انوار الفقاهة-ج17-ص39
ثالثهــا: دم الحيض لا يعفي عن قليله وكثيره لفتوى الاصحاب والإجماعات المنقولة في الباب واطلاق الأخبار كالنبوي جسية ثم قرضية ثم اغسليه والامامي (() تغسل ما اصاب ثوبها من الدم والرضوي الناص على وجوب الغسل تقليله وكثيرة والخبر لا تعاد الصلاة من دم لا تبصره إلاّ دم الحيض فإنّ قليله وكثيره في الثوب أن رأه وإنْ لم يره سواء وهذه الأخبار وإنْ ضعفت مجبورة بالفتوى والعمل على أنّ الأخبار العفو منصرفة إلى غير دم الحيض سؤالاً وجواباً لورودها في الذكور والظاهر عدم تلوثهم به والإجماع هنا على المساواة فيبقى عموم المنع في الدم ووجوب الاحتياط في الفراغ اليقين سالماً عن المعارض يلحق بدم الحيض دم النفاس لأنّه حيض في المعنى كما تقدم وللإجماع المنقول وفتوى الفحول والاحتياط وعموم الادلة السالمة عن العارض والأظهر الحاق دم الاستحاضة للإجماع المنقول والاحتياط وصدق كل منهما على الآخر في الأخبار وربما يلحق بدم الحيض دم نجس العين للاحتياط وانصراف الادلة الدالة على العفو إلى غيره ولوورد النهي عن الصلاة في كل شيء مما لا يؤكل لحمه فسيجيء المانع لا من حيث الدم بل من حيث كونه فضلة ما لا يؤكل لحمه أو من حيث تزايد نجاسته وربما يسري المنع لكل ما لا يؤكل لحمه وإنْ لم يكن نجس العين لانصراف الفتوى والرواية للعفو عن الدم من حيث هو دم فلا يسوغ اطلاقة كل مانع ولأنّ الأخبار مسوقة لبيان حكم الدم لا حكم غيره وهو قوي لمن اراد الاحتياط ولكن ابن ادريس نقل الإجماع على مساواة نجس العين لغيره في العفو ومع ذلك فالاخذ باطلاقات العفو عن الدم من دون تفصيل واستفصال مع توفير الدواعي إلى البيان لمكان الحاجة اقوى من الاخذ بعموم النهي عن الصلاة في كل شيء مما لا يؤكل لحمه لقوتها عليه سنداً ودلالة حيث أنّ اكثر الأخبار واردة مورد الفضلات من بول وخرء وشبهها فلا تشمل الدم ودعوى تضاعف النجاسة في نجس العين بحيث يكون للدم من اجلها حكم آخر ممنوعة وبهذا يمكن القول بالعفو عن دم ما لا يؤكل لحمه مطلقاً سيما لو كان طاهراً.
رابعهـا: الأظهر أنّ عدم العفو شامل للمجتمع والمتفرق في الثوب أو البدن أو المجموع منهما لأنّ الثوب والبدن بمنزلة شيء واحد فيلاحظ مجموعها وكذا الثياب المتعددة خلافاً لمن حكم بالعفو عن المتفرق مطلقاً أو بشرط التفاحش ويدل على عدم العفو الاحتياط وعمومات الادلة وشهرة الفتوى به بين المتأخرين والغاء الفارق من حيث كونه نجاسة اصابت ما لا يجوز تلوثه في الصلاة وإنْ قدر الدرهم ملغً وإلاّ لوجب أن يكون على شكله من تدوير أو تربيع وام يكون لا عبرة بالمستطيل جداً ولا قابل به ومن حكم بالعفو استند لمرسل جميل قال لا بأس ما لم يكن مجتمعاً قدر درهم والى الخبر الصحيح يغسله ولا يعيد الصلاة إلاّ أن يكون قدر الدرهم مجتمعاً فيغسله ويعيد الصلاة على أن يكون مجتمعاً خبراً ليكون أو خبراً بعد خبر أو حالاً محققة لا مقدرة لظهور اتحاد زمان الإجماع والكون مقدار درهم مع أنّ تغايرهما شرط في المقدرة ولامتناع المحققة في النقط المتفرقة وايد ذلك بفتوى مشهور المتقدمين أيضاً وفيه أنّ مجتمعاً يجوز أن يكون حالاً محققة ويتناول المتفرق الذي عند اجتماعه يكون قدر درهم كما يتناول المستطيل وشبهه لأنّه يكون المعنى إلاّ أن يكون قدر درهم حال اجتماعه فيقدر المستقيل حالاً للقابلية المحققة فيه فيكون حالاً محققة ويجوز أن يكون حالاً مقدرة بقرينة السؤال عن نقطة الدم واشتراط اختلاف الزمان بينها وبين عاملها بالفعل ممنوع بل اختلافهما ولو تقديراً كاف ولا شك أنّ زمان حصول نقط الدم غير زمان الاجتماع التقديري قطعاً ومتى قام الاحتمال بطل الاستدلال لارتفاع الظهور حينئذ إذا كان الاحتمالاً مساوياً على أنّ المرسل ضعيف وبتايّده بفتوى المشهور بعارضه فتوى مشهور المتأخرين على خلافه بل يمكن أن يقال أنّ الظاهر من قوله (() مجتمعاً في الروايتين هو الاجتماع في الثوب لا الاجتماع في مكان واحد بقرينة السؤال عن نقط الدم في الثوب ويكون معنى الإجماع فيه الحصول فيه وهو معنى لا ينكر من ظاهر اللفظ وبالجملة فالمقام لا يخلو من اجمال فلا يجوز ترك الاحتياط وعمومات الادلة لاجله.