پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج23-ص1

ولابد فيه من إيجاب وقبول ولا يكفي الإيجاب للأصل ولأن المشكوك بكونه عقداً لا يحكم بعقديته ويجزي في الإيجاب الصريح كقارضتك وضاربتك وغير الصريح كخذ هذا واتجر به والربح بيننا نصفين ونحو ذلك وكذا يجزى في القبول للصريح كقبلت ورضيت وغير الصريح كنعم وأخذت لأنه من العقود الجائزة إجماعاً فيكفي فيها بكل لفظ لثبوت التسامح فيها كما يظهر من الفتاوى والأخبار ويجزي في القبول الفعل الدال على الرضا وهل يكفي في الإيجاب الظاهر ذلك إذا تضمن معاطاة لجوازها في اللازم ففي الجائز بطريق أولى وأن لم يتضمن معاطاة ولم يقترن بلفظ كالإشارة والكتابة فالظاهر عدم الاعتداء به وذكر بعضهم أن من دفع مالاً لتاجر على أن يتجر به فأن اشترط الربح بينهما فهو مضاربة وأن اشترط أن الربح للعامل فهو قرض وأن اشترطاه للمالك فهو بضاعة وأن لم يشترطا شيئاً فهو للمالك وعليه أجرة المثل وهو في الأول متجه لأن القراض لا يفتقر إلى صيغة خاصة ويكفي فيه ما يدل عليه ولو بغير الصريح والدفع مع اشتراط كون الربح له لا يدل على القرض وأن كان هذا من أحكامه لاحتمال كون قصده بقاء أمانة عنده ويكون الربح له عوض ذلك أو عطية منه أو نحو ذلك كما أنه قد يشكل ثبوت أجرة المثل في الثالث والرابع لأصالة البراءة وعدم دليل على شغلها سوى الأمر وهو لا يثبت شغل ذمة إلا إذا كان المأمور له أجرة عادة على المأمور به سوى الأمر به عند صدور الأمر لأمثاله وكونه هنا كذلك محل كلام فأن كان فهو في بعض المقامات دون بعض وأجاب بعض المتاجرين عن الأول بأن مرادهم أن اشتراط الربح للعامل لا يكون إلا بالقرض لا أن اشتراط ذلك دليل على القرض على أنه يمكن كونه قرضاً بنفس الشرط لما ورد في الصحيح من ضمن تاجراً فليس له إلا رأس ماله وفي آخر قريب إليه فيمن ضار ضمن المضارب والتقريب فيهما أنه إذا كان مجرد التضمين قرضاً كان اشتراط الربح للعامل أيضاً كذلك لأنه بمعناه وكل منهما من لوازم القرض وفيه أن التنزيل الأول خلاف أيضاً منهم والاستدلال بالرواية غير صالح لاحتماله كونه من التعديات وأنه في الصدر الأول كان مما يدل على القرض وأن الربح بقدر أجرة العمل عند فساد المضاربة وأجاب آخرون عن الثاني بأن العمل ههنا يثبت له أجرة لأن له في العادة ذلك فقد أقدما في صورة الإطلاق على عمل لم يتبرع عامله به عادة كالدلال والسمسار ومن كان كذلك فله أجرة بل وفي صورة ما إذا صرح بالبضاعة كذلك إلا أن يقوم عرف أو قرينة على عدم الأجرة كان يشترط عليه ذلك إما لو صرح بالأجرة فهو مع التعيين إجارة ومع عدمه جعالة ومع فساد أحدهما فله أجرة المثل ويشترط في عقدها التواصل بين الإيجاب والقبول على الأظهر لقيام احتمال الأعراض بدونه فلا ينافيه كونه من العقود الجائزة فيفتقر فيه كل شيء ولا يشترط فيه تقديم الإيجاب على القبول ولا كونهما عربيين سواء كانا بين عربيين أو غيرهما ولا كونهما على وفق العربية ويكفي فيهما الجملة الاسمية والفعلية الماضوية وغيرهما ولا يصح تعليق عقدها لمنافاة التعليق لسائر العقود فلا يكون من العقود المتعارفة ولا يتفاوت بين التعليق على شرط كأنت مضاربٌ إن جاء زيد أو على وصف فلا يصح التأقيت في مبدئها كما يقول أنت مضارب بعد شهر أو بعد مجيء زيد ويصح التعليق على المحقق الموجود كأنت مضارباً إن كنت موجوداً أو أن