انوار الفقاهة-ج17-ص7
سادسهـا: ما لا تحله الحياة من الميتة من الأجزاء المتصلة بها حال حياتها من إنسان أو غيره ظاهر سواء انفصل عنها حال الحياة أو انفصل عنها بعد الموت أو بقى متصلاً بها للإجماع المنقول وفتوى الفحول وللأصل في محل الشك في شمول ما دل على نجاسة الميتة لها وللأخبار الدالة على ذلك مفهوماً ومنطوقاً فمنها الصحيح النافي للبأس عن الصلاة في صوف الميتة لأنّ الصوف لا روح فيه ويفهم من نفي البأس ومن التعليل نفي النجاسة وشمولها لجميع الأفراد والصحيح النافي للبأس عن اللبن والصوف والشعر وعظام الفيل والبيض والحسن الدال على أنّ اللبن واللبأ والبيضة والشعر والصوف والقرن والناب والحافر وكل ما يفصل من الشاة والدابة فهو ذكي وإنْ أخذته منه بعد أن يموت فاغسله وفي رابع خمسه أشياء ذكية إلاّ نفحه والبيض والصوف والشعر والوبر وفي خامس عن السن واللبن والبيضة والانفحّة من الميتة والشعر والصوف فقال كله ذكي وفي سادس الشعر والصوف والوبر والريش وكل نابت لا يكون ميتاً وفي سابع عن البيضة من بطن الميتة قال تأكلها وفي ثامن عن الأنفحة ليس بها بأس أنّ الانفحة ليس فيها عروق ولا فيها دم ولا لها عظم وفي تاسع في بيضة من أست دجاجة قال إنْ كان اكتست الجلد الغليظ فلا بأس بها وفي عاشر عشرة أشياء من الميتة ذكية القرن والحافر والعظم والسن والأنفحة واللبن والشعر والصوف والريش والبيض إلى غير ذلك من الأخبار والإشكال في هذا الحكم في الجملة إنما الإشكال في أنّ البيضة هل يشترط في طهارتها اكتسائها الجلد الغليظ كما في الرواية وفتوى جملة من الأصحاب أو الأعلى كما في فتوى جملة آخرين أو الصلب كما في فتوى غيرهم والظاهر أنّ المراد واحد وهو القشر الأبيض الذي إذا خرج جمد وإنْ لم يكن جامداً ما دام فيها على ما يقال مع احتمال الفرق بين الغليظ والأعلى بان يكون لها قشر دقيق تحتاني جداً ثم يكون فوقه آخر غير غليظ ابتداء ثم يغلظ بعد ذلك فيكون غليظاً أو لا يشترط اكتساء الجلد الغليظ لأصل الطهارة وعدم شمول ما دل على نجاسة الميتة لها وحيلولة الجلد بينها وبين نجاسة الميتة فلا تنفعل وإنْ كان رقيقاً ولإطلاق الأخبار بطهارة البيضة مطلقاً وضعف الرواية المتقدمة عن التقيد والأقوى الاشتراط للرواية المنجبرة بالفتوى والاحتياط الموافقة لما دل على نجاسة الميتة وللشك في مانعية الجلد الرقيق عن وصول النجاسة فيقيد بها إطلاق الأخبار الدالة على نفي البأس عنها ويبقى الإشكال أيضا في أنّه هل يجب غسلها عند أخذها أو لا وينشأ الإشكال من إطلاق الفتوى والنصوص بحلية البيضة ونفي البأس عنها وطهارتها ومن أنّ الحلية والطهارة الذاتية لا تنافي النجاسة العارضية من ملاقاة الميتة برطوبة الثابتة بالقاعدة المسلمة عند الأصحاب من أنّ النجس ينجس مع الملاقاة برطوبة الموافقة للاحتياط المؤيدة بحسنة حريز المتقدمة الدالة على الأمر بغسل ما يؤخذ من الشاة بعد أن تموت فيحمل ما دل على أنّ المأخوذ ذكي على طهارته في نفسه كما هو ظاهر فالحكم بنجاستها بالملاقاة هو الأقوى ويبقى الإشكال أيضاً في اللبن بعد ثبوت طهارته الذاتية في أنّه طاهر غير منفعل بملاقاة الميتة لإطلاق الأخبار بحليته فإنّه ذكي للإجماع المنقول على طهارته أو أنّه نجس للقاعدة المسلمة بين الأصحاب من انفعال الرطب