پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج17-ص23

ومنهـا: أن حكم التعدد هل يخص القليل فقط لظهور الأخبار به ولرواية المركن وحكم الكثير الراكد لحكم الجاري في سائر الأحكام ولأنّ النجاسة لو دخلت بنفسها الكثير لاستهلكت به فكيف لو دخلت مستهلكة في المتنجس ولإطلاق أدلة الغسل خرج القليل لانصراف أخبار المرتين إليه وبقي الباقي وللسيرة القاضية بطهارة الأجسام عند ملاقاتها للكثير من غير اعتبار التعدد كأراضي الحياض والحمامات والأنهار والآبار وغيرهن حتى يعدون الملزم للتعدد من أهل الوسواس أو يخص الراكد فقط ولو كان كثيراً لاختصاص الرواية بالجاري فلا يتسرى إلى غيره أو لا بد من التعدد في الكل لإطلاق الأخبار واستصحاب النجاسة أو الفرق بين ما تعاقبت الجريات فيه فيطهر بالمرة لكونه كالمتعدد وكذا ما حرك الإِناء فيه من الكثير وبين ما لم يتعاقب فيحتاج إلى التعدد وجوه وأقوال أقواها الأوّل، ويؤيده أنّه فتوى المشهور وربما يظهر من بعضهم نقل الإجماع ولا يتفاوت في هذا الحكم بين ما يحتاج إلى العصر وبين ما لا يحتاج إليه.

ومنهـا: أن حكم التعدد هل يختص ببول الإنسان لانصراف الأخبار إليه وأصالة البراءة من التعدد أو يعم كل بول ما لا يؤكل لحمه ولإطلاقها والشك في الانصراف لأنّ كثرة الوجود لا تستلزمه وللاحتياط اللازم بعد ثبوت النجاسة ولقوله (() عن بول السنور والكلب والحمار والفرس قال (كأبوال الإنسان) واشتماله على ما لا نقول به لا يرفع حجية في الباقي والأخير أقوى ونسب للمشهور.

ثانيهـا: لا يجب التعدد في الغسل في غير البول من أنواع النجاسات عدا ما استثنى لإطلاق الدليل وفتوى الأصحاب (وَيُريدُ الله بِكُمُ اليُسرَ) ولحصول الغرض من التنظيف المقصود من الأمر بالغسل ووجوب التعدُّد من البول للدليل وقيل بالوجوب للإحتياط ولمفهوم الموافقة أو الأولويّة لأنّ غيره أشدُّ تأثيراً منه ولما ورد أنّه ذكر المني فشدده وجعله أشدُّ من البول ولفحوى التعليل من بعض الأخبار في غسل البول مرتين فإنما هو ماء وفي الجميع نظر لمعارضته دليل الاحتياط بما ذكرنا مضافاً إلى أنّه لو كان حكم سائر النجاسات كذلك لما خفي مع توفر الدواعي إلى بيانه ولما خَصّ التعدُّد في الأخبار بالبول دون غيره ولإلغاء مفهوم المساواة والأولوية في أحكام النجاسات كما يرشد إليه أحكام البئر وغسل الولوغ وشبههما ولإختصاص الرواية في المني دون غيره ولظهورها في المبالغة دون الحقيقة وإلاّ لزادَ عليه ولظهورها في شدة النّفرة والنّجاسة وهما لا يستلزمان تعدد الغسل أو في شدة اللزوجة المحتاجة إلى فرك ودلك ونحوها لا إلى مجرد التكرار ولعدم ظهور التعليل في الرواية الأخيرة في خفة البول كي يكون الحكم في غيره اشد فلعله تعليل لشدته لأنّ الماء ينفذ في الجسم ويدخل في جميع أقطاره على أنّه يلزم منه ومن الرواية السابقة زيادة غير البول عليه ولا قائل به ممن يعتد به ومع ذلك فالاحتياط في التعدد سيما فيما له قوام وثخن كالمنّي والدّم مما لا ينبغي أنّ يترك بل أفتى العلامة(() بلزومه.