كانت الشمس طالعة مع العلم بها وتجويز التعليق لكونه من العقود الجائزة كما جوزه بعضهم مطلقاً لأوجه له ولا يصح فيها الترديد ولا ابهام المضارب كمن دخل فهو مضارب ولا الترديد في المال المضارب به ويصح إطلاقها وتقييدها في وقت خاص وفائدته منع التصرف بعده ويجوز أن يقول ضاربتك إلى سنة وله أن يقول: ضاربتك بكذا ولا تتصرف بعد سنة إما مطلقاً أو يقيده بتصرف خاص فليس له أن يتصرف وعقدها من العقود الجائزة لكل منهما فسخه قبل العمل وبعده قبل الأفضاض وبعده إلا أن المالك لو فسخ بعد العمل قبل الأفضاض وبعده ولم يظهر ربح فعليه للعامل أجرة المثل لاحترام عمله ولم يكن في مقابلة عوض ولو فسخ بعد ظهور شيء من الربح وأن قل كان له شطر منه كما إذا جاء الفسخ من غير المالك مع احتمال أن الفسخ لو جاء من المالك قبل ظهور الربح لم يكن للعامل شيء لأقدامه على عقد جائز محتمل لعدم سلامة شيء له إما بفسخ المالك أو بانفساخه أو بنقصان رأس المال بقدر الربح فيكون جابراً له أو لغير ذلك من الاحتمالات فلا يستحق شيئاً ولو كان الفسخ من المالك اضطراراً بجنون أو شبهه ففي استحقاق العامل أجره وعدمه وجهان ولو كان من طرف العامل بجنون أو شبهه فالأوجه أنه لا شيء له سيما إذا كان الفسخ بعد تغليب العامل وظهور خسرانه مرة ومرتين ويصح وقوع عقد المضاربة من المالك لنفسه وهل يجوز أن يضارب لغيره فيجيز الغير فيكون المال أو الربح له فيه وجهان والمنع قوي ويجوز أن يضارب الوكيل والولي في مال الموكل والمولى عليه مع المصلحة لأنفسهما ولغيرهما إلا أن الأحوط في الوكيل الترك سواءً تولى الإيجاب والقبول معاً بنفسه أو وكل غيره في أحدهما ويصح أن يضارب بمال الغير فضولاً عن الغير مع اجارته وهل يجوز أن يضارب بمال الغير عن نفسه فيجيز له الغير فيملك المال أو الحصة وجهان والمنع قوي ولا يكفي في عقدها الإشارة ولا الكتابة إلا مع العجز عن اللفظ فتكفي الإشارة ومع العجز عنها فالكتابة ولا يجب التوكيل عند العجز عن اللفظ أما من الأخرس وشبهه فلا إشكال وأما من غيره ممن عرض له ما يمنع الكلام ولكن يترقب زوال لدهش أو مرض فالأقوى أيضاً أن له الانتقال للإشارة مطلقاً ولكن التوكيل أحوط ولابد في عقدها من قصد اللفظ والمعنى فلا تصح من المجنون أو الطفل والسكران أو المغمى عليه أوالمدهوش أو الناسي أو الغافل أو الجاهل للمعنى أصلاً أوالغالط أو الهازل أو المكره أو الملجأ ولابد من اقتران القصد بصيغة خاصة فلو أتى بصيغ قاصداً حصول المضاربة بأحدها من دون تعيين بطلت ولو قصد المضاربة بالجميع صح الأول وفسد الأخير ولو قصدها بالمجموع ففي الصحة والبطلان وجهان ولو فكك الصيغة على وجه أخل بهيئتها فسد العقد إلا إذا قصد بالمعاطاة ولو فعل حراماً بالنطق كنطق الإمرأة أو لأنه غنى أو لأنه تصرف في ملك الغير كوقوعه من عبد الغير أو في دار الغير صح العقد وان أثم ويشترط وقوع الصيغة من البالغين ويشترط إتمام الصيغة منهما جامعة للشرائط مستمرة من أولها إلى أخرها وهل يشترط سماع كل منهما صيغة الأخر أو لا والأقوى قيام العلم مقام السماع ويشترط في المتعاقدين عدم السفه إلا مع إجازة الولي فالصحة أقرب والأظهر اشتراط قصد الأسماع من كل من المتعاقدين لأوله مع عدمه إلى عدم قصد التأثير والأثر ويكفي معرفة معنى العقد مجملاً وقصد أثره لو صدر أو من بعض العوام.

ثانيهــا عقد المضاربة: