انوار الفقاهة-ج22-ص1
وهي مفاعلة من السقي وتتحقق فيها المشاركة باعتبار صدور الفعل من أحدهما والطلب من الأخر تنزيلاً للطلب منزلة الفعل واشتهرت صيغة المساقاة دون باقي أعمال العامل لأنها الركن الأعظم من أعمال العامل الذي يستحق بسببه العوض سيما في بلد الحجاز وشبهه وحقيقتها شرعاً بناءً على كونها لها حقيقة شرعية أو على لسان المتشرعة كما هو الأقرب لعدم تداول هذا اللفظ في الأخبار الخاصة المعاملة على الأصول الثابتة بحصة من ثمرتها فيملك صاحب الأصول على العامل العمل ويملك العامل عليه أن يعمل ويملك الحصة بعد ظهورها ويملك أن قبله يملك أو العقد الدال على ذلك أو مشتركاً بينهما ويخرج بالأصول المعاملة على الأرض أو المال ويخرج بالثابتة ما لم ينبت أو نبت ولا يثبت عادة كالخضروات والبقول وبالحصة من ثمرتها الإجارة لذلك بشيء معلوم ويتولى ايجابها العامل وقبولها مالك الأصول والعكس لا بأس به على الظاهر ومشروعيتها ثابتة بالإجماع وعمومات الكتاب والسنة وخصوص الأخبار الخاصة الواردة في إعطاء رسول الله (() خيبر بالنصف أرضها ونخلها وصحيح يعقوب بن شعيب عن رجل يعطى الرجل أرضه وفيها الرمان والنخل والفاكهة ويقول اسق هذه من الماء وأعمره ولك نصف ما خرج قال لا بأس إلى غير ذلك وتفتقر إلى صيغة لفظية صريحة في الإيجاب والقبول على وجه الحقيقة أو المجاز المشهور أو غير المشهور أو المشترك اللفظي أو المعنوي مع القرينة المعينة ويشترط في غير المجاز المشهور كونه متداولاً غير منكور في الاستعمال فلا يصح بلفظ الإجارة لبعدها عن الاستعمال في المساقاة مع احتمال جواز ذلك لتقارب معناها ووجود العلاقة ولابد من فعلية الصيغة وماضويتها وقصد الإنشاء فيها وترتيبها وعدم الفصل الطويل بين إيجابها وقبولها وعربيتها للعربي مع الإمكان وما ورد مما ظاهره جواز وقوع الإيجاب بفعل الأمر محمول على أنه من الكلام المتقدم على صدور الصيغة لا أنه هو الصيغة نفسها وتكفي للأخرس الإشارة وكذا غيره ممن لا يمكنه النطق والأحوط التوكيل واكتفى بعضهم بالقبول الفعلي وهو بعيد ويصح الإيجاب بلفظ ساقيتك وهو الصريح بوضعه وفي صحتها مع عدم انضمام عمل السقي إلى الأعمال الأخرى إشكال والظاهر جواز استعمالها فيما يسقى من الأرض أو من السماء ويصح بلفظ عاملتك وعقدت معك عقد المساقاة وسلمت إليك هذه الأصول ونحو ذلك ولكن يشترط انضمام القرينة المعينة ويصح القبول بكل لفظ يدل على ذلك صريحاً كقبلت ورضيت وكناية كتسلمت وقبضت وأخذت وعقدها من العقود اللازمة للأصل والإجماع فلا ينفسخ إلا بالتقايل أو أحد أسباب الأنفساخ ولا تنفسخ بموت أحدهما كما سيجيء أن شاء الله ويصح فيها اشتراط الخيار ويقع فيها خيار الغبن والعيب والوصف ويلزم فيها الشرط السائغ ويجبر المشروط عليه ويتسلط المشروط على الخيار فأن فسخ قبل ظهور الثمرة فلا شيء للعامل في وجه قوي ويحتمل أن له أجرة المثل وأن فسخ بعد الظهور احتمل عود الحصة إلى مالك الأصول وللعامل حينئذٍ أجرة المثل واحتمل بقاء ملكه لها فيكون شريكاً ويشترط في المتعاقدين ما يشترط فيهما في العقود اللازمة من البلوغ والعقل والرشد ويشترط في العوضين القدرة على التسليم وكونهما مما يتمول وكونهما مما لم يكن حراماً عمله أو العمل به وكونهما مملوكين بالأصالة أو بالولاية أو بالفضولية مع الإجارة ويشترط تخيير عقدها فلا يصح فيه التعليق وكونه معيناً وكون العوضين معينين فلا يصح الترديد بين اصلين أو بين عملين أو بين اصلين وعملين على تقديرين أو ردد بين الحصتين على تقديرين كما يقول أن سقيته سيحاً فلك النصف وأن سقيته بالنواضح فثلثان وقياسه على الإجارة باطل لبطلان القياس عليه وهنا أمور:
أحدهــا موت أحد المتعاقدين أو كلاهما:
إذا مات أحد المتعاقدين أو كلاهما لم تبطل المساقاة خلافاً لمن أبطلها بذلك قياساً على الإجارة وهو مما لا نقول به في المقيس عليه ويرده الإجماع بقسمية وعموم الأدلة إذا اشترط المالك على العامل العمل بنفسه فأنه ينفسخ بموته قطعاً فأن كان قبل ظهور الثمرة فلا شيء لورثته واحتمال ثبوت الأجرة قوي جداً وان كان بعد ظهور الثمرة صار ورثة العامل شركاء للمالك لثبوت ملك العامل للحصة والأصل بقاؤها واحتمال أن ملك العامل مشروط استقراره بتمام العمل فما لم يتم العمل ينفسخ ملك العامل بعيد عن القواعد وعن ظاهر الفتاوى وان مات المالك بقي العامل على عمله وأن مات العامل ولم تشترط عليه المباشرة أخذ من تركته ما يستأجر به لإتمام العمل ويتولى ذلك الحاكم أن لم يكن له وصي أو يأخذ حصته من حصته يتساقى عليها شخص أخر بناءً على جواز المساقاة لإتمام عمل العامل وأن لم يتمكن من الحاكم استأجرت شخصاً بنية الرجوع على ماله ويقدم إخراج ذلك على حق الوارث ولو لم يتمكن المالك من الرجوع إلى التركة كان له الخيار في الفسخ فأن فسخ قبل ظهور شيء لم يكن لورثة العامل مع احتمال أن لهم أجرة مثل عمل مورثهم وأن كان بعده احتمل كون الفسخ من أصله فلهم أجرة المثل واحتمل كونه من حينه فهم شركاء والأظهر أن للمالك الاتفاق على تمام العمل والرجوع على الحصة بعد ذلك وليس للمالك جبر الورثة على إتمام عمل مورثهم لأن الورثة يرث ما للميت ما كان عليه نعم له حق في ماله فيتبعه حيث كان ولو مات العامل المشروط عليه المباشرة بنفسه في أثناء المدة وقد ظهر بعض الثمرة دون بعض انفسخ العقد قطعاً وسقط من حصة العامل قدر مثل أجرة الباقي ويحتمل النظر في القدر الباقي ونسبته إلى مجموع الباقي العمل باعتبار الكم والنفع وإسقاط بعض من الحصة نسبته إليها كنسبة الفائت من العمل إلى مجموع العمل.
ثانيهــا المساقاة على خلاف الأصل :