بالنجاسة ومن نجاسة الميتة الموافقة للاحتياط والمفهومة من الأخبار والمؤيدة بالاعتبار والدال عليها فحوى الأمر بغسل ما يؤخذ من الميتة والمشعر بها ما ورد في الخبر عن لبن شاة ميتة قال هو الحرام محضاً والخبر الذاكر لجواز الانتفاع بالشعر والوبر والانفحّة والقرن قال ولا يتعدى إلى غيرها والعاضد لها إجماع (ابن إدريس) المنقول على النجاسة فالنجاسة أقوى وتحمل الأخبار الدالة على الطهارة على إرادة الطهارة الذاتية ويكون ترك التعرض للنجاسة العارضية لظهوره ومعلومية حاله أو تطرح الأخبار الدالة على طهارته مطلقاً لمعارضتها لما هو أقوى منها أو تحمل على إرادة المشارفة على الموت من لفظ الميتة ويبقى الإشكال أيضاً في أنّه هل يشترط في طهارة المأخوذ من الميتة من الشعر والصوف والوبر الجز أو يكفي القلع ومنشأ الإشكال من إطلاق النص والفتوى بالطهارة من دون استفصال ومن أنّه يلحق به أجزاء غير مستحيلة من أجزاء الميتة فلا يصح استعمالها والأقوى الأوّل مع الشك في الالتحاق لأصالة عدمه ولصدق الشعر ونحوه عليه عرفاً فيدخل تحت ما دل على الطهارة لهذه الأشياء نعم مع العلم بالتحاق غير المستحيل من الأجزاء الميتة فإنّه يجب اجتنابها حينئذٍ ويبقى الإشكال أيضاً في أنّ ما يؤخذ هل يجب غسله مطلقاً للرواية الآمره بغسله ولاتصاله بالنجس فينفعل بملاقاته أو لا يجب مطلقاً للأصل وحمل الرواية على الندب أو على ما مس الميتة برطوبة كالبيضة وشبهها أو على ما اخذ قلعاً لمباشرة أصوله لجلد الميتة برطوبة أو يجب غسل ما اخذ قلعاً لمباشرته الميتة دون ما اخذ جز للأصل والأقوى الوسط لأصل الطهارة وعدم تسليم مباشرة أصولها لجلد الميتة برطوبة والرواية محمولة على ما قدمنا والاحوط الأخير ويبقى الإشكال في أنّ طهارة هذه الأشياء شاملة لما يؤخذ من ميتة ما لا يؤكل لحمه لإطلاق جملة من الأخبار أو خاصة بميتة ما يؤكل لحمه لاختصاص مورد الروايات بها ولأنّها المتيقن من الخروج عن القاعدة وجهان والأقوى لإطلاق الفتوى وجملة من النصوص ويشعر به عموم التعليل الوارد من الأخبار وأيضاً ويبقى الإشكال وأيضاً في تحقيق الأنفحة بعد أن دل على طهارتها الإجماع والأخبار وكلام الأصحاب في أنّها هي كرش الحمل والجدي ما لم يؤكل كما نطقت به كلمات جملة من أهل اللغة ويساعده الاعتبار أيضا لأنّه لو كان من المائعات لتنجس نجاسة لا تقبل التطهير أو أنّها شئ يخرج من بطن الجدي اصفر يعصر في صوفه مبتلة في اللبن فيغلظ كالجبن كما ذكره جملة من أهل اللغة أيضا وربما كان في بعض الروايات دليل عليه حيث أنّ فيها أنّها تخرج من بين فرث ودم وإنّه يعمل منها الجبن والظاهر أنّه يعمل من هذا الأصفر ولكن الركون إلى الثّاني والحكم بالطهارة مما ينافي القواعد المتقدمة المسلمة التي لا يعارضها النص فضلاً عن المجمل المشتبه والأخذ بالأوّل لا يخلو أيضاً من إشكال لمكان الإجمال إلاّ أنّ الاحوط الأخذ بالأوّل مع لزوم غسلها ثم أنّ المقطوع به من كلام الأصحاب فتوى والمنقول عليه الإجماع والموافق للاستصحاب والمنصوص عليه في الأخبار الحاكمة بنجاسة الميتة مطلقاً والحاكمة بعدم الانتفاع بالميتة مطلقاً والحاكمة بعدم جواز الصلاة بجلد الميتة ولو دبغ سبعين مرة إلى غير ذلك ونقل عن (ابن الجنيد) القول بطهارة جلد الميتة إذا دبغ استناداً