انوار الفقاهة-ج19-ص63
سادسها : ويشترط في الدعوى إبرازها بصورة إنها ملزمة للمدعي عليه بالحق فلو أبرزها لا بتلك الصورة لم تسمع سواء أبرزها بصورة ظاهرة بعدم الإلزام أو محتملة للأمرين معاً فلو ادعى أمة وقال : هذه ابنة امتي لم تسمع حتى يقول : وهي ملكي لاحتمال إنها ولدتها في ملك غيره بل لو قال : ولدتها في ملكي لم تسمع لاحتمال إنها ولدتها حرة وقد يقال ان الظاهر هنا تبعية البنت للأم حكماً وخطاباً حتى يقوم دليل على الخلاف وحينئذ فينزل كلامه على الظاهر من إنها ملكي تبعاً لأمها كما يقول : هذا نماء ملكك صريحاً وعلى ذلك بعض الأصحاب نقلاً وعليه فتقبل الشهادة على ذلك النحو ويحكم الحاكم أيضاً على ذلك النحو عملاً بالظاهر بل بالأصل لأن الأصل ان المقتطع من المملوك مملوك مما لم يقم دليل على الخلاف ومثل ذلك ما لو قال : هذه ثمرة نخلتي وبيضة دجاجتي وولد نعجتي ونماء بذري وهذه منفعة داري ومثلها في الإقرار لو أضافها للغير سيما لو قال صورت أو اصلها في ملكي أو في ملك غيره بل هذه أولى من الحيوان لطرو الخروج عن الملك في نمائه لأن النطفة لا تملك فيضعف فيه الاستصحاب ولا فرق في ذلك بين الدعوى والإقرار والعرف حاكم في الاثنين انه اعتراف في الملك أمّا لو قال : هذا دقيق حنطتي أو اقر بذلك أو غزل قطني أو ثوب غزلي أو حبل خوصي أو كوز أو آجر طيني ونحو ذلك فلا شك في كونه دعوى بالملك حكماً وخطاباً ما لك ما لم يفصل بينهما لأن الأصل والنماء النوع هنا شيء واحد والفارق بينهما الصورة وقد يجعل البذر من هذا القبيل في وجه ومثله الأجزاء كما يقول : صوف نعجتي وأحجار داري بل وأبوابها فإن الإقرار والدعوى صريحان به وفرق المحقق بين صحة الدعوى ونفوذ الإقرار في مثل قوله: بنت أمتي ولدتها في ملكي أو ثمرة نخلتي فلم يسمع الدعوى فيها إلا مفصلة فيقول : وهي ملكي للزوم التصريح التام في الدعوى واكتفى بالإقرار بمجرد قوله ذلك من دون إضافة قوله : وهي ملكي لعموم الإقرار جائز وللشك في عموم سماع الدعوى ويشكل الفرق بين الدعوى والشهادة بها وبين الإقرار في نفوذ الأخير وعدم سماع الأول بل قد يقال انه ان لم تسمع الدعوى لم يسمع الإقرار وان سمع الإقرار مجملاً ويستفسر الحاكم بعد ذلك سمعت الدعوى ويستفسر الحاكم من المدعي والشهود قبل الحكم أو بعده وان سمع الإقرار المطلق سمعت الدعوى المطلقة ويرد أيضاً عليه انه لو سمع الإقرار وكان إقرار بالملك كان تعقيبه بقوله : وهي ملكي غير مسموع لأن تعقيب الإقرار بما ينافيه أو ينافي ظهور الخطاب منه ملغى إلى ان يفرق بين الخطابات ظهور أو صراحة فالظاهر الصريح لا ينافيه ما تعقبه وغير الصريح يعود عليه بالنقض وهو ما كان قابلاً لوقوع المقيد بعده والصريح هو ما تم وكان ما بعده كالكلام المستأنف وحينئذ فقوله : وهو ملكي غير منافٍ للأول بل قيد له وبالجملة فالظاهر من الفرق عند الفارق هو لزوم الصراحة بدعوى الملكية في الدعوى كي يترتب عليها الشهادة والحكم بخلاف الإقرار فانه يحكم عليه بما اقر به فإن بقي على إجماله الزم بتفسيره وان ظهر منه شيء ولم يعقب بما ينافيه اخذ بذلك الظاهر وان عقبه بما ينافيه سقط حكمه وان كان صريحاً في الملك ثبت عليه ولا يسمع بعد ذلك منه سقط حكمه وإن كان صريحا في الملك ثبت عليه ولا يسمع بعد ذلك ما ينافيه فلا يخلو من تأمل نعم قد يقال إلى ما يملك من النماء لا بد من تقييده بحالة الملك لعدم دلالة الإضافة على كونه نماء حالة الملك وهو جيد لكن الظهور لا ينكر القول في التوصل إلى الحق وفيه أمور:-