انوار الفقاهة-ج24-ص36
الـسبعون: يحرم نقل ما دخل في رسم المصحف للأخبار المتكثرة المعتبرة في ذاتها والمعتبرة بموافقة الكتاب مما جاء في حرمته وتعظيمه وبفتوى الأصحاب وعدم نقل المخالف والإسناد إلى الصحابة في نهاية الأحكام ففي الخبر أن المصاحف لن تشترى فإذا اشتريت فقل إنما اشتري منك الورق وما فيه من الأدم وحلية ما فيه من عمل يدك بكذا وكذا وفي آخر لا تشتري كتاب الله واشترِ الجلد والورق والدفتين وفي ثالث لا تبع الكتاب ولا تشتره وَبِع الورق والأديم والحديد وفي رابع لا تبيعوا المصاحف أن بيعها حرام واشترِ منه الدفتين والحديد والغلاف وإياك أن تشتري الورق وفيه القرآن مكتوب فيكون عليك حراماً وعلى من باعه حرام إلى غير ذلك وظاهر تعلق المنع بنفس الكتابة جوهرية كانت أو عرضية كلمات أو حروف أو شدّات أو مدّات مجتمعات أو متفرقات مستقلات أو منضمات إلى جلد أو ورق أو غيرهما ويلحق به لفظ الجلالة منفرداً أو منضماً إلى الأسماء العلمية نعم يخرج منه ما دخل في غيره من الكتب بحيث يصدق عليه وعلى غيره كتاب آخر كلفظ المغني مع احتمال أنه لو بيعت كتابة المغني لتبعضت الصفقة وكذا كتب التفسير لو بيعت كتابتها لمكان التبعيض فيها أقوى ولو بيع الجلد والورق وغيرهما مع الكتابة تبعضت الصفقة ولا يتفاوت في حرمة نقل الرسم والكتابة بين البيع وغيره من الصلح وشبهه المعاوضات حتى لو أخذ شرطاً لفسد وأفسد وأما النواقل المجانية كالهبة والنذر والإعراض والقبض فالأصل يقضي بجوازها فدخول الكتابة في ملك المشتري بعد أن ملكها كاتبها بالكتابة ونحوها أما تبعاً تصدياً غير مصرح احتراما أو حكماً شرعياً أو بالإعراض من البائع والقبض من المشتري أو هبة ضمنية وقد يقال أن التحريم المتعلق ببيع القرآن أو كتابته منفردة أو منضمة إلى غيرها أو منضماً غيرها إليها صوري والمراد به التجنب عن جعل المعوض ذلك لفظياً احتراماً للفظ القرآن وكتابة الله وكتابته وإن كان المقصود أصالة بيع الكتابة والرسم فيراد بما عداه من الألفاظ دخول الرسم فيه والقرينة من المتعاقدين ظاهرة ولا يجب في المبيع ذكر أسمه بعد أن عرفت أرادته وقصد في لفظ آخر أو ألفاظ أخر ضمناً وهذا نوع من الاستعمال ليس من الحقيقة ولا من المجاز وعلى الحرمة فالبيع فاسد لتعلق النهي بنفس المعاملة بل لا يبعد فساد البيع مطلقاً ولو أشتمل المبيع على الكتابة وغيرها ولا تبعض الصفقة لقول الصادق ((): (إياك إياك أن تشتري الورق وفيه القرآن فيكون حراماً عليك وعلى من باعه) وحكم جمع بكراهة بيع الرسم دون الحرمة مستنداً للسيرة القاطعة ولإطلاق الأدلة وعموماتها ولا طلاق المنع من بيعه على الكافر المؤذن بجواز بيعه على المسلم مطلقاً ولقول الإمام ((): (إن اشتري أحب إلي من بيعه) ولو كان محرماً المبيع لما حل الشراء وظاهر أحب الجواز والسؤال في الرواية عن المصاحف دون استفصال وفي آخر عن شراء المصاحف فأجاب بذلك ويؤيده أن العقود تتبع القصود فلو حرم بيع الرسم حرم بيع غيره إذ المقصود هو والباقي آلة أو ظرف له تابع وأنه لو لم يدخل في البيع أصالة وصريحاً لما ثبت الخيار مع ظهور عيب في الرسم أو غبن أو خلاف رؤية أو وصف أو تدليس ولما استحق الأرش المشتري ولما رجع للبائع عند إقالة البيع أو الفسخ لعدم دخوله في ملكه بذلك العقد ولكان أمانة في يد المشتري ومع عدم الإعراض ولما صح بيع الحديث والتفسير والنحو المشتملة على الآيات ودعوى أن دخولها في الاسم الآخر أخرجها عن الحكم بقيده إلا أن الأول أقوى لقوة دليله وعليه فالمشترك يدور مدار القصد ولو وقع من غير قصد فإن كان من المختص بالقرآن لحقه حكمه وألا فيلحق بغيره وعلى كل حال فالرسم بنفسه إذا كان معمولاً من الأجسام فيصح بيعه منفرداً أو منضماً ويقدر على تسليمه بتسليم الورق وكذا العكس فيبقى الورق على ملك مالكه والكتابة لمشتريها ويكون حكمه كحكم الشركاء في المهاباة وفي قسمته عند بيع الجميع بالنسبة فيقوم حينئذٍ الرسم مكتوباً بورق فيه ملك للغير لا تجوز إزالته وورق مكتوب فيه رسم للغير لا تجوز إزالته وكذا يقسم مقابل الهيأة الاجتماعية على النسبة ولو كان الرسم عرضاً في القرطاس كما إذا كان النقش منه لم يصح بيعه ولا يبعد أنه يندب التجنب عن اسم الرسم واسم ما أشتمل عليه الرسم في كتب الأدعية والأحاديث ونهج البلاغة بل وكتب الفقهاء المعتبرة فيعبر عنه بالجلد والورق والحديد وما عملته اليد مريداً غير نفس النقوش من الزوائد والأعمال كما هو المراد بالرواية المتقدمة على الظاهر هذا كله في البيع على المسلم وأما بيع المصحف على الكافر فغير جائز وهو باطل سواء كان المبيع نفس الرسم أو المجموع أو الجلد والورق منفردات لعدم القدرة على التسليم أو منضمات للزوم الإهانة ومنافاة الحرمة من غير فرق بين أقسام الكفار ولو كانوا معتقدين صحة نزوله وثبوت نبوة النبي (() ولو كفر المسلم زال حكم الملك عنه على الأظهر ولا يجري عليه حكم العبد المسلم في قهر الكافر على بيعه لثبوت ملكه ولا يبعد الحاق كتب الأدعية والأحاديث بل والفقه في عدم جواز بيع ما يستهان به عند غيرنا من الفرق كبيع التربة الحسينية والسبحة وعاشور وأمثالها ولا فرق بين البيع وجميع النواقل معارضة أو مجانية ولو باع على الكافر كتاباً وفيه آيات من القرآن بطل البيع أو تبعضت الصفقة ويلحق بالقرآن أسماء الله الخاصة به لأن تسليط الكافر على مسماها وسلطانه عليها وهو رجس نجس إهانة وهل يجوز استئجار المسلم على كتابة القرآن الأقرب العدم إن كان له لا لمسلم آخر وأما العكس فجائز إن لم يستلزم الإهانة.