پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج24-ص26

کسب به کهانه

الرابع والخمسون: مما يحرم التكسب به (الكهانة) وهي قسم من السحر كما أطلق عليها ذلك في الأخبار وأن الكاهن ساحر أو قسيمٌ له وحكمها حكمه إجماعاً بقسميه والأخبار ناطقة به ويقتل صاحبه من دون توقف على الاستحلال لأنه ساحر أو بحكمه فتوى ونصاً ولو توقف على الاستحلال لم يكن فرق بينه وبين العاصي الأخر والكاهن آلة للمحرم كآلة اللّهو يجب إتلافها وكسرها ويجوز تعليمها وتعلمها لا بقصد العمل قيل وقلما ينفك العلم هنا عن العمل والمنع في الأخبار منصرف إلى العمل أو العلم بقصده فيبقى مجرد العلم داخلاً في أصل البراءة والكهانة بالكسر قيل هو عمل تقتضي طاعة بعض الجان وبالفتح صناعة وقيل هي تعاطي الأخبار عن الكائنات من مستقيل الزمان وقيل إن الكهانة في العرب يروي أن الشياطين كانت تسترق السمع فتلقيه إليهم وقيل الكاهن من كان له رائي من الجن يأتيه بالأخبار وقيل إن الكهنة منهم من يزعم أن له تابعاً من الجن يُلقي إليه الأخبار ومنهم من يعرف الأمور بمقدمات أسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأله أو قوله أو حاله قيل وعند الحكماء أن من النفوس ما تقوى على الاطلاع بما سيكون من الأمور فإن كانت خيرة فاضلة فتلك نفوس الأنبياء وإن كانت شريرة فهي نفوس الكهنة وذكر من له دربة بعلوم الأسرار والشريعة أن من المعاصي المنصوص عليها الإخبار عن الغائبات بغير قول نبي أو وصي نبي سواء كان بالتنجيم أو الكهانة أو القيافة أو غير ذلك قال وإن كان الإخبار على سبيل التفاؤل من غير جزم فالظاهر جوازه لأن أصل هذه العلوم حق ولكن الإحاطة بها لا يتسرى لكل أحد والحكم بها لا يوافق المصلحة ويريد بجواز ذلك على سبيل التفاؤل هو ما ذكرنا من أن الحدس إذا بينا أنه حدس ولم يعتمد عليه ولم يتخذه صناعة واكتساباً ولم يكن داخله شيء من المحارم من سحر وتسخير واستخدام كان جائزاً ومتى كان عن صاحب من الجن كان الإخبار به حراماً نعم لو فرض أن جنياً صاحب إنسياً قهراً فأخبره بالمغيبات جاز للإنسي أن يخبر عنه مصرحاً بذلك غير قاطع بقوله ولا معتمد على صدقه وحقيقة قوله وقد ينقل في هذه الأعصار أن بعض الناس يتزوجون من الجن ويكلمونهم ويطأون الزوجة ويولدونها ولست أتحقق ذلك فإن كذبوا فقد أثموا وإن صدقوا فقد غنموا لو جوزنا نكاح الجن وإمكان وطئهم وولادتهم منا ودون إثبات ذلك خرط القتاد وقد يقال أن الأخبار عن الرائد الجني ولو مع إسناد الأمر إلى قوله ولو مع الاعتماد عليه والأخبار عن الغيب ولو كان عن قطع ببعض العلوم كعلوم الرمل غير جائز إذا جعله الإنسان ديدناً له وصنعة لتأديته إلى الشك في النبوات وعصمة المعصومين فيؤدي إلى اختلال عقائد العوام سيما الطغام الذين ينعقون خلف كل ناعق نعم لو فعله الإنسان أحياناً لم يكن به بأساً كما يصنعه العلماء في بعض حساب الغالب والمغلوب ومن ذكر أسماءهم وعددها ومن قراءة سورة الرحمن على الشقين إلى أن يلتقيا ومن استخراج بعض أعداد الحروف مع التصريح بها وبالجملة لابد من التأمل التام في هذا المقام سيما في مثل خرافات محيى الدين بل نميمته وزخاريفه ونفثاته ووساوسه وصناعته ومكره والله أعلم.