پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج23-ص3

المضاربة وكالة في المعنى إلا أنها تفارق الوكالة من حيث أن مبنى عقدها على الاسترباح فكل ما كان غبطة للأسترباح جاز تولي العامل له فله أن يشتري المعيب وله أن يأخذ الأرش وله أن يرد بالعيب كل ذلك مع الغبطة بخلاف الوكيل وكذا له أن يشتري بثمن المثل وبغيره وبالنقد وبالنسيئة وبنقد البلد وبغيره مع الغبطة والمصلحة في ذلك والأحوط أن يقتصر على ما يقتصر عليه الوكيل مع الأذن عموماً وخصوصاً ومال إلى ذلك جمع من فقهائنا (رحمهم الله) والظاهر أن العرف في ذلك يختلف بحسب الأزمان والبلدان فيلزم الاقتصار على ما يقتضيه ومما يقتضيه إطلاق عقد المضاربة أنه بعد تقبيض المال للعامل أن يتولى ما يتولاه المالك من نشر القماش وطيه وعرضه ووضعه في الصندوق وحمله وإحرازه وبيعه وقبض ثمنه والشراء به وحراسته وحفظه وودائه لحفظه ولباسه ونفقته ولو كان من الحيوان وهكذا وكل ما لم تجر العادة بالاستئجار له كحمل الثقيل ووزنه والحراسة والحفظ في الطريق كان له الاستئجار على المالك وله أن يتولى ويأخذ الأجرة على الأظهر وهذا أيضاً يختلف باختلاف الأشخاص والبلدان والأزمنة ولو خالف العامل ما أطلق له المالك كما إذا باع بغير ثمن المثل أو بغير نقد البلد من دون غبطه كان فضولياً فأن أجاز المالك مضى البيع وكان عليه إرجاع الثمن بعينه وإلا ضمنه بمثله أو قيمته لمكان التعدي على مثمنه وأن لم يجز كان عليه ضمان المبيع بمثله أو قيمته لا الثمن المؤجل ولو كان أزيد ولا التفاوت مع النقيصة وذلك لبطلان البيع فيكون حكمه حكم الغاصب وقد يحتمل أنه مع الإجازة لا يضمن الثمن للأصل وضمان المبيع قبل الإجازة لا يقضي بضمان الثمن بعدها وقد يحتمل أنه لو باع بأقل من ثمن المثل لزمه النقصان ولو اشترى بأكثر لزمته الزيادة وعقده يكون صحيحاً على الوجهين لمكان الأذن المطلقة وهو ضعيف كاحتمال لزوم الثمن المؤجل على العامل وأن لم يجز المالك ملاحظة للأذن المطلقة ولا يخفى ضعف الجميع ومن مقتضى إطلاق العقد البيع بنفس العين دون الذمة لما في الشراء بالذمة من الضرر على المالك بتلف الثمن قبل نقده فيبقى المالك مشغولاً به ولأن المقصود من عقد المضاربة المشاركة في الربح ولا يكون إلا إذا اشترى بالعين لأن ربح شراء ما في الذمة ليس ربحاً لهذا المال نعم لو أذن المالك بالشراء في الذمة ودفع ما بيده من مال المضاربة عنه جاز ويستحق قدره من الربح لأن دفع الفرد عن الكلي عمل من أعمال التجارة ولو اشترى في الذمة فضولاً فدفع عنه من أموال المضاربة فأجاز المالك وقع الشراء وكان له الربح وليس عليه للعامل أجرة مثل ولو كان الشراء والدفع بعنوان المضاربة وأن الربح بينهما فأجاز المالك المضاربة صحت مضاربة وملك العامل الربح ثم أن العامل أن اشترى عن المالك لفظاً ونية وقع الشراء عنه ظاهراً وباطناً وأن اشترى عنه لفظاً لا نية وقع عنه ظاهراً لا باطناً وأن اشترى عنه لفظاً لا نية وكان في الباطن للعامل وإن اشترى عنه نية لا لفظاً وقع عنه باطناً لا ظاهراً وكان في الظاهر للعامل ووجب عليه التخلص وكل ذلك مع الفضولية وتعقب الإجازة أو مع الأذن وإلا فيقع الشراء عن المالك باطلاً ولو اشترى العامل في الذمة شيئاً ولم يدفع ثمنه من مال المضاربة ثم باعه وهو في الذمة فربح فيه فأن اشتراه لنفسه كان الربح له وأن اشتراه للمالك وباعه عنه ففي استحقاقه حصة من الربح لأنه من توابع عمل المضاربة ولأنه يفتقر في التوابع مالا يفتقر في المتبوع ولأنه من نيته الوفاء منها وأن لم يف أو عدمه لأنه ليس من ربح مال المضاربة ولا من أثار التصرف فيها فحكمه حكم ما إذا ضاربه ابتداء على أن يشتري عنه في الذمة ويبيع فأنه هناك ليس له إلا أجرة المثل ويظهر من بعض المتأخرين أن المضارب له أن يشتري بالذمة ويفي من مال المضاربة لقضاء العادة بذلك لعسر الشراء دائماً بالعين فيكون الشراء بالذمة من مقتضيات عقد المضاربة ومما يقضي به إطلاق الأذن كما يقضي العقد بما فيه غبطة للربح في المضاربة.

خامسهــا اخذ العامل نفقته من مال المضاربة: