيب على الاشتراك انما هو بالمفهوم الضعيف فلا يصلح سنداً للحكم بالاشتراك واستند القاصرون للولاية على الأب دون الجدّ إلى أن المذكور في الأخبار لفظ الأب دون غيره وشموله لغيره مجاز لا يصار إليه وفيه انّه لمخالف للمشهور ولما أطلق فيه لفظ الوليّ فليحمل على ورود ذلك مورد الغالب واستند المفصّلون بين الدائم فالاستقلال للوليّ دون المنقطع فالاستقلال لها إلاّ أن الدائم لكثرة حقوقه وأحكامه من نفقة ومضاجعة مفتقر إلى نظر الوليّ دون المتعه وفيه أنّها حكمة مع أنّها لا تنافي الاشتراك في الولاية لا تصلح للاستدلال لعدم كونها من العلل القطعيّة وإلى رواية القماط عنه (() حين سئل عن المتعة بالبكر بين أبويها قال لا بأس وفيه مع ضعف السند عدم الدلالة على الجواز في المتعة من دون إذن وعلى عدمه في الدائم من دونه وإلى رواية الحلبي قال سألته عن المتعة بالبكر بلا اذن ابويها قال لا باس وفيه مع ضعفه بالقطع وبمعارضة برواية أي مريم في العذراء التي لها اب لا تتزوج متعة إلا بإذن أبيها أنّه غير دالّ على حكم الدائم واستند العاكسون إلى أن المتعة بغير وليّ إضرار بالأولياء وغضاضة عليهم ومهانة لهم والإضرار منفي وفي الخبر عن المتمتع بالبكر قال يكره للعيب على أهلها وفيه أنّه لا ينفي الاشتراك حكمه لا علة قطعية فلا تصلح لإثبات حكم شرعيّ وإلى أن النكاح إنّما ينصرف إلى الدائم فتحمل الروايات الدالة على استقلالها به على الدائم وفيه منع الانصراف لأنّه متواطئ بين أفراده ولا مزيّة لأحدهما على الآخر ولو سلّم فالأدلّة فيه أيضاً متعارضة فلا وجه للاعتماد على أحدهما دون الآخر.