انوار الفقاهة-ج21-ص6
تسلط المالك على ملكه كيف شاء ولأن الزارع بعد المدة لا حق له فيكون إبقاؤه بدون رضا المالك ظلماً نعم لو اتفقا على إبقائه بعوض أو غيره صح لأن الحق لا يعدوهما لكن لا يجبر أحدهما عليه وهو قوي وقد يقال أيضاً بأن المالك ليس له الإزالة مطلقاً لأنه وضع في الأرض بحق فلم يكن للمالك إزالته لحق الزارع كما لو استأجر مدة للزرع فانفضت قبل إدراكه وهل يستحق المالك أجرة مطلقاً وجهان أقربهما أنه يستحق أجرة المثل توفية لحق المالك وجمعا بين الحقين وأن كان التأخير بتفريط الزارع فالأوجه الوسط لصدور التقصير المسقط احترام ماله ولا يستحق شيئاً ولو كان بتفريط المالك فالأوجه الأخير ويضم إليه استحقاقه أجرة المثل اسقاطاً حرمة ماله بتفريطه ولو قبل فيه بالوجه الأول كان حسناً ولو كان بتفريط أجنبي كان الوجه فيه هو الأول ويضم إليه ثبوت غرامة الأرش عليه لحدوثها بفعله ثم أنهما لو اتفقا على الإبقاء بأجرة لزم بيانها كابتداء الإجارة ولو تراضيا على دفع أجرة المثل جاز وعلى تقدير القلع بالأرش أو بغيره فالمقلوع لهما بناءً على أن الزارع يملك الحصة وأن لم ينعقد الحب ولا أجرة للمالك على ما مضى من المدة أن لم ينتفع بالمقلوع لأن مقتضى عقد المزارعة هو قصر الحق على الحصة الخاصة فلا يستحق غيرها مع احتمال وجوبها على الزارع لو كان التأخير بتفريطه لتضيعه منفعة الأرض على المالك بتأخيره حيث لم ينتفع بالمقلوع بل قد يتوجه أكثر الأمرين من أجرة المثل ومن الحصة لو فرض أن للمقلوع منفعة ناقصة عن المعتاد لاستناد النقصان إلى تفريطه أيضاً ولا فرق في كون المقلوع بينهما بين كون البذر من مالك الأرض أو من الزارع أو منهما فيتوجه للزارع الأرش على ما اخترناه لاستحقاقه فيه الحصة كما لو كان البذر منه ولو كان من ثالث ضمن الأرش لهما ولو لم ينمُ البذر فقلعه المالك كان الأرش لصاحبه فقط لعدم اشتراك غيره معه وأما العامل فلا شيء له على كل تقدير سواء كان التأخير بتفريطه أو لم يكن بتفريطه ويشكل فيها لو كان المقلوع لا قيمة له وحكمنا عليه بعدم الأرش لخلو عمله عن العوض حينئذٍ مطلقاً وهو عمل محترم قد أذن فيه المالك ولو شرط الزارع تأخير الزرع إذا لم يدرك بعد المدة بطل الشرط والعقد لمكان الجهالة على القول باشتراط المدة المعلومة واشتراط الزيادة تابع جيء به لاحتمال الحاجة إليه ويغتفر في التابع مالا يغتفر في المتبوع وفيه أن المجموع يكون مدة واحدة فيلزم جهالة الجميع أو صيرورته شرطاً معلقاً وكلاهما فاسد مفسد.
سادسهــا تحمل العامل أجرة المثل عند ترك الزراعة:
لو ترك العامل الزراعة في المدة فأن قبضها بالعقد الصحيح ضمن منفعتها لتفويتها على المالك فعليه أجرة المثل واحتمال ضمانه لمثل الزرع المقدر للمالك عادة غير وجيه لأنه لم يتحقق وجوده ليتعلق بإتلافه ضمان ويلزم العامل الأرش هو ضمان النقصان بترك الزرع كما قد يتفق في بعض الأراضي وأن لم يقبضها فأن كان باختياره فحكمه كالأول وأن كان بمنع المالك فلا شيء عليه لتفويت المالك ماله بنفسه وهل للعامل عليه شيء لتفويته عليه الحصة المقدرة فيأخذ مثلها تخميناً أو يأخذ أجرة مثله في تلك المدة أو ليس له وجوه أقربها الوسط وقد يقال بعدم لزوم أجرة المثل على العامل لو ترك العمل اضطرار لمانع منعه من ذلك لعدم تقصيره حينئذٍ فإيجاب شيء عليه لا يقضتيه العقد ضعيف بخلاف الإجارة إذ الأجرة ثابتة على المستأجر على كل حال وإن قبضها بالعقد الفاسد ضمن للمالك أجرة المثل مع جهل المالك ومع علمه على الأظهر وإن لم يقضيها فلا يبعد ضمانه مع جهل المالك بالفساد لأن التفويت صار بسببه ومع العلم فلا ضمان لعدم الموجب له وعدم دليل عليه.
سابعهــا القدرة على تسليم الأرض أو تسلمها: