پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج19-ص12

المسألة الرابعة : لو تعارضت شهادة التزكية والجرح في تعديل أو تفسيق أو في كونه مقبول الشهادة أم لا لنسب أو غيره أو نحو ذلك فإن كانتا مطلقتين كما تقول أحدهما هو عدل والأخرى انه فاسق أو تقول أحدهما انه مقبول الشهادة وتقول الأخرى مردودها أو فيه ما يمنع قبولها سأل الحاكم عن تاريخهما فإن أرخا متقدماً ومتأخراً عمل على المتأخر إذا أمكن ان يكون ناسخاً للأول كطرو الفسق بعد العدالة أو العدالة بعد فعل الكبيرة بمجرد التوبة أو بعد إصلاح العمل وان ذكر الوقوع والسبق واللحوق ولم يعلما السابق من اللاحق ردت شهادته ترجيحاً لجانب الفسق أو تساقط الأمرين فيبقى مجهول الحال وان دخل معه الشك في الاقتران رجح جانب الفسق وقد يجعل مثل معلوم تأريخ فيهما ما إذا علم التاريخ أحدهما وشك من الآخر فيكون المجهول متأخراً وإن أرخاها في وقت واحد وأطلقا لم يمكن السؤال قدم الجارح لأنه بمنزلة المثبت دون المعدل ولأنه بينة كبينة الخارج ولأنه كالرواية المؤسسة دون المؤكدة مع احتمال تقديم المعدل بناء على تقديم الموافق للأصل وتقدم المقلد دون المؤسس وقد يلحق بعلم التاريخ والأخذ بالمتأخر ما إذا ظهر خبر وتقديم يمكن الجمع به بين المتعارضين كما إذا جرحه أهل بلده فسافر فعدله أصحابه في كفره أو العكس والجمع مهما أمكن أولى من الطرح وإن كانتا مقيدتين مع الإطلاق أو ابتداء فإن أرخهما متقدماً ومتأخراً عمل على المتأخر ومثله ما لو كان أحدهما معلوم التاريخ ومثله ما لو كانا كالمؤرخين كما إذا ذكر أهل بلده سبباً وأهل سفره سبباً فإن أرخاهما في وقت واحد أو جهل تاريخهما فحكم بتأخرهما معاً أو لم يعلم السابق من اللاحق قوي القول بتساقطهما فبعود مجهول الحال فلا تقبل شهادته ولا يحكم بفسقه مع احتمال انه لو كان عدلاً عند الحاكم فجرحه الجارح فقال : رايته يوم الجمعة يلعب بالعود في بغداد فقال الآخر : هذا اليوم معتكفاً معي بمسجد الكوفة تساقطت البينتان فعاد عدلاً ويحتمل بترجيح الجارح مطلقاً لأنه مثبت وخارج أو متشبث بهما ويحتمل تقديم المعدل لموافقته الأصل وحسن الظن ويحتمل تقديم قول المعدل لاحتمال وقوع الجرح خطأ أو نسياناً واحتمال ترجيح أحد البينتين بالأعدلية والأكثرية والأعلمية واحتمال القرعة بعيد هذا كله ان لم يكن قيد الخارج نفياً كما يقول : ما صلى اليوم الفلاني فقال الآخر: صلى معي وان اطلقت أحدهما وقيدت الأخرى فكما تقدم مع تقدم أحدهما وتأخر الأخرى أو ما كان يحكم ذلك من معلوم التاريخ ومجهوله وان كانا تاريخهما واحداً فإن كان سبب الجرح مقدماته قدم على المعدل وان كان سبب العدالة مقيداً بها فإن لم يناف الجرح قدم الجرح عليه ولو كانا مقيدين فيذكر السبب ولكن قول شهادة الجرح إلى النفي قدم المعدل كله بقول المعدل :يصلي الفرائض مع جماعة فيقول الجارح : لا يصلي فريضة أو يقول المعدل : يزكي فيقول الجارح : ترك الزكاة .

المسألة الخامسة : الرشوة محرمة لأنها أكل مال بالباطل إجماعاً كتاباً على العموم وسنة لعن الراشي والمرتشي وورد إنها كفر وضرورة مذهب الشيعة وهي في اللغة الجعل وشرعاً بل لغة دفع المال إلى الحاكم ليحكم له بالباطل كما عن النهاية أو ليحكم له مطلقاً حقاً أو باطلاً كما يظهر من القاموس والمجمع أمّا لو دفع له ليحكم له حقاً كما إذا كان من علماء الباطل فخشي الباطل فخشى منه فدفع له للحكم بالحق فالظاهر إنها رشوة أيضاً نعم يجوز دفعهما للراشي توسلاً إلى تخليص حقه كما يجوز الترافع لتخليص الحق عيناً بل وديناً في وجه إلى غير أهله نعم يحرم أخذها على المرتشي والفرق بينها وبين الهبة والإجارة على الحكم والجعالة والصلح والهبة المعوضة يحتاج إلى بيان أمّا الهدية فيحتمل في الفرق بينهما ان الرشوة ما شرط بأذنها الحكم بالباطل كما يظهر من بعض وهو بعيد كما قدمنا أو ما جعل الحكم فيها مطلقاً شرطاً بخلاف الهدية فإنها استجراب وتميل لقلب الحاكم أو ان الهدية ما بذلت للتحبب والتودد أو العلم ونحو ذلك بخلاف الرشوة فإنها ما بذلت للحكم والفرق بينها وبين الجعل والإجارة ان الرشوة ما صدرت ممن يريد الحكم له فهي ما صدرت من معين ومثله ما لو صدرت ممن لا يريد الحكم ويريد رفعه خوفاً ان يقع عليه وهذا منها اسماً أو حكماً بخلاف الجعالة أو الإجارة فإنها ما يشرطها الحاكم على ما يقع الحكم له أو عليه أو عليهما فهي شرط على غير المعين بعد صدور الحكم منه وتحقيق المسألة يتوقف على بيان أمور هو ان الحكم والإفتاء من الواجبات الكفائية وكذا مقدماتها من سماع كلام المستفتي وكلام المدعي والشهود والتزكية وكذا استفراغ الوسع لهما فدفع المال إلى الحاكم والمفتي أن كان على وجه المعاوضة فإن كان على باطل بطل العوض والمعوض وصار سحتاً وأكل مال الباطل وإن كان على حق فدفع المال على الواجب