انوار الفقاهة-ج24-ص25
الثاني والخمسون: مما يحرم التكسب به (القيافة) وهي الاستناد إلى علامات وتقادير يترتب عليها إلحاق بعض الناس ببعض وقد تكون لبعض الناس ملكة فيها وهي من العلوم الحدسية واعتقادها والعمل بها والركون إليها حرام بالإجماع المنقول بل قد يدعى تحصيله ولأنها تشتمل على ما ينافي شريعة سيد المرسلين من لحوق الولد بالفراش مع الوطء وعدم الاعتناء بمشابهة الخلق والخلق والإعراض عن ذلك لتأديته إلى الفضيحة واختلال الأنساب والأنكحة والمواريث وإلى إظهار الفاحشة لعود القريب بعيداً والبعيد قريباً نعم استعمالها في غير الإنسان من الحيوان قد يقال بجوازه ما لم يعارض دليلاً شرعياً كالملك ونحوه أو يكون استعمالها على سبيل الحدس من دون ترتب أثر فيصرح صاحبها بالحدس ولكن مالم يود إلى فضيحة أو فاحشة أو غيبة أو بيان عورة ولا يبعد أنها إن اتخذت صناعة لجلب الدراهم حرمت وإن أظهر صاحبها الحدس فيها وقد تجوز لإظهار حق أو دفع باطل بل تجب وعلى ذلك تحمل الرواية الواردة في رجوع الرضا إلى القافة في إلحاق أبي جعفر (() به أو على معرفة إخوته ولم ينههم خوفاً من التهمة أو على الأمر لما كان مقطوعاً به لم يجب نهي القافة عنه وما في الخبر من نسبة القضاء بها إلى الحدس(() لم يثبت أنه من الأمام (() ونقلها وعملها مع قصد العمل أو الاعتقاد بها لا بأس به والعلم خير من الجهل وأخذ العوض على تعليمها مع ذلك القصد محرم لأن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه ومقدمة الحرام وإن لم تكن من الموصلات إليها على سبيل الجزم لجواز أن يفعل المقدمات وعند أرادة فعل الحرام يتركه ولكن المقدمة المنوي بها التوصل إلى المحرم تحرم من جهة تلك النية وإن لم ترتب عليها الإيصال.
الثالث والخمسون: يحرم التكسب بالعلم ببعض العلوم التي يدعى أهلها أنها تدل على أحوال الشخص وصفاته وما يطرو عليه من مستقبلا ته من الأعراض والأمراض والتزوج والأولاد والأحفاد والغنى والفقر وما أكن بنفسه وما انتقش من صحيفة خاطره فيخبر بذلك على سبيل القطع أو على سبيل الحدس فيكون مكسباً له نعم لو علم ذلك من دون عمل أو لا بقصد العمل كان مباحاً وكذا لو أخبر مصرحاً بأنه حدس قد استفاد من هذه العلوم فلا بأس وكذا لو أخبر عن الملاحم أو عن محيي الدين أو ابن عربي إن لم تكن كتبه كتب ضلال فلا بأس به وبالجملة: (فلا يعلم الغيب إلا الله ولا يعلم ما في بطون الأرحام) وما ينزل به الغيث وما يقع في المستقبل غير الله تعالى أو من خصه بعلم الغيب من الأنبياء والأوصياء فالاستعداد لذلك والتزي بزي الأنبياء مما لا يرضى به رب السماء نعم ربما ينكشف للأولياء بعض المغيبات فيخبرون بها وتكون من الكرامات التي لا تنكر لأهل الطاعات فعلى ما ذكرنا يحرم التكسب والعمل على نحو الصناعة أو الإخبار عن القطع في جملة من العلوم كعلم الكف وعلم الهيأة تركيب الأعضاء بالإنسان وعلم نفس الأعضاء باعتبار تركيبها وكبرها وصغرها وكذا علم الدفة الذي يدعون أنهم يعرفون به أحوال السنة وكذا علم ضرب الحصى وشبهه وكذا علم التفاؤل بالغراب ونحوه من الطيور وكذا التفاؤل بما يقع عند السؤال أو إرادة قضاء أمر من الأمور من سفر وغيره وكذا التفاؤل بما يقع من بعض الكلمات أو بعض السطور في كتب أو رسائل ما عدا النصوص في الكتاب المجيد إذا لم يعتقده أو يتخذه مكسباً وصنعة ولا بد أن يسنده بحيث يرتفع الكذب عن إخباره وكذا التفاؤل بالاستخارة والإخبار بما يستشعر منها إلا إذا أبان أنه حدس ولم يتخذه مكسباً وصنعة وكذا الاستناد إلى عالم الرؤيا فيخبر بالغيب من جهته سواء رآه ابتداءً وعمل أعمالاً ليرى أحوالاً غنى في يد الأحلام لا يستفيده وديناً على الأيام لا يتقاضاه وكذا ما يستخرجون بالاشبار أو باستنطاق بعض قاصري العقول كأهل الخبل والأطفال الصغار.