پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج17-ص24

ثالثهـا: يجب العصر في الغسل بالماء القليل في الثياب وكل ما يمكن عصره مما لا ينحدر عنه ماء الغسالة لصقالته كالفرش والصوف والشعر والبسط ويقوم مقام العصر الغمز واللّي والتثقيل فيما لا يمكن عصره أو مطلقاً والدليل على لزومه بعد فتوى الأصحاب وظاهر الإجماع المنقول في الباب والشهرة المحصلة وعمل المتشرعين واستصحاب حكم النجاسة إنّ غسل ما يرسب فيه ماء الغسالة لا يتبادر منه إلاّ دخول العصر فيه أما لأنّه جزء تضمني له أو لأنّه شرط في صدقيه أو لأنّه الفرد الظاهر من الأوامر التي يراد بها التنظيف المنصرف إليه الإطلاق ولا أقل من الشّك في تحقق ماهية الغسل بدونه والأصل عدمه لكونه بالنسبة إليه كالمجمل وما شك في جزئيته جزء عند تعلّق الشّك في تحقق الماهية والأخبار الفارقة بين الصب والغسل كالخبر الآمر بالصب على الجسد والغسل للثوب والآخر في بول الصبي يصّب عليه الماء وإنْ كان قد أكل فاغسله غسلاً والآخر عن الثوب إن أصابه الكلب برطوبة فاغسله وإنْ كان جافاً فصب عليه تدل على دخول العصر فيه إذ لا قائل بدخول غيره من المميزات على أنّ ماء الغسالة نجس والمتيقن من تطهيهر الثوب وطهارة ما بقي منه من الأجزاء المائية هو ما كان بعد عصره لا قبله وإنْ أجزاء النجاسة يستصحب وجودها ولا يحصل اليقين بخروجها إلاّ بيقين عرفي أو شرعي كالعصر وشبهه والأقوى بعد القول بلزوم العصر إن يحكم بلزومه بعد كل غسلة متعددة أو متحدة فلا يكفي عصر واحد بين الغسلتين فيما يجب في التعدّد وإنْ لا يجزي الجفاف عنه بشمس أو غيرها وإنْ يتعقب الغسل ولا يتراخى عنه بزمان يجف به من الماء ما يعتدّ به ولا يشترط المبالغة فيه بل يكفي الحد الوسط وما يخرجه القويُّ بقوة بعد ذلك فهو طاهر طهره الانفصال هذا كله في الماء القليل وأما الكثير فالأظهر الاكتفاء بمجرد استيلائه على المتنجس من دون عصر مطلقاً إلاّ إذا توقف إخراج أجزاء النجاسة عليه فيلزم من باب المقدمة ونسب إلى المشهور ذلك بل الظاهر أنّ الشهرة عليه بل قيل أنّه موضع وفاق ويدل عليه أنّ العصر لإخراج ماء الغسالة النجس والماء لم ينجس في الكثير وإنّه لإخراج أجزاء النجاسة القاصر عن إخراجها مجرد انصباب الماء القليل أو لا يبقى جزء مستهلك بعد زوال الغير في الكثير كي يفتقر إليه ولأنّ النجاسة لو كانت منفردة وقد ذهبت عينها لاستهلكت فيه فبالأولى إذا كانت قائمة بجسم آخر ولكنُّه يشكل على ما ذكرنا من دخول العصر في مسمى الغسل لأنّ الحكم يتفرقه العرف بين دخول العصر في القليل دون الكثير تمحل سيّما لو كان كل منهما راكداً ولكن أحدهما كرّ والآخر دونه بكف فإنّ الحكم بتسمية استيلاء الأوّل على الثّوب غسلاً وإنْ لم يعصر دون الثّاني تحكم فإنّ الاحوط العصر في الكثير سواء كان جارياً أم لا ولو كان في نفس الماء كفرك الثوب داخل الماء ويصير الفرق بين الكثير والقليل هو جواز العصر داخل الماء في الكثير دون القليل لو جوزنا ورود المغسول عليه ولا يجب الدلك في غير الثياب ونحوها من جسم أو آنية إلاّ إذا توقّف ازالة النجاسة عليه لاطلاق الأخبار وفتوى الاصحاب وعدم دخوله في مسمى الغسل كأصل البراءة منه فالقول باعتباره للاستظهار في رفع النجاسة (ولرواية عمار) في قدح الخمر لا يجزيه حتى يدلكه بيده ضعيف لعدم وجوب الاستظهار وعدم توقفه على الدلك ولضعف الرواية عن مقاومة ما قدمناه ولاختصاصها بالخمر وقدح الخشب ولا يبعد لصوق اجزاء منه فيه موقوف زوالها على الدلك ولإمكان حملها على الندب جمعاً وقد يظهر من بعض الأخبار وافتى به بعض الاصحاب كفاية الصب في المحشو وشبهه عن التثقيل والغمز كقوله (() في الصحيح عن الفراش المحشو قال (يغسل ما ظهر منه في وجهه) وفي الموثق عن الفرو وما فيه من الحشو قال (اغسل ما اصاب منه ومس الجانب الآخر فإنّ اصبت مس شيء منه فاغسله وإلاّ فانضحه بالماء) وفي الآخر عن الفراش كثير الصوف فيصيبه البول قال (يغسل الظاهر ثم يصب عليه الماء في المكان الذي اصابه البول حتى يخرج من جانب الفراش الآخر) ولكن حملها على ما افتى به المشهور ودلّ عليه الاحتياط وساعده العرف من إرادة المعنى الحقيقي من الغسل المذكور فيها المركّب من الصّب وأخراج ماء الغسالة بدق وغمز وشبههما أولى سيّما وفي الأخيرين ما يشعر بذلك مقابلة النضح للغسل في الأوّل والصّب للغسل في الثّاني وقوله (() فيه (حتى يخرج من الجانب الآخر وخروج الماء المصبوب بعد صبّهِ غسل).