انوار الفقاهة-ج15-ص4
سادسهـا: هل يجامع الحيض الحمل مطلقاً أو لا يجامعه مطلقاً أو يجابه بشرط عدم استبانة الحمل ولا يجامعه إذا استبان أو يجامعه إذا مضى من العادة قدر عشرين يوماً أقوال أصحها وأشهرها الأوّل للروايات المتكثرة الدالة على ذلك كالصحيح عن الحُبلى ترى الدّم أتترك الصلاة؟ قال نعم الحُبلى ربما قذفت بالدم وفي الصحيح الآخر عن الحُبلى ترى الدّم ثلاثة أيّام أو أربعة أتصلي؟ قال تمسك عن الصلاة وفي الآخر عمن ترى الدّم في أيّام حيضها قال تمسك عن الصلاة وفي روايات متعددة فيها الموثّق وغيره كذلك وفي بعضها تقريب ذلك أنه ربما يزيد على غذاء الولد فتدفعه فهذه الأخبار المتكثرة المُنجبرة بفتوى الأصحاب لا يصلح لمعارضتها مادل على القول الأخير من الصحيح إذا رأت الحامل الدّم بعدما يمضي عشرون يوماً من الوقت الذي كانت ترى فيه الدّم في الشّهر الذي كانت تقعد فيه فإن ذلك ليس من الرحم ولا من الطمث فلتتوضّأ وتحتشي بكرسف وتصلي وإذا رأت الحامل الدّم قبل الوقت الذي كانت ترى فيه الدّم بقليل وفي الوقت من ذلك الشّهر فإنه من الحيضة فلتمسك عن الصلاة عدد أيامها التي كانت تقعد في حيضها فإن انقطع عنها الدّم قبل ذلك فلتغتسل ولتصلي فإنه لوحدته وعدم اشتهاره واستفاضته لا يصلح لمقاومة تلك الأخبار المخالفة لفتوى العامة كما قيل المعتضدة بفتوى مشهور الأخبار المشتملة على الصحاح والموثقات كي يحكم عليها أو يقيدها أو يخصصّها فحمله على من استمر بها الدّم أولى وكذا لا يصلح لمعارضتها ما دلّ على القول الثّاني من خبر السكونيّ ما كان الله تعالى ليجعل حيضاً مع حبل لضعفه وموافقته لمشهور فتوى العامة على ما نقل فليحمل على التقيّة أو على الأغلبية أو يطرح من الصحيح في الحبلى ترى الدّفعة والدّفعتين من الدّم فقال تلك الهراقة ليس تمسك هذه عن الصلاة لضعفه دلالةً بظهوره فيما لم يجمع الشرائط وفي صحة طلاق الحامل مطلقاً رأت دماً أولاً ولو كان ما رأته حيضاً لما صَحّ طلاقها وذلك لمنع عدم صحة طلاق الحائض مطلقاً بل المتيقّن منه ما لم تكن حاملاً كما صح طلاق الحائض مع غيبة زوجها ومن تعليق العدد والإستبراء بالحيض فإنه لو جامع الحيض الحمل لما صح الاعتداد به في استبراء الرحم من الحمل في العدة والاستبراء وذلك لمنع التّلازم لجواز اكتفاء الشارع في العدّة والاستبراء بالمظنّة الناشئة عن غلبة اجتماع الحيض والحمل عادة كما يرشد إليه التعدّد في الحرّة والوحدة في الأمة إذ لو كان الاجتماع ممتنعاً لاكتفى بالمرة فيهما ولكن لما كان الاحتياط في الحُرَّة اشد لزم اتباع ما هو أقوى في حصول الظّن والاكتفاء بما هو أضعف في الأمة فتأمل وكذا لا يصلح لمعارضتها ما دلّ على القول الثالث في إشعار الصحيح به من إرادة الاستبانة من مضي عشرين يوماً ومن إشعار الرضوي به حيث قال وقد روى إنها تعمل ما تعمله المستحاضة إذا صح لها الحمل ومن الإجماع المنقول على ذلك وذلك لضعف الإشعار في الأوّل دلالة واعتبار البعد والاستبانة في تلك المدة وضعف الأشعار في الثّاني سنداً ودلالة وضعف الإجماع المنقول لمعارضته بفتوى المشهور على خلافه فلا يصلح جميع ذلك لمعارضة ما ذكرنا ولا لمقاومته كي يمكن تقيده به سيما وقد ورد في الصحيح عن الحبلى قد استبان ذلك منهما ترى كما ترى الحائض؟ قال تلك المهراقة إن كان دماً كثيراً فلا تصلّين وإن كان قليلاً فلتغتسل وفي المُرسل عن الحبلى استبان حبلها ترى ما ترى الحائض من الدم؟ قال تلك الهراقة من الدّم إن كان دماً أحمر كثيراً فلا تُصلّي وإن كان قليلاً أصفراً فليس عليها إلاّ الوضوء نعم يمكن الجمع بين الأخبار وبحمل ما دلّ على جواز الاجتماع على صورة اتصاف الدّم بلون الحيض وكثرته وعدم تقدمه على أيّام العادة وتأخّره كثيراً وما دلّ على المنع منه على غيرها لأنّ الأخبار ما بين مثبت مطلقاً ونافٍ مطلقاً ومُفصّل بين الكثير والقليل وبين المتقدم والمتأخر بعشرين يوماً وبين الجامع للأوصاف وغيره كما تقدم وفي الموثق عن الإمرأة الحُبلى ترى الدّم اليوم واليومين قال إن كان دماً عبيطاً فلا تصل ذلك اليومين وإن كان صفرة فلتغتسل فالوجه في الجميع أن يجمل المطلق على المقيّد ويؤخذ بالسّابق من كل مقيّد من الُمقيّدات كما هي القاعدة عند تكثر المقيدات إلاّ أن هذا التفصيل لا قائل به، فالركون إليه مشكل والاحتياط غير خفي.