انوار الفقاهة-ج18-ص11
عاشرها: لو وضع ما يضعف عن مقاومة السبع بل كل حيوان فقال من صغر أو مرض في مسبعة أو في موضع يأوي إليه ذلك الحيوان ضمن ولو وضعه في غير ذلك الموضع فاتفق قتله احتمل الضمان لأحداث سببه سيما لو علم أنه لو لم يطرح هاهنا لم يقتل واحتمل عدمه للأصل ولاحتمال الاتفاق ولو غصب شاة فمات ولدها جوعاً من جهة عدم الرضاع احتمل الضمان لمال التسبيب ويلحق به كل من منع الأكل أو الشرب عن شخص وهو قوي سيما لو كان المنع بعد توجه الأكل والشرب إليه بحيث لو جنى به إليه أراقه واحتمل العدم لإمكان الاتفاق وعدم تأثير المنع بعلة التلف وهو ضعيف وإلا لما قتل الحسين (() بنو أمية بالعطش ولو منع الحيوان عن الأكل فهو مباشر للقتل وهو أقوى من منع الأكل عنه ولو حبس المالك من حفظ ماله فتلف احتمل الضمان إذا كان سبب التلف منع المالك من الحفظ لتأثيره في علة التلف واحتمل عدمه لضعف التأثير واحتمال الاتفاق وعدم سببية التلف في العرف إلى الحابس ولو تلف المال بمباشر قوى السارق كان الضمان على المباشر قطعاً ولو دلى السارق لم يضمن لضعف سبب واحتمل العلامة الضمان وكذا من شكا إلى ظالم أو وشى شخص فأخذ الظالم ماله فإن الضمان على الآخذ نعم لو كان ذلك مع من لا يعقل كما إذا أغرى مجنوناً أو كلباً أو حيواناً فأتلف المال كان ضمانه عليه ضعف التأثير في علة التلف ولو حل وكاء القربة فسالت ضمن للمباشرة ولو حل وكاء الظرف فسال بعد ذوبه بالشمس أو الريح قوي الضمان لمكان التسبيب واحتمل عدمه لاستناد الفعل إليها وهو ضعيف ولكن الذوبان بريح غير معتادة قوى احتمال عدم الضمان ولو فك القفص من طائر فطار ضمن لمكان قوة السبب وكذا لو فكه عن مجنون وكذا لو فتح الباب عن كل حيوان ضمن ولا يتفاوت وبين مبادرة الخروج وعدمه واحتمل عدمه لاستناد الفعل للحيوان ولو فك القيد عن عبد آبق لم يضمن لأن المباشر هو نفسه واحتمل الضمان لمكان التسبيب في الجملة ويشعر به ضمان من أطلق غريماً من يد صاحبه ومبنى المسألة على ما ذكرنا من المفهوم من الأخبار من تنقيح المناط فيها ضرورة إذا ضمن حافر البئر كيف لا يضمن يلقى الضعيف في المسبعة وفاتح قفص الطائر وهل هذا إلا بعيد كل البعد فالمدار حينئذٍ على تلك الأخبار وعلى حديث الضرار فما صدق في العرف أنه هو الفرد وهو الظالم وهو المقيد وهو المؤثر في إيجاد علة تأثير أثر بحيث لولاه لما علمت علة التلف عملها ضمن وإلا فلا نتماهل.
حادي عشرها:المقبوض بالبيع الفاسد وبكل عقد مبنى على ضمان العقود عليه كالمنفعة في الإجارة والعين في صلح أو بيع مضمون لو ظهر فساد العقد لعموم (على اليد ما أخذت) الشاملة للمأخوذ قهراً وغيره وللقاعدة أن ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ونقل عليه الإجماع في الإثبات والمراد بها أن كل عقد يضمن المعقود لصحيحة يضمن بفاسده من العقود عليه وما لم يكن من المعقود عليه غير مذكور فيها فلا يتوجه عليها أيراد ونقض ولا يتفاوت ذلك بين أن يكون المتعاقدان عالمين بالفساد أو جاهلين أو أحدهما عالم دون الآخر وقد يشكل صورة ما إذا كان الواقع عالماً والقابض جاهلاً من حيث أنه كأنه سلطه على إتلافه وأباح قبضه والإذن المالكية رافعة للضمان بل قد يستشكل في جميع الصور من حيث تسليط الدافع للقابض على ماله وإذنه فيه وكونه كبيع المعاطاة أو الصلح المعاطاة فلا يضمن القابض وفيه أن الإذن كانت على نحو خاص وهي كونها على نحو القبض الصحيح المتعقب للعقد الصحيح فالإذن مقيدة بوجه الصحة ومصاحبة للعقد المبني على صحته ومنبعثه عن عقد زاعمين صحته وليست كالمعاطاة حيث أن المعاطاة قادمين فيها على الإذن بنفس المعاطاة ولهذا لو قد ما فيها على إرادة اللزوم من الصيغة ففسدت الصيغة لم تؤثر المعاطاة وبالجملة فالمدفوع بالعقد الفاسد والمقبوض مدفوع على أنه دفع مل وقبض ملك للمدفوع فهو قابض للملك لا ملك بالقبض حتى ينصرف للمعاطاة بل المقصود التقبيض للملك والمنافع مضمونة بالعقد الصحيح فكذا في العقد الفاسد للقاعدة المتقدمة وللإجماع على ضمان المنافع المستوفاة ويمكن دخولها بعد الاستيفاء تحت ضمان اليد حيث أنها دخلت تحت سلطانه بالاستيفاء ويمكن إدخالها تحت قاعدة من أتلف لأنه بالاستيفاء كأنه أتلف المنفعة والمناقشة متوجهة في كلا المقامين فيمكن أن تكون قاعدة ضمان استيفاء المنافع قاعدة مستقلة ومن جملة ما هو مضمون المقبوض بالسوم معيناً أو ضمن أشياء يختارها أحدهما وهو فتوى المشهور لعموم على اليد خرج منه الإضافات الغير المقبوضة على ذلك النحو فبقي الباقي ولأنه قادم على ضمانه والظاهر أن المقبوض هو المقبوض لأن ينتقل إليه بعد القبض فالمقبوض لأن يراه فأما يشتريه أولا مما قد يشكل دخوله تحت أدلة المقبوض بالسوم.