انوار الفقاهة-ج17-ص2
ومنهـا: ما يعضد دلالته اجتماع أمرين أو اكثر أو اجتماع أمور يقطع باجتماعها بموصول النجاسة ولا يتفاوت الحال من غير ما يؤكل لحمه أصالة أو عارضاً كالجلال وعلى كل حال فالظاهر نجاسة بول ما لا يؤكل لحمه وخرؤه من ذي النفس السائلة مطلقاً لما ذكرناه خلافاً لجمع من أصحابنا فحكموا بطهارة (رجيع الطير) مطلقاً للأصل ولقوله (() في الموثق (كل شيء يطير فلا بأس بخرئه وبوله) ولقوله في الصحيح عن الرجل يرى في ثوبه خروء الطير وغيره هل يحكه وهو في صلاته قال لا بأس وهو ضعيف لانقطاع الأصل بما ذكرناه ولمعارضة الموثق بالإجماعات المنقولة والعمومات المسلمة الموافقة لفتوى الإمامية الدالة على نجاسة بول ما لا يؤكل لحمه مطلقاً المنضم إليها الإجماع على عدم الفرق بينه وبين الخرء والأدلة الدالة على نجاسة العذرة الشاملة لخرء الطير كما نص عليه اللغويون والفقهاء ويجب اتباعهم في بيان الموضوعات الظنية فإنكار شمول العذرة لغير عذرة الإنسان لا يُسمع في مقابلة المثبتين وبالجملة فبين العمومات والصحيح المتقدم عموم من وجه والترجيح لجانيها لشذوذه وقلة العامل به وموافقته لفتوى العامة ويضعفه أيضاً ما ورد في طهارة خرء الخطاطيف من التعليل بأنّه مما يؤكل لحمه ولو كان كل الطير كذلك لما كان للتعليل معنى والشيخ (() وافقنا في نجاسة بول الخشاشيف للأمر بغسل الثوب منه في رواية (داود البرقي) مع أنّه قد ورد في روايتين ما يؤذن بطهارته ولكنه عمل بما دل على النجاسة لقوله بما ذكرنا فظهر أنّ الراجح ما استندنا إليه وأما الصحيح فلا دلالة فيه على طهارة الخرء وإلاّ لكان فيه دلالة على طهارة غيره من كل شئ بل هو مسوق للسؤال عن جواز مثل هذا الفعل في الصلاة وعدمه بقرينه ما بعده وهل يجوز برفع طرفه إلى السماء ولئن سلمنا فلا بد من إرادة مأكول اللحم من الطير لأنّ غيره لا تجوز الصلاة بفضلاته حتى نسياناً على الأظهر فالأوّلى من الجواب بيان بطلان الصلاة به لا حكه وذهب بعض أصحابنا إلى طهارة بول الصبي الرضيع استناداً لرواية نافية لغسل الثوب منه وهي ضعيفة سنداً ودلالة لأنّ نفي الغسل لا يدل على الطهارة لثبوت بدله وهو الصب من حسنة الحلبي المؤذنة بالنجاسة المؤيدة بما قدمنا من العمومات وذهب الشيخان إلى نجاسة خرء الدجاج إذا لم يكن جلالاً استناداً لرواية (فارس) الناهية عن الصلاة به وهي ضعيفة سنداً وعدداً مطرحة أو محمولة على الجلال أو على ذرق لا يستحيل عن النجاسة فلا تعارض الأصول والعمومات وذهب بعض أصحابنا إلى نجاسة ابوال الخيل والبغال والحمير للأمر بالغسل من ابوال الدواب والبغال والحمير في الحسن والآمر بغسل ما أصابه ابوال الخيل والبغال والأمر بالغسل عن بول الحمير والبغل والفرس إلى غير ذلك من الأخبار والكل ضعيف لمعارضته هذه الأخبار وللأصل والقواعد وعموم أخبار طهارة ابوال ما يؤكل لحمه وطهارة ما يخرج منه إذ الظاهر من أكل اللحم وعدمه ما ساغ شرعاً أكله وما لم يسغ لا ما اعتيد أكله وما لم يعتد ويدل عليه نفي العسر والحرج لملازمة الناس لمباشرتها غالباً ويدل عليه السيرة المستقيمة بمباشرتهن وعدم التوقى عنهن ولتوفر الدواعي لاشتهار حكمهن وعدم خفائه ويدل على طهارة ابوالهن وارواثهن ما روى في الصحيح إلى (صفوان) في الدواب وقد بالت وراثت فيصبح فيرى أثرها فقال ليس عليك شيء ورواية مغلي ابن خنيس ظاهراً في بول الحمار والواقع على الوجه والثياب فقال ليس عليكم شيء ورواية الحلبي لا بأس بروث الحمير واغسل ابوالها وكذا مضمون روايات أخر دالة على طهارة الروث دون البول فما دل على طهارة الروث يدل على طهارة البول بضميمة الإجماع المركب ويطرح ما دل على نجاسة البول فقط فالقول بالتفصيل كما ذهب إليه بعض المتأخرين ضعيف جداً ومما يدل على الطهارة أيضاً ما ورد بجواز الصلاة بروث وبول وكل شيء من مأكول اللحم.
ثانيهـا: المني من كل ذي نفس سائلة نجس للإجماع المنقول وفتوى الأصحاب والأخبار الدالة على نجاسته وإنّه اشد من البول فمني كل ذي نفس اشد من بوله فظهر ضعيف من خص نجاسة المني بالإنسان أو بما لا يؤكل من الحيوان لانصراف الإطلاق إلى مني الإنسان إذ لا وجه للانصراف بعد حكاية الإجماع وفتوى الأصحاب نعم مني غير ذي النفس السائلة حكمه حكم بوله ودمه وميتته للأصل وانصراف الإطلاق لغيره وكذا غير المني والبول والغائط مما يخرج من المخرجين فإنّه طاهر للأصل وفتوى الأصحاب والأخبار المتكثرة في الباب فما يعارضها كأخبار ونجاسة ابوال الدواب محمول على التقية أو الاستحباب.
ثالثهـا: الدم نجس في الجملة إجماعا محصلاً ومنقولاً والأخبار متظافرة بذلك وهو أقسام لأنّه أما أن يكون مشتبها أو معلوماً والمعلوم أما أن يكون خلقياً من غير الحيوان كالدم المخلوق في السماء أو الأرض كما ورد بنزوله عند قتل (سيد الشهداء) (() واستحالة بعض الأشياء وأما أن يكون من حيوان غير ذي نفس سائلة سمكاً أو غيره أو يكون من حيوان ذي نفس سائلة وهو أما مأكول اللحم أو غير مأكول اللحم والدم الخارج منه أما مسفوح وهو المنصب من عرق من عروق الحيوان أو غير مسفوح وغير المسفوح أما أن يكون متخلفاً بعد الذبح الشرعي لمأكول اللحم أو بعده لغير مأكول اللحم أو متخلفاً بعد الذبح الغير مشروع لمأكول اللحم أو لغيره أو غير متخلف بعد الذبح كالخارج من الجلد بجرح أو قرح أو رعاف وشبهها أو يكون مبدأ لحيوان فهذه أقسام :