انوار الفقاهة-ج16-ص24
سادسهـا: ينقض التيمم الحدث الأكبر والأصغر ووجود الماء لفتوى الأصحاب والإجماع المنقول في الباب والصحيح الدال على بقاء أثر التيمم ما لم يحدث أو يصيب الماء وإن لم يستعمله وظاهر إطلاق النص والفتوى إن الحدث الأصغر ناقض للتيمم عن الأكبر سواء كان الأصغر رافعه رافع الأكبر كغسل الجنابة أو كان رافعه غير رافع الأكبر وحينئذ فلو تيمم عن الجنابة وأحدث بالأصغر عاد حكم الجنابة بنفسها لأنه يعود حكم الأصغر وتلقى الإباحة للأكبر وكذا لو تيممت المرأة عن الحيض فأحدثت عاد حكم حدث الحيض واحتاجت إلى تيممين وعلى ما ذكرنا فمن تيمم عن الجنابة فأحدث أعاد التيمم سواء كان عنده ماء لوضوئه أم لم يكن ولا يجوز له الوضوء وحكمه كحكم من وجد عنده ماء يكفيه للوضوء ابتداء وكان مجنباً فإنه لا يجوز له التيمم والوضوء وفي ذلك نطقت الأخبار وفتاوى الأصحاب وقد يقال أن الحدث الأصغر والأكبر ناقض للتيمم المبيح عن الأصغر للإجماع المنقول على أن الحدث ناقض والرواية الدالة على أن (المتيمم يصلي ما لم يحدث أو يصيب الماء) والمتيقن منهما نقض الحدث الأصغر المبيح عن الأصغر بقرينة (يصلي ما لم يحدث) وكذا الحدث الأصغر والأكبر مجانساً أو غير مجانس ينقض التيمم المبيح عن الجنابة لفتوى المشهور والاحتياط ولبقاء حدث الجنابة مع التيمم إجماعاً وغاية ما أفاداه التيمم هو حصول الاستباحة وقد زالت بطرو ناقضها ودعوى تجزئة الاستباحة فتبقى بالنسبة للأكبر وتنتقض بالنسبة إلى الأصغر خلاف فتوى الفقهاء والروايات الدالة على لزوم التيمم للمجنب المتمكن من ماء الوضوء ولا فرق في المنع من التجزئة بين الابتداء والاستدامة وحكي عن المرتضى لزوم الوضوء لمن أحدث بالأصغر بعد التيمم عن الجنابة ومقتضاه لزوم التيمم لمن فقد الماء بقدر الوضوء عنه أيضاً مستنداً إلى أن التيمم رافع للجنابة وعند صدور الحدث لا يتحقق إلا الحدث الأصغر فيفتقر إلى رافعه وهو الوضوء عند وجود الماء ويلزمه التيمم عند رفعه وهو ضعيف لمنع ارتفاع الحدث بالتيمم إجماعاً والنصوص الدالة على وجوب الغسل عند وجدان الماء وتدل عليه أيضاً لأن الغسل لو لم يجب للجنابة لوجب لوجدان الماء فيلزم أن يكون وجدان الماء حدثاً وهو باطل قطعاً وإجماعاً ولأن حدثيته توجب استواء المتيممين فيه لاستواء نسبتهم إليه مع أن المجنب لا يتوضأ والمحدث لا يغتسل إجماعاً ويمكن (الانتصار للمرتضى) بأنه يريد بالرفع رفع المانعية إلى وجود الماء لا رفع نفس المانع ورفع المانعية مستصحب حتى يعلم رفعها ولم يعلم رفعها بحدوث الحدث الأصغر وإنما علم حدوث مانعيته لا عود مانعية الأكبر أو يريد بالرفع رفع المانع إلى وجود الماء ومع ارتفاع المانع يشك في عوده مع الحدث الأصغر وإنما المعلوم عود أثر نفس الحدث لا عود الحدث الأول ولكن التخطي عما عليه الجمهور وظواهر الأخيار لا معنى له وأما الحدث الأصغر بالنسبة إلى التيمم عن الأكبر غير الجنابة أو الحدث الأكبر غير المجانس فالمانع أن يمنع ناقضيتهما للتيمم وذلك لجواز التيمم عن الأكبر غير الجنابة فيستباح به دخول المساجد وقراءة العزائم ويبقى الحدث الأصغر بحاله فلا تجوز الصلاة إلا بتيمم آخر ومتى جاز في الابتداء جاز ولم ينقضه في الاستدامة وينزل فتوى الفقهاء والرواية بأن التيمم ينقضه الحدث على إرادة التيمم عن الجنابة أو المجانس فينقض الحدث الأصغر التيمم عن الأصغر والأكبر التيمم عن الأكبر المجانس لأن كل حدث ينقض كل تيمم ومع ذلك فالتعدي عما عليه إطلاق الفتوى والرواية لا يخلو من إشكال.
سابعهـا: يجوز تيمم واحد عن أغسال متعددة يجوز تداخلها فينوي بالتيمم البدلية عن غسل واحد تداخلت فيه أغسال أو ينوي البدلية عن جميع الأغسال أو ينوي تيمماً واحد تتداخل فيه تيممات متعددة بدلاً عن أغسال متعددة كل ذلك لعموم المنزلة والتداخل فيه رخصة لا عزيمة والأحوط الإتيان بالنية الأولى ولا يجوز تداخل التيمم عن وضوءات متعددة بنذر وشبهه ولا تداخله عن غسل ووضوء ويجوز تداخله عن وضوءات متعددة لأغسال متعددة متداخلة لجواز تداخل أصله وإذا تيمم عن غسل الجنابة وغيره لم يحتج إلى تيمم آخر عن الوضوء لغير الجنابة.
ثامنهـا: الحدث الأصغر لا ينقض التيمم الصوري كالتيمم للنوم وللصلاة على الجنازة على وجه وكذا لا ينقض ما كان بدلاً عن غسل أو وضوء غير رافعين ولا مبيحين عند عدم وجود الماء بناء على عموم بدلية التيمم عن كل مائية صورية أو حقيقية رافعة أو مبيحة أو غيرهما كما هو الأقوى لورود التيمم للمجنب للنوم عند فقدان الماء فغيره بطريق أولى ولعموم المنزلة القاضية بذلك ولأن التراب طهور فكلما كان فيه تطهير قام مقامه ولأنه يجزي عشر سنين ومن البعيد ترك أكثر المندوبات فيها وحينئذ فلا ينتقض التيمم الغير رافع ولا مبيح كتيمم الحائض بدلاً عن الوضوء وتيمم المجنب للأكل والشرب والتيمم للزيارة ودخول المشاهد بدلاً عن الغسل والتيمم بدلاً عن غسل الجمعة إذا وقع الحدث في أثنائه والتيمم بدلاً عن الغسل للسعي إلى رؤية المصلوب والتيمم بدلاً عن الغسل عند احتراق القرص والتيمم بدلاً عن أغسال الأزمان أو الأمكنة المندوبة إذا وقع الحدث في أثناء ذلك التيمم.
تاسعهـا: يستحب التيمم للنوم ولو مع وجود الماء وقد ورد أنه (يتيمم من دثاره) وكذا يندب التيمم للجنازة وقد ورد أنه (يضرب بيديه على حائط لبن فليتيمم به) ولولا فتوى المشهور والإجماع المنقول على استحبابهما مع وجود الماء ومع عدمه لكان تقييده بعدم وجدان الماء أو خوف فوت الجنازة حسن.