انوار الفقاهة-ج23-ص16
إذا أنفسخ عقد المضاربة ففسخه أما من اختيار المالك أو العامل أو منهما معاً أومن بسبب قهري من المالك أو العامل أو منهما كجنون أو إغماء وشبههما ثم أن المال أما أن يكون ناضاً كله أو ناضاً بعضه ثم البعض أما أن يكون قدر رأس المال أو أقل أو يكون غير ناض أصلاً ثم أن المال أما أن يظهر فيه ربح أم لا والربح أما بالفعل كارتفاع القيمة السوقية أو بالقوة كوجود زبون وهو من يشتري بزيادة القيمة ثم أن العامل أن يملك بالظهور أو بالإنضاض أو القسمة فأن كان الفسخ من المالك باختياره وكان المال ناضاً ولا ربح فيه لا بالقوة ولا بالفعل أخذه المالك وعليه للعامل أجرة المثل لاحترام عمله حيث أنه أقدم به على عوض ولم يسلم له وقد كان بتفويت المالك وحيلولته بينه وبينه ويشكل بأنه قد أقدم على عقدها جائز للمالك فسخه في كل وقت ومن جملة الأوقات حالة عدم ظهور الربح وبأنه لم يقدم إلا على عوض محتمل عدمه وجائز للمالك رفعه فأن سلم ملكه وأن لم يسلم فلا شيء له واحتمال أن المالك جعل له العوض عن عمل الحصة المشروطة فيقتضي استمراره على العمل إلى أن تحصل فليس له عزله قبل حصولها فإذا عزله فقد فوتها عليه فتلزمه أجرة المثل كما إذا فسخ الجاهل عقد الجعالة بعد الشروع في العمل ضعيف لتأدية ما ذكرنا إلى صيرورة الجائز لازماً أو الألزام بغير ما تراضى عليه المتعاقدان في العقد وكلاهما لا نقول به والقياس على الجعالة منظور فيه لأنا نقول ذلك في المعتبر عليه أن لم ينعقد إجماع أو مثله عليه ولكن لما كان الحكم مشهوراً بين الأصحاب بل كاد أن يكون متفقاً عليه وموافقاً للاحتياط واحترام عمل المسلم كان القول به متجهاً ولكنه يختص بصورة ما إذا لم ينض المال بعد تقليبه مراراً وطول زمن المضاربة للزوم الضرر على المالك بأبقاء المضاربة وكذا أو انتهى زمانها الذي عينه المالك وأن كان الفسخ من قبل المالك لكن من غير اختياره كجنونه وشبهه فلا يبعد ثبوت الأجرة أيضاً إلاّ أن الحكم بها هنا اضعف من سابقه ولو كان من قبل العامل باختياره فلا شيء له لأنه اذهب حرمة عمله بنفسه حيث أقدم على الحصة في مقابلة العمل ثم فوتها على نفسه ولو كان لا باختياره ففيه وجهان واحتمال ثبوت الأجرة قوي هذا كله إن كان المال ناضاً وإن لم يكن ناضاً ولا ربح فيه جاء فيه الكلام المتقدم إلا أنه هل للمالك جبر العامل على الأنضاض لعموم على اليد ما أخذت حتى تؤدي وقد أخذت نقداً فيجب تأديته نقداً ولأن التغيير كان بفعل العامل فيلزمه إرجاعه إلى ما كان عليه أو ليس له للأصل ولعدم موجب يقضي بعمل لا عوض عليه بعد ارتفاع العقد ولأن التغيير باذن المالك وجهان ولا يبعد الأخير وهل للعامل إجبار المالك على الأنضاض لاحتمال ظهور ربح أو وجود زبون أو ليس له للأصل ولأصالة عدم ظهور ربح وجهان أجودهما التفصيل بين كون الربح مرجواً فللعامل الأنضاض لتعلقه حقه به وبين عدمه فليس له وأما التفصيل بين كون الفسخ من قبل المالك فالأول وبين كونه من قبل العامل فالثاني ضعيف وحكم عدم أنضاض البعض كعدم أنضاض الكل وأن وقع الفسخ وفي المال ربح وكان ناضاً كله فللعامل حصة من الربح قلت أو كثرت وليس له سواها إلا إذا قلت بحيث كانت لا تتمول عادة وكل من طلب منهم القسمة أجبر الممتنع عليها فأن لم يكن ناضاً كله وقلنا أن الربح يملك بالظهور