انوار الفقاهة-ج17-ص17
خامسهـا: الاستحالة وهي الانتقال من حقيقة إلى حقيقة أخرى لا مجرد طريان اسم آخر كالحنطة والدقيق والعجين والخبز وهي مطهرة في الجملة إجماعاً محصلاً ومنقولاً بل كلما دل على طهارة الأشياء أو طهارة المستحيل إليه من ملح كاستحالة الكلب ملحاً أو حيوان كاستحالة النطفة حيواناً أو دوداً أو تراباً كاستحالة العذرة أو الميتة أو الدم دوداً أو تراباً أو روث حيوان آخر أو دمه أو فضلته كاستحالة الماء النجس بولاً لما يؤكل لحمه أو الطعام النجس روثاً له أو الدم النجس ما ليس له نفس سائلة كالبق والبرغوث أو جزء من البقول والخضراوات كاستحالة الماء النجس جزء من ماء الزرع أو الخضر وهكذا واستصحاب وصف النجاسة هاهنا مقطوع أيضاً لتبدل الموضوع عرفاً وانقطاع الاستصحاب بتبدله ولا يدور الأمر في الاستصحاب مدار تبدل الموضوع حقيقة واقعية لأنّه أمر لا يعلمه إلاّ علام الغيوب ولا مدار تبدل الأسماء فقط لعدم تبدل الموضوعات العرفية بتبدلها وهذا كله في عين النجاسة الدائر وصف النجاسة مدار نوعها ظاهراً وأما المتنجس الدائر وصف النجاسة مدار شخصه وذاته فإنّ استصحاب النجاسة فيه غير منقطع وتبدل موضوعه لا يدل على تبدل حكمه اللاحق لا من حيثية نفسه بل من حيث لحوق وصف خارجي مشكوك في بقائه في الآن الثّاني بل يجري فيه الاستصحاب فعلى ما ذكرنا فاستحالة المتنجس لا تقضي بطهارته من جهة الاستصحاب للنجاسة مع عدم القطع بالمزيل ولكن الإجماع والسيرة القطعية قاضيان بطهارة المستحيل من المتنجس استحالة يبعد عنها الموضوع الأوّل أصلاً ورأسا كاستحالة الماء النجس بولاً لحيوان أو لبناً والطعام النجس روثاً أو الخبز النجس دوداً والماء النجس جزء من زرع أو بقل أو خضر أو شبه ذلك وهذا الإشكال فيه كما لا إشكال في بقاء النجاسة لو استحال الحطب أو الحجر أو اللّحم الطّعام المتنجسات رماداً أو فحماً على الظاهر ويبقى الإشكال في مثل استحالة الحطب المتنجس دخاناً أو الماء النجس بخاراً أو الدهن النجس دخاناً سيما لو عاد الدخان جرماً والبخار ماء وهكذا ولا يبعد هنا الطهارة أيضاً للزوم العسر والحرج لو لا ذلك ولتوفر الدواعي إلى بيان حكم النجاسة فيه لو كان نجساً وليس في الأخبار ومنه عين ولا اثر وللسيرة القاضية بالطهارة كما قضت بها في القسم الأوّل والمقام يحتاج إلى تأمل في المقام ويشترط في طهارة الكلب في المملحة عدم انفعالها به وإلاّ بقي حكم النجاسة كما أنّ محل العذرة الرطبة عند استحالتها باق على حكمه والطهارة بالتبعية هنا غير معقولة ولا دليل عليها وكثير مما ذكرنا يمكن إدخاله في الانتقال لا في الاستحالة ويكون الدليل عليه ما ذكرناه