انوار الفقاهة-ج17-ص19
سابعهـا: الإسلام مطهر للكافر إجماعاً محصلاً ومنقولاً ولفوات وصف الكفر المتيقن للنجاسة عند الإسلام فيتبعه حكم النجاسة ولا يجري الاستصحاب هنا لتبدل الموضوع لأنّ الحكم معلق على النوع لا على الشخص نفسه ولأنّ الإسلام يجب ما قبله وسؤره احب من ركو ابيض مخمر ويتبعه في الطهارة عرقه ورطوباته المتصلة به بل ولا يبعد إلحاق ثيابه المتصلة به حال الإسلام وأما ثيابه المنفصلة وفراشه وأوانيه وجميع ما باشره حال الكفر فالظاهر بقاؤه على النجاسة وهذا حكم جار في جميع أنواع الكفر إذا اسلم عنها صاحبها ما عدا المرتد الفطري الذي لا توبة له فإنّه يبقى على نجاسته ويتعلق به الخطاب بالإسلام والخطاب بالفروع وإنْ لم يمكن وقوعها منه لوقوع نفسه في ذلك بالاختيار وما بالاختيار لا ينافي الاختيار ولا نريد بتعلق الخطاب والتكليف به الحقيقيين كي يلزم التكليف بالمحال وخلو الخطاب عن الفائدة كما أورده بعضهم بل نريد به الخطاب العقابي بمعنى أنّه يعاقب على ترك الإسلام والفروع وإنْ لم يكونا مقدورين له لصدور الكفر منه بالاختيار وقد يقال أنّ المرتد الفطري يقبل من الإسلام والعبادات ويعود طاهراً بعد إسلامه لعموم أدلة العقل والنقل الدالة على حسن التوبة وفضله تعالى وسعت رحمته وعموم التكليف لكل أحد وإنْ المسلم طاهر لا ينجس وإنْ الله تعالى إما أن يسقط عنه التكليف أصلاً وهو مخالف لعموم الكتاب والسنة وإما أن يكلفه فيأتي بما كلف به ومع ذلك لا يقبله منه فهو مناف لظاهر الدليل العقلي والنقلي أيضاً من أنّه لكل امرئ ما سعى ومن يعمل مثقال ذرة وأما أن يكلفه بمشروط ولكن لما لم يأتِ بشرطه كان فاسداً فهو أيضاً مناف لظواهر الأدلة العقلية والنقلية من قبيح الخطاب بالمشروط مع علم الأمر بانتفاء شرطه والتزام أنّه قد فوت الشرط باختياره فيصبح تعلق الخطاب به ممنوع لأنّ التكليف العارضي كالتكليف الأصلي لا يجوز تعلقهما بما لا يطاق والتعلق بان الخطاب والتكليف عقابين لا حقيقيين خلاف ظاهر الكتاب والسنة الدالة على الخطاب والتكليف أوّلاً وعوده إلى نفي التكليف والخطاب عنه ثانياً وهو مناف لأدلة العقل والنقل ظاهراً فلم يبق حينئذ ما ينطبق على قواعد العدل وعموم الكتاب والسنة سوى القول بقبول توبته وبصحة عباداته وبطهارة بدنه لتوقف صحة عباداته عليها ولدخوله في المسلمين المحكوم بطهارتهم وما دل على وجوب قتله مطلقاً وبينونة زوجته وقسمة مواريثه مطلقاً لا يدل على نجاسته ولا على بقاء كفره لجواز عدم قبول توبته بالنّسبة إلى الأحكام الثّلاثة الأوّل دون الطّهارة والنجاسة ودون قبول توبته باطناً ودون قبول عباداته واقعاً جمعاً بين ما قضت به القواعد وبين ما دلت عليه الأخبار من لزوم قتله وبينونة زوجته وقسمة مواريثه والمقام لا يخلو من إشكال.
ثامنهـا: زوال عين النجاسة الخارجية والداخلية عن بدن الحيوان الصامت مطهر له لفتوى الأصحاب والإجماعات المنقولة في الباب ولزوم العسر والحرج المنفين لولاه والسيرة المستقيمة القطعية على مباشرة الحيوان مع العلم بتلويث رجليه ويديه وتلويث مخرجيه من عذرة أو بول أو مني وتلويث فمه من أكل الجيف والعذرات وتلويث جسمه بالدم والقذرات مع عدم بقائها وزوالها من دون غسل عن المباشرة وتجنب عن ماء شربت منه أو وقعت فيه مضافاً إلى ما جاء في الأخبار ومن طهارة سؤر الهرة ونحوها وطهارة الطير إلاّ أن يرى في منقاره دماً ونحو ذلك بل قد يدعى أنّ بدن الحيوان لا ينجس أصلاً ورأساً لأنّ دعوى أنّ كل نجس ينجس كل شيء حتى الحيوان محل كلام والاستقراء والإجماع الدالان على نجاسة المتنجسات وكذا الأخبار عامة لغير الحيوان وشمولها للحيوان غير ثابت من نص أو إجماع والأصل الطهارة.