لبعض الروايات الشاذة رواية وفتوى وعملاً الموافقة للعامة فلا تصلح لأنّ تكون معارضاً لما تقدم ويبقى الكلام في طهارة فارة المسك بعد القطع بطهارة المسك فتوى ونصاً سواء اخذ من حي أو من ميت مذكى أو غير مذكى فقيل بطهارتها مطلقاً وإنْ أخذت من ميتة أو قطعت من حي وربما نقل عليه الإجماع ودل عليه الصحيح النّافي للبأس عن الصلاة وفي الثياب فارة مسك وقيل بنجاستها إن انفصلت بعد الموت وإلاّ فطاهرة استناداً إلى أنّها جزء من الميتة وكل جزء نجس وللصحيح فيمن يصلّي ومعه فارة مسك قال لا بأس بذلك إذا كان ذكياً فإنّ الظاهر منه إرادة أنّه مذكى لا أنّه لم تصبه نجاسة من خارج لأنّ النجاسة الخارجية لا تمنع الصلاة في المحمول وإنما تمنعها الميتة والحق أن يقال موافقاً للقواعد أنّ الفارة إن كانت مما تحله الحياة فهي نجسة عيناً لا تقبل التطهير سواء أخذت من حي أو ميت ما لم تٍؤخذ من مذكى وما دل على جواز الصلاة بها مطلقاً أما مقيد بما إذا كانت من مذكى كما دلت عليه الرواية الثانية أو أنّه مستثنى من حكم المحمول من الميتة في الصلاة وعلى أي تقدير فجواز الصلاة بها لا يدل على طهارتها وإنْ كانت مما لا تحله الحياة فهي طاهرة ذاتاً وإنْ وجب غسلها إذا أخذت من ميتة وجازت الصلاة بها مطلقاً غسلت أم لم تغسل والظاهر أنّ فارة المسك مما يحلها الحياة فهي نجسة ذاتاً مع الموت ولم يثبت إجماع أو دليل صالح على طهارتها بحيث يخصص عموم أدلته نجاسة الميتة.
خامسهـا: الكلب والخنزير البريان نجسان للإجماع بل الضرورة وللأخبار الدالة على ذلك صريحاً بلفظ النجاسة ولازماً من الأمر بغسل ما لاقاهما فلا إشكال في نجاستهما وظاهر النص والفتوى والإجماع المنقول نجاستهما بجميع أجزائهما لتعليق الحكم على الاسم الشامل لجميع أجزائهما مما فيه روح ومما لا روح فيه لأنّهما مركبان من الجزئين معاً وإنْ صدق الاسم مع انتفاء أحد الأجزاء إذ لا يشترط في الجزء انتفاء الكل بانتفائه فلا شك أنّ الشعر من الكلب وإنْ لم يكن من البدن بل من النابت فيه وللأخبار الآمرة بغسل اليد من شعر الخنزير إذا أراد الصلاة أو مطلقاً وهي معتبرة مستفيضة منجبرة بفتوى الأصحاب وعملهم بعيدة عن مذهب العامة ظاهرة الدلالة في النجاسة لكان الأمر بالغسل الظاهر فيها باتفاق أصحابنا ولا يعارض ذلك ما ذهب إليه (المرتضى) من طهارة ما لا تحله الحياة منهما للأصل ودعوى الإجماع وإنْ ما لا تحله الحياة لا يدخل في الكلب وإنْ حكمه حكم ما لا تحله الحياة من الميتة والجميع كما ترى لا يخفي ضعفه بعد ما قدمنا نعم في الخبرين عن الحبل من شعر الخنزير يستسقى به الماء من البئر أيتوضأ من ذلك الماء؟ قال (لا بأس وهما مع موافقتهما للتقية صالحان لإرادة نفي البأس عن ماء البئر لا عن المأخوذ عن المأخوذ ولكنه لا ينفعل لكثرته أو لعدم ملاقاته للماء ثم أنّ الظاهر اختصاص الحكم بالبريين كما قدمنا وأما البحريين فلا يبعد طهارتهما للأصل وعدم انصراف إطلاق اللفظ إليهما لو كان اللفظ حقيقة فيهما على سبيل التواطؤ أو الاشتراك اللفظي ولو قلنا بمجازية اللفظ بالنسبة إليهما فلا إشكال في عدم شمول الحكم لتقدم إرادة الحقيقة على إرادة المجاز وعدم جواز استعمال اللفظ في معنييه الحقيقي والمجازي والاحوط تجنبهما لشبهة صدق الاسم وفتوى بعض الأصحاب.