پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج14-ص25

سادسهـا: يسقط الوضوء مع غسل الجنابة وجوباً للإجماع والأخبار الدالة على أن غسل الجنابة لا وضوء معه وهل يستحب؟ قيل نعم. لبعض الأخبار الآمرة به بحملها على الاستحباب جمعاً والمشهور خلافه وحمل الأخبار على التقية أو على إرادة التنظيف من لفظ الوضوء أو غير ذلك ويدل على المنع عنه ما ورد في بعض الأخبار من نسبة ذلك إلى الناس ومن أنهم كذبوا على علي (() (من أنه كان يأمر بالوضوء مع غير غسل الجنابة) فالأحوط الترك قطعاً ولا يسقط الوضوء مع غسل الجنابة من الأغسال على الأشهر الأظهر واجباً كان أو نفلاً رافعاً كان أم لا لفتوى المشهور والإجماع المنقول وعموم الآية الآمرة بالوضوء للصلاة خرج غسل الجنابة وبقي الباقي ولعموم ما دل على وجوبه بحدث أسبابه وللاستصحاب وأصالة عدم المزيل للحدث الأصغر وللاحتياط اللازم في العبادة بعد شغل الذمة ولظاهر المرسل المعدود كالصحيح كل غسل قبله وضوء إلا غسل الجنابة وللرضوي المؤيد بفتوى المشهور وكذا المروي في (غوالي اللآلئ) عن النبي (() وللصحيح الآمر بالوضوء قبل غسل الجمعة ولا قائل بالفرق ولتوفر الدواعي على اشتهار عدم وجوبه لو كان مع أنَّ الأمر بالعكس وذهب المرتضى إلى عدم وجوب الوضوء مع كل غسل نفلاً أو فرضاً لإطلاق الأخبار بإيجاب الغسل على الحائض والمستحاضة ونحوهما في مقام البيان مع عدم ذكر الوضوء وللصحيح الغسل يجزي عن الوضوء وأي وضوء أطهر من الغسل والصحيح الآخر مثله ولكنه بعد السؤال عن غسل الجنابة ولما ورد في الصحيح وغيره أن الوضوء بعد الغسل بدعة ولمكاتبة الهمذاني (لا وضوء للصلاة في غسل الجمعة ولا غيره) ولرواية حماد عمن يغتسل للجمعة وغير ذلك أيجزيه عن الوضوء وأي وضوء أطهر من الغسل ولموثق عمار عمن اغتسل من الجنابة أو يوم الجمعة أو يوم عيد هل عليه وضوء؟ قبل أو بعد ليس عليه وضوء قبل ولا بعد وقد أجزأه الغسل وكذا الإمرأة إذا اغتسلت من حيض أو غير ذلك فليس عليها الوضوء لا قبل ولا بعد وفي الكل نظر لضعفها عن المقاومة ولظهور الصحيحين الأولين في غسل الجنابة لأنه المعهود فينصرف إليه السؤال لكون السائل من الرجال فلام التعريف فيه للجنس وينصرف إلى ما ذكرناه أو للعهد والمعهود هو ما ذكرناه ولو فرضنا أن اللام للاستغراق لكان مخصصاً بما ذكرناه والتخصيص حتى ينتهي الى الواحد لا بأس به على أن صدر الثاني ظاهر في الجنابة لذكره فيه ودعوى ظهور العموم من قوله وأي وضوء أطهر من الغسل بعد معهودية الجنابة وتكررها في السؤال غير مسموعة واشعاره بالعلية مع ظهور احتمال الخصوصية لا يفيد وكذا ما دل على أن الوضوء بعد الغسل بدعة فإنه ظاهر في غسل الجنابة مضافاً إلى ما قدمنا من أن البدعية في غير غسل الجنابة لا يقولها أحد للإجماع على الراجحية على انه يمكن أن يكون متعلق البدعة هو كون الوضوء بعده لا قبله كما أوجبه جماعة وأما المكاتبة وما بعدها فضعيفتان لا تصلحان للاستدلال بهما ومع ذلك فهما معارضتان بالصحيح الدال على وجوب الوضوء مع غسل الجمعة وأما الموثق فمع كونه غير صالح للمعارضة محمول على عدم احتياج الغسل نفسه للوضوء فيتم رفعه للحدث بدونه وإن كان لا يجوز له الصلاة من دون وضوء وأمّا خلوّ الأخبار عن الوضوء في الأغسال فلأنها إنما سيقت لبيان رفع الأكبر وما يحتاج إليه لا لبيان رفع الأصغر بل ربما كان الاحتياج إليه معلوماً فلا يحتاج إلى بيان ولان السؤال عنها لم يعلم مصادفته لدخول الوقت كي يجاب بجميع ما يجب الصلاة من رفع أكبر أو أصغر وهذا ظاهر وهل يجب تقديم الوضوء على الغسل ظاهر الأخبار ذلك بل فيها أن الوضوء بعد الغسل بدعة ولكن فتوى الأصحاب والإجماع المنقول من الباب يدلان على التخيير وكذا إطلاقات بعض الأخبار فلتحمل أخبار القبلية على الندب وعلى وجوب القبلية فالإجماع منقول على عدم فساد غسل المؤخر بل يصح غسله وإن أثم بالتأخير وهل ينوي بالوضوء رفع الأصغر فقط أو رفعه مع رفع الأكبر وجهان أوجههما الأول لأنه المعهود من مشروعية الوضوء له وتبنى المسألة على إن الوضوء رافع للأصغر فقط والغسل للأكبر فقط أو يشتركان في رفع الأمرين أو يشارك الغسل الوضوء في رفع الأصغر وينفرد عنه في رفع الأكبر أو بالعكس ولما كان أظهر الوجوه الأول كانت نية الوضوء هي النية المعهودة لمشروعيته.