پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج14-ص17

ومنهـا: أن لا يبول ولا يجتهد وخرج ما شك فيه بين كونه منياً أو غيره سواء كان الغير بولاً أو غيره والحكم وجوب إعادة الغسل لفتوى المشهور والإجماع المنقول والأخبار المتكثرة (كموثقة سماعة) عمن يجنب ثم يغتسل قبل أن يبول ويجد بللاً بعد ذلك قال يعيد الغسل و(صحيحة سليمان) عمن يخرج منه شيء وقد فعل كذلك قال يعيد الغسل و(صحيحة منصور بن حازم) كذلك و(صحيحة ابن مسلم) عمن يخرج من إحليله بعدما يغتسل شيء قال يغتسل ويعيد الصلاة إلا أن يكون قد بال قبل أن يغتسل فإنه لا يعيد غسله و(صحيحة معاوية بن ميسرة) وإن لم يبل حتى اغتسل ثم وجد البلل فليعد الغسل وغير ذلك من الأخبار المتكثرة المعتبرة ولا يعارضها ما جاء في عدة أخبار من عدم وجوب الغسل على من ترك البول مطلقاً في بعضها ونسياناً في بعض آخر لعدم مقاومتها لتلك الأخبار سنداً وعدداً ودلالة واشتهار وانجباراً فلا بد من طرحها أو تنزيلها على صورة الإتيان بالاستبراء مع عدم إمكان البول أو مطلقاً على اختلاف القولين وحملها على الإباحة وحمل تلك على الندب فرع المقاومة وليس فليس لضعف الروايات المشتملة على عدم الإعادة لان رواتها بين من نسب إليه الكذب وبين من نسب إليه الغلو وبين من هو مهمل وبين من لم يذكر بمدح ولا قدح وكذا لا يعارض ما ذكرناه من الأخبار ما نسب للصدوق من نفي وجوب الغسل ووجوب الوضوء استناداً للخبر إن كان قد رأى بللاً ولم يكن بال فليتوضأ ولا يغتسل إنما ذلك من الحبائل لضعفه سنداً وعدداً ودلالة ولان كونه من الحبائل ينبغي أن لا يوجب شيئاً فلا بد من طرحه أو حمله على إرادة غسل ما خرج من لفظ الوضوء فيكون مساقه مساق الأخبار النافية لوجوب الغسل فيحمل على من اجتهد قبل الغسل فيراد بالوضوء حينئذ غسل البلل مذياً ولو صلى بعد الغسل من لم يبل ولم يجتهد كانت صلاته صحيحة لصحة غسله ولا تجب عليه إعادة الصلاة ولو وجب عليه إعادة الغسل عند خروج المشتبه لاحتياج الإعادة إلى دليل يدل عليها بعد الحكم ظاهراً بصحتها وليس فليس وخيال أن صحتها مشروطة بشرط متأخر وهو عدم خروج بلل مشتبه ضعيف مخالف الفتوى المشهور ولإطلاقات الروايات نعم ربما أوجب إعادة الصلاة بعض مستندين لهم آخرون (لصحيحة ابن مسلم) وهو ضعيف لضعف الاستناد إليها في هذا الحكم مع مخالفتها فيه لفتوى المشهور وعمومات الأدلة فلا بد من حملها على الندب أو على من صلى بعد خروج المشتبه وبالجملة فصحة الغسل ابتداءً لا كلام فيها والأخبار مشعرة بها لإيجابها الإعادة مع خروج المشتبه دون ما لم يخرج شيء فمقتضاها صحة الغسل مع خروج شيء وإيجاب الإعادة لا يقضي إلا بأن المشتبه جنابة جديدة لأنها هي الجنابة الأولى قد انكشفت بقاؤها لعدم التعرض فيها الإعادة غير الغسل ولعدم فهم الأصحاب منها غير ذلك ومع الحكم بأنها جنابة جديدة يلزم صحة الصلاة الواقعة قبلها فلا معنى لإعادتها ومن أوجب الاستبراء من الأصحاب وحكى عليه الإجماع أراد وجوبه الشرعي لا وجوبه الشرطي في صحة الغسل على أن الوجوب الشرعي مع مخالفته للأصل وفتوى المشهور وخلوا الأخبار البيانية وعدم اشتهار حكمه مع توفر الدواعي لاشتهاره لا دليل عليه سوى ظاهر بعض الروايات كقوله (() [ وتبول أن قدرت على البول ] وهو ظاهر في الإرشاد لسياقه مساق المندوبات فلا يصلح لمعارضة ما قدمناه وأما الأخبار الآمرة بالإعادة على من ترك البول فلا شاهد فيها على وجوبه بل الشاهد فيها على العكس لعدم التعرض فيها لحكم الاستبراء ولو كان واجباً لكان بيان حكمه مقدماً إلى بيان ثمرة تركه.

ومنهـا: أن يبول قبل الغسل ولم يستبرئ والظاهر هنا عدم وجوب إعادة الغسل عند رؤية المشتبه بعد الغسل ووجوب إعادة الوضوء للأخبار النافية لوجوب الغسل والمثبتة للوضوء على من اغتسل بعد البول ورأى المشتبه وهي وإن كانت مطلقة في وجوب الوضوء عليه استبرأ أم لم يستبرء ولكنها مقيدة بما دل على إن المستبرئ لا يبالي وإن بلغ الشاق وبهذه الأخبار يقيد ما جاء من أن كل الغسل معه وضوء إلا الجنابة فاحتمال عدم وجوب الوضوء ضعيف جداً.

ومنهـا: أن يستبرئ بعد الجنابة من غير أن يبول مع إمكان البول والظاهر هنا وجوب إعادة الغسل للأخبار الدالة على وجوب الإعادة مع عدم البول ولفتوى أكثر الأصحاب.