انوار الفقاهة-ج24-ص6
تاسع عشرها: يجوز الانتفاع بالأرواث الطاهرة وبيعها لحصول النفع بها من غير معارض فتشملها أدلة العقود والبيوع وما ورد من النهي محمول على منها وخصوص الأدلة تقضي به أيضا وأما الأبوال الطاهرة فيجوز الانتفاع للأصل من غير معارض بل يجوز بيعها إذا كانت لها منافع مقصودة لعموم الأدلة وما لم تكن له منفعة ظاهرة لا يجوز نقله وانتقاله وإن جرى حكم الاختصاص عليه وهل تتعلق به صفة الملك وجهان وفي جواز شربها اختياراً قولان أرجحهما العدم لاستخباثها عرفاً إلا بول الإبل فلا يبعد جواز شربه لعدم استخباثه عند أهله ولخصوص الروايات الواردة فيه من غير معارض وقد يحض جواز شربه بالاستشفاء وإن لم ينحصر فيه الدواء فيجوز بيعه لتلك الجهة أو مطلقا بل قد يقال إن بيع غير بول الإبل غير جائز وإن حصلت ببيعه منفعة لأن منافعه نادرة والمنافع النادرة ولا يقبح الاكتساب فيدخل تحت مالا ينفع فيه ولأن منفعته الظاهرة منهي عنها كما تقدم وأن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه ولا يرد أن منفعة العقاقير نادرة فلا ينبغي أن تباع لأن نقول في العقاقير إن منفعتها نادرة الوجود والوقوع يعد كونها منفعة وهذه نفعها نادر الوجود والوقوع لقلة الانتفاع بها مع الحاجة إلى الانتفاع بها والفرق ظاهر ومن الفقهاء من منع بيع البول مطلقاً ومنهم من أجاز مطلقاً وأجاز شربها ومنع الاستخباث المدعى فيها استنادا إلى الأخبار المجوزة لشربها ومنهم من أجاز بيع العذرة مطلقاً للأخبار المجوزة ولأن لها نفعاً في الجملة ومنهم من منعها مطلقاً للأخبار المانعة ومنهم من حمل الأخبار المانعة على اختلاف البلدان أو التقية ومنهم من فرق بين عذرة غير مأكول اللحم فمنعها مطلقاً وبين غيرها فأجازها مطلقاً للأخبار الدالة على جواز بيع العذرة ومنهم من منع بيع الأرواث مطلقاً لأن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه والأرواث محرمة الأكل كالطحال والذكر ومنهم من خص المنع بالنجس لأن الروث لا يستلزم حرمة أكله حرمة بيعه لأنه ليس معداً للأكل ومنهم من أستند في المنع في كثير مما تقدم إلى عدم المالية عرفاً وقد عرفت أن عدمها لا ينافي الملك والتمليك وأن نافى المعاوضة والضمان بالقيمة أو المثل وبعد التأمل والنظر لا يمكن المحيص عما بنينا عليه.
العشرون: تحريم الخبائث وتحليل الطيبات فالمعلوم من أحدهما بالرجوع لأهل العرف فلا كلام فيه والمشكوك فيه يرجع فيه إلى اصل الحل لتعارض أصلي العدم في كل منهما سواء كان المشتبه ابتداء أو كان مشتبهاً في غير محصور وهل بين الطيب والخبيث واسطة أو كلما ليس بخبيث فهو طيب أو بالعكس ويترتب على ذلك أحكام منها أن كلما اعد للأكل والشرب وكان خبيثاً حرم ثمنه لأن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه فيلزمه تحريم المعاملة اللازم لفسادها شرعاً .
الحادي والعشرون: النهي المتعلق بالكل متعلق بالأجزاء التزاماً عرفياً ما لم تبين أن المراد الكل بشرط الانضمام والاجتماع فالنهي عن بيع الميتة نهي عن جميع ما حله الموت من الأجزاء وكذا النهي عن بيع الكلب والخنزير إلا أن الفرق بينهما أن مالا تحله الحياة من الميتة لا يدخل تحت إطلاق الميتة لأن الظاهر منه مجموع ما لا تحله الحياة منها أو المراد جميعها وخرج ما لا تحله الحياة بالدليل الدال على طهارته وجواز الانتفاع به فعلى ذلك لا يخرج عن الملك ما ينتفع به من الميتة من عظم وشبهه ويجوز نقله إذا كان فيه نفع يعتد به بل لو باع الميتة أجمع تبعضت الصفقة على المشتري بالنسبة إلى ما لا يملك منها وما يملك وأما ما لا تحله الحياة من الكلب والخنزير فحكمه حكم ما حلته الحياة .
الثاني والعشرون: ميتة غير ذي النفس السائلة يجوز ملك ما ينتفع به منها وبيعه وشراؤه كدهن السمك والضفادع وبعض لحومها للأدوية وتحريم أكله للاستخباث لا يستلزم حرمة بيعه لعدم انحصار منفعته الظاهرة في الأكل.