پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج19-ص67

أحدها : يحكم لمن في يدهما عيناً بأنها لهما على الإشاعة لو تداعيا عيناً يدهما عليها أو تصرفهما فيها سواء وكانت كلها تحت يد كل منهما أو كان كل جزء منها تحت يد واحد ولكنها لا تقبل التجزئة كالحيوان أمّا لو كان كل جزء منها تحت يد واحد وكانت مما تقبل التجزئة كانت الدعوى كدعوى الاثنين على شيء كل واحد بيده واحد وهو يدعي الكل وهو دعوى كسائر الدعاوى يحكم لكل منهما بما في يده وتسمع دعواه على الآخر ويجري عليها أحكام الدعوى المستقلة والحكم بالصورة الأولى يكون فيما إذا ماتا ولم يعلم الحال أو طلب الوارث الحكم من الحاكم على ظاهر اليد لعدم علم الوارث بالحال ويكون فيما لو تداعيا فحلف كل لصاحبه على نفي ما يدعيه صاحبه عليه مما تحت يده بادعائه الكل فيثبت لكل منهما النصف المشاع لأن اليدين بمنزلة يد واحدة والمالكين بمنزلة مالك واحد فيثبت المجموع للمجموع وهكذا لو كانوا ثلاثة فصاعداً ويكون فيما لو نكلا معاً فطلبا الحكم من الحاكم مع نكولهما فإنه يحكم بالتنصيف بأن يكون لكل واحد ما تحت يد صاحبه وكذا لو توقف الحكم بالنكول على اليمين المردودة فحلف كل منهما وكذا يكون فيما لو تداعيا وأسقط كل منهما اليمين عن الآخر أو لم يطلب كل منهما يمين الآخر وكذا لو نكلا معاً عن اليمين المردودة وكذا يحكم فيما لو قامت بينتان لكل منهما بينة إلا ان الحكم يختلف فمنه حكم قاطع للخصومة كالحكم مع اليمين يمين النفي أو المردودة أو مع النكول عن أحدهما أو مع البينة ومنه ما هو حكم على الظاهر وتعاد معه الدعوى عند وجود شاهداً وإرادة اليمين وهو الباقي وللحاكم ان يحكم بالظاهر سيما لو طلبه المتداعيان ولا يفتقر إلى يمين أو بينة ولكنه حكم بالظاهر فلا يقطع الخصومة حتى يستند إلى ما يقطع به النزاع من البينة واليمين وعلى ذلك يحمل ما ورد عن النبي ( فيمن تداعيا في دابة انهما لهما من دون يمين وكذا يحمل كلام الفقهاء المطلقين للتنصيف من دون توقف على يمين يريدون انهم إذا لم يطلبوا اليمين لم يتوقف الحكم بالتنصيف عليه ثم ان الحاكم لو أراد تحليفهما بدأ بتحليف من ادعى عليه أولاً لسبق الحق عليه أو بمن على يسار صاحبه فإن ابتدرا معاً وجلسا على هيئة التقابل اخرج المبتدئ بالقرعة والأوجه ان للحاكم الخيار في ذلك ورأيه متبع ويحتمل تكليفهما بإيقاع اليمين دفعة فمن تاخر عن صاحبه نكل ولكن لم أر من ذكره ثم ان المبتدئ بتحليفه ان حلف رجع إلى الثاني فإن حلف فلا كلام وفي حكمه بالتنصيف فيحلف كل منهما على نفي ما يدعيه الآخر مما تحت يده وان نكل قضينا بالنكول كان الجميع للحالف وان توقف على رد اليمين ردت اليمين على الحالف فيحلف على إثبات ما يدعيه فتعود العين له وان لم بحلف الأول فإن قضينا بالنكول كان حقه للثاني والثاني ان نكل كان حقه للأول وان حلف على نفي ما يدعيه الأول صارت العين كلها له وان لم نقض بالنكول كان على الثاني يمين مردودة من الناكل الأول يبتدئ بها ويمين نفي لما يدعيه الأول عليه فإذا حلف اليمين صارت العين له والأظهر