انوار الفقاهة-ج19-ص37
الثلاثون : تركة الميت مع الدين المستغرق أو ما قابل الدين من تركته من غير المستغرق تبقى على حكم مال الميت إلا ان يوفى منه دينه وان جاز للوارث الوفاء منها أو من غيرها وفاقاً للأكثر وقيل تنتقل إلى الورثة ولكن لا يجوز له التصرف فيها إلا بعد الوفاء والإبراء أو إذن الغرماء والأظهر الأول لظواهر الأدلة من الكتاب والسنة حيث جعلت ملك التركة بعد الموت القاضي به اللام الظاهرة في الملك أو الاستحقاق بعد الوصية والدين ودعوى ان اللام مستعملة في الملك المستقر دون المتزلزل بعيد عن ظاهر الاستعمال وصرف للفظ عن ظاهره من غير موجب له وفي الموثق فيمن عليه حق الزكاة قال : يخرج ذلك من جميع المال إنما هو بمنزلة دين لو كان عليه ليس للورثة شيء حتى يؤدوا وأما أوصى به ومن الزكاة فالمشبه به وهو الدين أقوى في الحكم حينئذ وأيضا فاقتران الدين بالوصية يقتضي تساويهما بمعنى اللام ولا ملك للورثة مع الوصية لكذا الدين والمراد بأوهنها الإباحة لا التخيير المانع من الجمع فهي بمنزلة الواو وما استدل به القائلون بالانتقال إلى الورثة من لزوم بقاء ملك بلا مالك مردود أولاً بامكان ملك الميت كالملك عليه ولا نعني بالملك سوى انتساب مال إلى شخص لا يتمكن غيره من التصرف فيه بغير ما يعود إليه من وفاء دينه ونفوذ وصاياه ونحو ذلك وهذا شيء لا ينافي الموت كما لا ينافيه في ديته وفيما تحوزه آلة صيده بعد موته بل قد يلتزم بالملك الحقيقي للميت لبقاء نفسه في غير جسمه كما ورد في الأخبار وثانياً نلتزم بقاء المال من غير مالك للأدلة الصارفة عن ملك الوارث وعدم الدليل على غيره ولا لزوم شرعي أو عقلي بين المال وبين حصول المالك نعم تجري عليه أحكام الميت شرعاً وهو لا يدل على الملك بل غايته يكون بحكم مال الميت لا ملكه والله هو مالك الأشياء وقد ورد في الصحيح في دية المقتول انه يرثها الورثة على كتاب الله وسهامهم إذا لم يكن على المقتول دين وفي الأخبار المطلقة في باب الفلس الدالة على ان من وجد عين ماله فهو أحق به ما يشعر به على ان دعوى انتقال ما أوصى به الميت من حج أو صدقة أو هبة أو وصية لغيره قبل قبولها وكذا مؤن تجهيزه وما أوصى بوقفه أو ببقاء عينه واخراج منفعته للوارث في جميع ما ذكرناه مما يستبعده العقل والشرع فلأن قلت : ان الميت لا يملك قلنا: لا يملك التركة في جميع ذلك أحد ولكنه يجري عليه حكم الأملاك العائدة إليه وبالجملة فالظواهر نافية رجوع الملك للورثة وتظهر الثمرة بين القولين في النماء فعلى القول بانتقال التركة إلى الوارث النماء ملكاً له وعلى القول بعدمه يبقى على حكم مال الميت فيوفى منه ديونه وتنفذ وصاياه ؟؟؟