پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج14-ص20

ثانيهمـا: غُسل الإرتماس وهو أن يغسل نفسه بالماء دفعة واحدة على وجه الانغماس فيه لا على وجه الإصابة كيف اتفقت كالوقوف تحت الميزاب ونحوه ويدل عليه الإطلاقات والإجماعات المنقولة وفتوى الأصحاب والروايات الخاصة ففي رواية زرارة لو أن رجلاً ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذاك وإن لم يدلك جسده وفي حسنة الحلبي إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة أجزئه ذلك في غسله وفي الصحيح إذا اغتمس اغتماسة واحدة أجزأ ذلك من غسله والمفهوم من لفظ من هو البدلية كقوله تعالى:(أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الآخِرَةِ( ويحتمل إرادة تعدد الارتماسات من لفظ واحدة ويحتمل إرادة الدفعة العرفية أحترازاً عن الارتماس التدريجي والأول أقرب إلحاق اللفظ والثاني أقرب لفهم الفقهاء والاحتياط وعلى كل حال فالظاهر أن الدفعة العرفية كافية في الغسل الارتماسي فلا يضر بها التخليل اليسير وذلك ما يحتاج إلى الدلك داخل الماء ولا يجوز التدريج فيها بحيث ينوي الغسل عند ابتداء دخوله وينزل في الماء تدريجاً إلى أنْ يتم الارتماس بل الأحوط مقارنة النية للارتماس الحكمي فينوي عند اشتمال الماء عليه جميعاً الغسل وتحقيق ذلك أن المرتمس له أن ينوي الغسل حال دخوله إذا لم يكن تدريجاً لأن لأول دخوله أول أجزاء الارتماسة إن قلنا أن الارتماس يصدق من أول ملاقاة الماء إلى انتهائه فيه وفيه بحث وله أن ينوي حال خروجه ما دام الماء مشتملاً عليه وله ان ينوي حال كونه تحت الماء سواء في ذلك الكون الأول أو الوسط أو الأخير وله ان ينوي عند أختلاف سطوح الماء عليه وله ان ينوي عند تحريكاته الماء أو تحريك جسمه فيه وكل ذلك جائز غير ان الأظهر لزوم مقارنة النية لاشتمال الماء على جميع جسده خروجاً عن شبهة أن الغسل الارتماسي عبارة عن اشتمال الماء على جميع البدن آناً ماً ودخول الإجزاء في الماء قبل استكمالها من باب المقدمة لا أنها من أجزاء الغسل الارتماسي كما بنى عليه بعض المحققين وهو الاظهر من كلام الفقهاء فعلى هذا يضعف ما ذكره بعضهم ان الارتماسي ابتداؤه ابتداء الملاقاة للماء وانتهاؤه بانتهائه على انه يلزم منه أن يترتب على الغسل الارتماس كثير من ثمرات غسل الترتيب والقائل به لا يعتد به. نعم لا فرق في الارتماس بين أن يكون جميعه خارجاً عن الماء أو يكون بعضه في الماء وبعضه خارجاً أو يكون كله داخل الماء فينوي بالاكران أو التحريكات أو الجريات الغسل، كل ذلك لإطلاقات الأخبار في أجزاء أرتماسه والاستدامة كالابتداء ولا بد من بيان أمور متعلقة بنفس الغسل تَعمُّ الترتيب والارتماس أو تخص أحدهما.

ومنهـا: أنه يجب في غسل الترتيب الإجراء على نفس البشرة لظهور أوامر الغسل به ولوقوله (() (ما جرى عليه الماء فقد طهر) وقوله (() (ما جرى عليه الماء من جسده قليله وكثيره فقد أجزأه) وما دل على إجزاء بلل الجسد وكفاية ما كان مثل الدهن محمول على المبالغة ويجب في الارتماس الاصابة لجميع البشرة عند النية ولا يفتقر إلى الأجراء ويجب فيهما تخليل ما يمنع الأجراء في الأول والإصابة في الثاني من شعر أو غيره إجماعاً ولا يجزي غسل الشعر هاهنا عن البشرة للاحتياط ولظهور تعلق الأوامر بالبشرة وفي الصحيح عمن عليها الدملج والسُّور في ضوء أو غسل تحريكه ليدخل الماء تحته أو تنزعه وما ورد بخلاف ذلك من عدم إعادة من نسي الخاتم بعد وضوئه حتى صلى أنه لا يعيد محمول على عدم حجية أو على صورة الشك بتحويل وكذا ما ورد من أنَّ نساء النبي (() (إذا اغتسلن بقيت صفرة الطيب في أجسادهن) وإنه لا بأس على من أجنب فيصيب رأسه الخلوق والطيب وغير ذلك ثم يغتسل فيجد شيئاً من ذلك محمول على عدم مانعيته لوصول الماء.

ومنهـا: أن محل الغسل بقسميه الظواهر دون البواطن لانصراف أدلتهما إليها والأصل البراءة وبخصوص ما ورد في بعض الأخبار أنه إنما يجب الظاهر وأنه إنما يجب غسل ما ظهر وإنَّ الغسل على ما ظهر لا على ما بطن والظاهر والباطن عرفيان. نعم يجب أخذ شيء من الباطن مقدمة لتحصيل الظاهر وما يرى من الاذنين ولم يحتج إلى التخليل فهو من الظاهر قطعاً وكذا ما احتاج بعض الأحيان وهو مما يرى فإنه من الظاهر وما تحت الأظفار ما لم يخرج عن العادة فيستر شيئاً من الانملة وموضع انطباق الشفتين وأجفان العينين كله من الباطن وما كان تحت وسخ الأظفار لم يعلو على الأنملة فالظاهر أنه من الباطن وما كان باطن جرح أو شق أو مشق فإن كان مرئياً فالظاهر أنه من الظاهر وإلاّ كان من الباطن.