فأن اتفقا على القسمة قبل الأنضاض فلا بحث وإلا فأن طلب المالك أنضاضه وجب على العامل للزوم تأديته على المالك كما كان ولأن استحقاقه الربح وإن كان بالظهور إلا أن استقراره مشروط بالأنضاض فيحتمل عروض ما يقتضي بسقوطه ولأن الأنضاض من جملة أعمال المضاربة التي يملكها المالك على العامل في مقابلة الربح وأن طلب العامل فهل يجب على المالك أجابته لإمكان تمكين العامل من الوصول إلى غرضه الحاصل بالأذن وربما يوجد راغب في شراء بعض العروض دون بعض أو وجد ولكن بنقصان أو رجا وجود زبون يشتري بأزيد فيزيد الربح وليس العامل كالشريك بل له مزية حيث أن حقه يظهر بالعمل والربح عوضه دون الشريك أو لا يجب لإمكان وصول العامل إلى حقه بقسمة العروض وإسقاط باقي العمل عنه تخفيف من المالك لأنه حقه فلا يكلف الإجابة إلى بيع ماله بعد فسخ المضاربة ولأن العامل كالشريك ولا نسلم أن له مزية عليه والشريك ليس له تكليف شريكه بالبيع وجهان أوجههما التفصيل بين ما إذا حصل بالقسمة نقصان في الثمن أو ضرر على العامل ولو بفوات ما يقابل الهيئة الاجتماعية يلزم المالك أجابته وبين ما إذا لم يكن كذلك فلا يلزم والتفصيل بين كون الفسخ من قبل المالك فيلزم الإجابة وبين ما إذا كان من قبل العامل فلا يلزم الإجابة ضعيف هذا كله لو طلب العامل الأنضاض بالفعل ولو طلبه متأخر التوقع موسم له أو نحو ذلك لم تلزم إجابته ولو قلنا بأن العامل لا يملك بظهور الربح وإنما يملك بالأنضاض أو القسمة فالوجه عدم وجوب إجابة المالك بعد فسخ المضاربة لعدم حق للعامل في المال إذا ليس له سوى أجرة المثل والربح الموهوم الكائن بعد القسمة أو الأنضاض مع احتمال أن له ذلك لأنه مالك أن يملك بعد ذلك ولا نسلم أن حقه أجرة المثل بل حقه الربح بعد الأنضاض أو القسمة ولو قلنا أن العامل يملك بهما ولو حصلا بعد الفسخ أتجه لزوم أجابة المالك للزوم تمكين العامل للتوصل إلى حقه ولو كان بعض المال ناضاً فأن كان قدر رأس المال جاز للمالك الاختصاص به على الظاهر لأنه عين ماله قد وصل إليه فأن اختص به فهل له جبر العامل على انضاض الباقي لأنه من أعمال المضاربة المستحقة عليه عوض الربح أو لا يجب لوصول المالك إلى ماله الذي دفعه كما كان فلا حق له في انضاض غيره وجهان ولا يبعد الأخير ولو كان أكثر واختص به فأولى وأن كان أقل كان له إجبار العامل على إتمام راس المال وهل الإجبار على الباقي وجهان وأن لم يختص به المالك جاز إجباره على انضاض الباقي مطلقاً مع احتمال أن العامل لا تلزمه الإجابة إذا رضي له بأخذ رأس المال ويجري هذا الحكم فيما إذا لزمه بانضاض الكل فنض منه قدر رأس المال فقط فأنه لا يبعد أنه ليس له إجباره على إنضاض ولو كان في مال المضاربة دين قد بقي بعد العزل لزم على العامل تقاضيه لعموم على اليد ما أخذت ولاقتضاء المضاربة رد رأس المال على صفته ولأنه أخذ المال ملكاً تاماً فليرده كذلك لأن الدين ملك ناقص وقد يمنع ذلك للأصل ولأن الدين بأذن المالك فلا يلزم بالرد من دون موجب ولمنع دخول هذا الفرد تحت العموم ومنع اقتضاء المضاربة ذلك ثم أن العامل لو عزله المالك ولم يبلغه خبر العزل ففي إمضاء تصرفه كالوكيل لأنها وكالة في المعنى أو لا يمضي تصرفه فيه لعموم الناس مسلطون على أموالهم وجهان أوجههما الأول.
العشــرون الربح وقاية لرأس المال: