انوار الفقاهة-ج20-ص4
رابعها: لا تصح الكفالة معلقة على شرط أو صفة متوقعان ولا على شرط مجهول عند الكفيل أو المكفول للشك في اندراج هذه الكفالة تحت إطلاقات الأدلة وعموماتها نعم لو كان الوصف والشرط محققين حين العقد ومعلومتين عند الكفيل والمكفول له جاز لانتفاء التعليق كان يقول كفلت لك هذا إن طلعت الشمس وكانت طالعة ومعلوم طلوعها ولا يصح الإبهام في الكفالة ولا في الكفيل ولا في المكفول له ولا في المكفول ولا الجهالة بها وإن آلت بعد ذلك إلى العلم كأن يقول لك :كفلت لك من يدخل الدار من غرمائك ويجوز لو كان معلوما واقعا ولو بوصف متقدم كأن يقول كفلت لك من دخل دارك من غرمائك على الأظهر ولو قال كفلت لك زيدا فإن لم أحضره فعمرا فإما قصد الخيار له في الإحضار وعدمه بطل عقد الكفالة أصلا للترديد وإن قصد الجزم بالأول وعلق الثاني على فرض عدم الإحضار بطل الثاني فقط ويجوز إطلاق الزمان والمكان في الكفالة فينصرف في الأول إلى الحلول وفي الثاني إلى بلد العقد ما لم يصرفه عرف آخر كأن يكون بلد العقد بلد غربة أو في طريق فينصرف إلى بلد المتعاقدين فإن اختلف بلدهما وجب البيان ومع الشرط يجب اتباع الشرط مكاناً وزماناً ويجوز التعيين فيهما ومع التعيين فلا بد من التشخيص فلو وقع فيهما ترديد بطل وقد وردت في روايتين معتبرتين أن من كفل بآخر فقال إن جئت به وإلا فعلي خمسمائة درهم أو فعليك خمسمائة درهم كما في نسخة الكافي فإنه يلتزم بنفسه ولا شيء عليه من المال وإن قال علي خمسمائة درهم إن لم أدفعه فإنه يلزمه الدراهم إن لم يدفعه هكذا في واحدة وفي أخرى فيمن يكفل برجل فإن لم يأت به فعليه كذا وكذا درهما قال :إن جاء به إلى الأجل فليس عليه مال وهو كفيل بنفسه أبداً إلا أن يبدأ بالدراهم فإن بدأ بها فهو ضامن وإن لم يأت به إلى الأجل الذي أجله وهما مضطربتا المتن مجملتا الدلالة مخالفتا القواعد من لزوم صراحة عقد الكفالة وصراحة عقد الضمان ولزوم عدم تعليقهما ولزوم عدم جمعهما في عقد واحد لتنافي موردهما بالنسبة إلى المكفول لأن الضمان رافع لشغل الذمة والكفالة مبنية على تحققه ولزوم اتحاد معنى الجملة الشرطية مع تأخر الجزاء وتقدمه مع أن فيهما الفرق بينهما ولزوم كون الجعالة إنما يجعله الجاعل لمصلحته إن جعلنا المال فيهما حوالة لا مال الكفالة ولزوم كون الشرط في أثناء العقد أن جعلنا المال مالا مشترطاً ولزوم تأدية المال مع التأخير والتقدم بل وعدم الذكر على كل حال بعد الأجل إن جعلنا مال الكفالة إلى غير ذلك وحينئذ فطرحهما أحرى والإعراض عنهما أجمل إلا أن أصحابنا منهم من أخذ بالروايتين تعبداً وإن خرجتا عن القواعد فينبغي الاقتصار على المتيقن منهما في الخروج عنها إلا بتنقيح مناط أو شبهه سيما لو قلنا أن ما اشتملتا عليه من قبيل الأسباب الشرعية كالوصية بالجزء والسهم والظاهر من هؤلاء كون المال الملتزم به خارجا عن مال الكفالة ولا تعلق له بما لها ثم أن منهم من قيد لزوم المال بما إذا لم يحضره قبل الأجل ومنهم من أطلق لزومه ومنهم من اخذ بالروايتين للإجماع على مضمونهما ودون ثبوته خرط القتاد ومنهم من علل الأخذ بمضمونهما في الفرق المشتملتين عليه من التقديم والتأخير بأنه يضمن النفس أن بدأ بضمانها ويضمن المال إن بدأ بضمانه وفيه أنه عين الدعوى ومنهم من علل الفرق بأن المال لو قدم كان ضماناً فتفرغ ذمة المضمون عنه فتمتنع الكفالة وإن الكفالة لو قدمت كان الضمان المتعقب لها معلقاً على شرط فيبطل وفيه أنه يلزم منه وقوع الكفالة بلفظ الشرط ووقوع الضمان معلقاً وكلاهما غريب وإن كان الكلام مبنياً على كفالة متقدمة مضمونة كما قد تشعر به الرواية فلا معنى لقوله أن المال لو قدم امتنعت الكفالة لظهوره في تأخرها ويلزم منه أن المال لازم على كل حال مع أنه مقيد لزومه في الرواية بعدم إحضاره على أن الرواية مشعرة على ذلك بصحة الكفالة وإن تأخرت فلا معنى للحكم بفسادها مع التأخير وأيضاً الضمان شروط في الرواية بعدم الإحضار فلا معنى لبراءة ذمة المضمون عنه مطلقاً ويلزم منه أيضا أن المال الملتزم به هو مال الكفالة نفسه لا مال آخر وهو خلاف ظاهر الرواية ومنهم من علل الفرق بان مع تقدم الشرط قد التزم بما ليس عليه كأن يكون عليه دينار فالتزم بعشرة دراهم وما تأخره التزم بما عليه وفيه إنه بعيد عن الرواية لفظاً لظهور الدراهم فيها مع تأخر الشرط بالدراهم الأولية وعن القواعد المتقدمة معنى ومنهم من علل الفرق بأنه مع تقديم الشرط.
تصح الكفالة وتعقبها بذكر المال من باب التأكيد لمقتضاها حيث أن تأدية المال مع عدم الإحضار ومن لزوم الكفالة ومع تأخره يكون ضماناً بناء على صحة الضمان المعلق أو على أن التعليق لغو كما في الإقرار وفيه أنه مبني على أن المال مال الكفالة وهو غير ظاهر من الرواية وإن الضمان المعلق صحيح أو أن التعليق في الضمان كالتعليق في الإقرار والأخبار والكل غير صحيح وأيضا يلزم منه صحة الكفالة بغير اللفظ الصريح أو حذف صيغة الكفالة إيجاباً وقبولاً لا كما تشعر به الرواية وكلاهما بعيد ومنهم من علل الفرق بأن صيغة الكفالة قد وقعت مطوية وإن المال أما أن يراد به نفس المال المتعلق بالكفالة فيكون مؤدى الروايتين صحيحاً لأنه ضامن له على كل حال أن لم يحضره لانه من لوازم الكفالة من الرواية الأولى مثبته للمال على كل حال ولكنه جعل عليه نفسه دون المال في الفقرة الأولى فيما إذا كان قبل الأجل وعليه الدراهم في الفقرة الثانية إذا لم يحضره بعد الأجل كذا الرواية الثانية مثبتة للمال أيضاً على كل حال إلا أنه في الفقرة الأولى بالمفهوم وفي الثانية بالمنطوق والاستثناء فيهما منقطع وأما أن يراد به المال الخارج عن الكفالة فيكون من باب الجعالة الصحيحة ويلتزم بالمال في المقامين مفهوماً في الأول ومنطوقاً في الثاني فإن كانت الكفالة لا تتعلق بالمال فهو التزام وتبرع محض وإن تعلقت بالمال فينبغي الحكم باحتسابه منه عينا أن كان مجانا وقيمة أن لم يمكن وفيه أنه تكلف وخروج عن الظاهر والتزام ما لا يلتزم وتفكيك للروايتين ومنهم من بنى على نسخة الكافي وجعل المال إلزاما من المكفول له لا التزاماً من الكفيل فلا ثمرة له وجعله في الرواية الأولى تصريحاً وفي الثانية تلويحاً وفيه أنه بعيد لفظاً ومعنى وخبط بين الاشتراط والجعالة ومال الكفالة وتجشم بغير دليل.