ثم على أي تقدير وسيما على القول بانتقالها إلى الوراثة فهل تعلق حق الغرماء فيها قبل وفاء الدين تعلق مستقل لانفراده عن تعلق غيره مرة وكونه مثله أخرى أو كتعلق الرهن بيد المرتهن أو كتعلق ارش الجناية برقبة الجاني وتظهر الثمرة فيما لو اعتق الوارث أو باع فانه لا ينفذ على الأول لمكان الحجر عليه دون الثاني وقد يعين الأول دعوى الإجماع على منع الوارث من التصرف في التركة فلو كان التعلق كجناية الخطأ لجاز للوارث التصرف والظاهر انه على القول ببقاء التركة على حكم مال الميت تكون بمنزلة الرهن لبقاء ذمة الميت مشغولة في الباقي فلا يمكن ان تكون كتعلق ارش الجناية نعم يمكن حصول الثمرتين بالنسبة إلى الوارث وإن كانت التركة في حكم مال الميت وعلى كل حال لو ظهر منع الامتناع عن الوفاء بطل تصرفه أمّا كشفاً من اصله أو بطلاناً من حينه ولو كان الدين غير مستغرق كان ما قابل الدين بمنزلة الرهن أو ارش الجناية ويحتمل صيرورة جميع التركة وهنا بيد الديان وهو قوي ويوافقه ظواهر الأدلة كتاباً وسنة وعلى كلا القولين فالمقطوع به في كلامهم ان المحاكمة للوارث ابتداء سواء ملك أم لا لأن الملك يعود إليه فعلا أو قوة لو كان الميت هو المالك لأن ملك الميت يعود إليه فهو قائم مقامه ولأنه لو ابرأ الميت عاد إليه الملك وقد يؤخذ كون المحاكمة إلى الوارث دليلاً على ملكه وقد يختص بالإجماع فلو كان للميت دين طالب به الوارث وأقام بينة فإن كانت الدعوى على ميت آخر حلف الوارث يمين الاستظهار في مقام علمه لعود المال إليه فإذا حلف المنكر يمين النفي ذهبت اليمين بما فيها وليس للديان مطالبة بعد ذلك أو تحليفه ولا تجوز مقاصة للغريم لذهاب حقه بيمين النفي الذي استوفاه الوارث مع احتمال ان للديان مطالبة ومقاصة لتعلق حقه بالدين فلا يزول بتحليف الوارث نعم لو ترك الوارث الدعوى مع الغريم فللديان ان يدعيه ولو قلنا ببقائها لتعلق حقه به وإن كان مال غيره على حكم مال الميت ان يدعو غرماءه وان يحلفوهم وان يقيموا بينة على دين الميت ليستوفوه لهم وإذا حلفوا للوارث لم تذهب اليمين بما فيها بل للغرماء تجديد الدعوى كما إذا حلفوا للغرماء كان للوارث تجديد الدعوى ولا تذهب اليمين بما فيها ويجوز للوارث ان يحلف اليمين المردودة ويثبت بها الحق لو قلنا بانتقال التركة إليه وان لم نقل فوجهان والأظهر بل المقطوع به في كلامهم جوازه وأما الغرماء فعلى القول بانتقال التركة إلى الوارث ليس لهم اليمين لأنه لا يجوز الحلف عن غير المالك ولا يجوز للإنسان ان يحلف على إثبات مال لغيره وان لم نقل بانتقالها إلى الوارث ففي جوازها لعود النفع إليهم وان كانت على حكم مال الميت أو عدمه لعدم كونها ملكاً لهم فيكون اليمين لاثبات مال الغير وجهان ولو امتنع الوارث من الدعوى على الدين فهل للديان اجباره على الدعوى وتحليف المنكر ورد اليمين عليه ؟ لو كان عالماً أو ليس له ذلك بل له الاستبدال بالدعوى ابتداء لكونها من الأمور الحسبيه ومن الأمور المتعلقة به العائد نفعها إليه وجهان والأخير أقوى ولو ثبت الدين فامتنع الوارث من استيفائه جاز للديان المطالبة به بإذن الحاكم أو مطلقاً والاحوط الأول ولو حلف غريم الميت لغريمه على النفي في مقام لا يدعيه الوارث ثم بعد ذلك ادعاه الوارث فرد على الوارث اليمين فحلف الوارث اليمين المردودة جاز للغريم الأخذ من يد الوارث وفي جواز أخذه من غريم الميت وجهان من ثبوت رجوعه إليه ومن انه قد ذهبت يمينه بما فيها والأوجه الأول لأن الذي ذهبت اليمين به غير الذي اثبته اليمين المردودة لأنه حق جديد صار له .