عدم لزوم تقديم أحد اليمينين على الأخرى والأولى تقديم يمين الإثبات لأنه حقه وهل يكتفي بيمين واحدة جامعة بين النفي والاثبات فيقول : والله لا حق لك ولي المال أو لي المال ولا حق نسب إلى ظاهر الأصحاب ذلك والاحوط الأول لأصالة عدم التداخل ولو أقام أحدهما بينة على ما يدعيه وحلف على نفي ما يدعيه الآخر كانت كلها له ولو كانت العين بيد واحد دون الآخر كانت لمن في يده وعليه اليمين للآخر إلا ان يقيم الآخر بينة على إنها له لأن اليد تقضي بالملكية كما هو صريح الأخبار وكلام الأصحاب ولو ادعى كل منهما ما اقتضته يد الآخر من النصف فالأوجه هنا سقوط اليمين ويحكم الحاكم لهما بالمناصفة بموجب اليد لعدم الثمرة في التحليف لبقاء الإشاعة على كل حال ولو كانت العين خارجة عنهما ولا يد عليها ولا بينة تحالفا والخيار بيد الحاكم أو من ادعى عليه أولاً واقتسماها نصفين لعدم احتمال كونها لثالث تنزيلاً لليمين منزلة البينتين المتعارضتين وحيث لا ترجيح يحكم بالتنصيف ولا بد في هذه الصورة وفيما قبلها وفي اكثر الصور الآتية ان يكون اليمين على نفي الكل أو إثبات الكل على طبق الدعوى والجواب واليمين على نفي الكل من كل منهما يمين نفي لأن كل واحد يدعي الكل على الآخر وينكر الكل على الآخر لاقتضاء يد كل منهما الجميع لولا معارضة اليد الأخرى لأن المفروض ا يد كل منهما على الكل فكل واحد داخل خارج بالنسبة إلى الآخر إلا ان اليدين لما اجتمعتا صارتا بمنزلة يد واحدة فالجميع لجميعهما فالتنصيف بينهما أيضاً يكون بموجب اليد وهذا معنى قول الفقهاء ان كل منهما مدعٍ بالنسبة إلى نصف منكر بالنسبة إلى الآخر حيث انهم لاحظوا اقتضاءهما عند الاجتماع فيكون لكل منهما نصف مشاع ولو كانت العين بيد ثالث فأما ان ينكرهما معاً أو يصدقهما كذلك أو يصدق أحدهما معيناً أو يصدق واحد منهما غير متعين أو يقول هي لغير معين غائب أو حاضر غيركما أو يقول : ليست لي ويسكت أو يقول : لا ادري هي لمن وقد حكى الأصحاب ان تصديق من كانت بيده بمنزلة اليد للمصدق لأن إقرار العقلاء على أنفسهم جائز واليد يده فإقراره بما في يده لغيره ملك له ظاهراً ولكن لا يبطل ذلك دعوى المدعي بل تكون كالدعوى على صاحب اليد فإن أقام المدعي بينة سمعت وإلا كان له اليمين على المصدق فإن حلف وإلا رجعت للمدعي بمجرد النكول أو مع اليمين هذا ان صدق أحدهما وان صدقهما كانا متداعين بمنزلة ما لو كانت العين في أيديهما نعم لمن لم يصدقه ان يدعيه بكذب تصديقه وانه يعلم انه له وحينئذ فلو لم تكن عنده بينة كان له عليه اليمين على نفي العلم بل على البت لاطلاعه عليه وكونه من أفعال نفسه فإن نكل حلف من لم يصدق وغرمه المثل والقيمة سواء سلمه بيده لمن صدقه أو أخذه ذلك منه من غير ان يسلمه أمّا مع التسليم فالضمان ظاهر لأنه عمل يده وأما مع تصديقه من غير تسليم فالأقوى ذلك أيضاً لأنه تفريط منه بمال الغير وتسليط للغير عليه وإتلافه بإخباره انه ملك له وكذا لو صدقهما فتحالفا فتقاسماها ثم ادعى أحدهم عليه العلم بأنها له فأقر أو نكل فحلف المدعي فإن عليه النصف يغرمه له فإن أدعى الآخر بعد ذلك فأقر له أو نكل عن اليمين فحلف له أغرم النصف الآخر ولو أنكرهما الزم بيمين النفي لهما أو لكل واحد بيمين والأوجه الأول فلو نكل ردت اليمين عليهما فإن حلفا اقتسما العين وان نكل أحدهما لم يمكن له شيء وصارت العين للحالف نعم للناكل ان يدعي الحالف بعد قبضه إنها له لأن نكوله في الدعوى الأولى لا يبطل حقه من الدعوى على القابض وان صدق واحد لا يعينه منهما كان كما لو كانت العين في ايديهما على الأظهر ويحتمل استخراج الحالف بالقرعة فمن أخرجته حلف يمين نفي وكانت العين له وان نكل ردت اليمين على الآخر فحلف واخذ العين فإن نكلا قسم بينها نصفين والقرعة لاستخراج الحالف لا لاستخراج صاحب اليد ولو كان لذلك لكان بنكول المدعي يكون المال لمن أخرجته القرعة وهو خلاف ظاهر الفقهاء وان قال : لا ادري هي لمن كان بمنزلة من تداعيا على عين لا يد عليها إلا ان أمرها هنا يؤول إلى الحاكم فلا بد من إثبات انهما لهما في الجملة وان قال: هي لغائب وقفت الدعوى إلى يحضر الغائب أو يقيما بينة إنها لهما في الجملة ولهما عليه اليمين على انه لا يعلم إنها لهما وان قال : هي لحاضر كانت له وكانت الدعوى مع الحاضر ولهما عليه اليمين على نفي العلم ان لم يكن لهما بينة ولو قال : هي لغيري الزم البيان وان قال : ليست لي لا يقنع منه بذلك حتى يبين هي لمن لأن قوله ليست لي محتمله إنها لهما ولغيرهما مما يعرفه ومما لا يعرفه وان اعترف بها للحاضر فكذبه الحاضر صار من قبيل مجهول المالك يرجع إلى الحاكم ولو قال لغائب فحلفه المدعي على ذلك فحلف فلا كلام وان لم يحلف فحلف المدعي فهل يغرم للمدعي المثل والقيمة وتبقى العين إلى ورود الغائب أو يدفع العين ويغرم للغائب المثل والقيمة ان صدقه الغائب وجهان والأوجه الأول والتأمل .

ثانيها : إذا تعارضت البينات بأن يختلف الشهود في أمر واحد ينفي أحدهما ما أثبته الآخر ولا يمكن التوفيق بينهما كما إذا شهدت أحد البينتين بالملك الحالي لزيد والأخرى بالملك الحالي لعمر أو شهدنا كذلك بالملك السابق أو بالمطلق كذلك أمّا لو شهدت أحدهما بالملك السابق والأخرى بالحالي أو أحدهما بالمطلق ولم يجزئ إلى الآن أو يقول: ولا اعلم له مزيلاً والأخرى بالحالي أو السابق لم يتحقق التعارض لإمكان التوفيق وكذا لو شهدت إحدى البينتين بالبيع مطلقاً والأخرى بالسلم أو بنسيئة أو بخيار أو بشرط لم يتحقق التعارض لإمكان التوفيق بمورد الاجتماع وانفراد الأخرى بالزائد فتقبل لأن الزيادة لا تنافي شهادة الإطلاق بل لو شهدت واحدة بثمن أو مبيع أو عين مستأجره فشهدت الأخرى بالأزيد كما إذا شهدت أحدهما انه باعه البيت أو لعشر أو أجرة كذلك وشهدت الأخرى انه باعه بعضه معيناً أو مشاعاً أو بخمس أو أجره ذلك أو بذلك عمل بالأولى في الزيادة ولم يتحقق التعارض لإمكان التوفيق في الأقل وبينة الزائد لا تعارض بينة النافي والناقض غاية الأمر ان بينة الناقض نافية وهي غير مسموعة بنفسها فضلاً عن المعارض وفي هذا الكلام وجوه يأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى .