پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج14-ص10

ثاني عشرهـا: لو شك في شيء من أفعال الوضوء غسلاً أو مسحاً أو نية وجب عليه الإعادة على المشكوك به والإتيان بما بعده لو وقع بعده ما بعده إن بقيت الموالاة بين المشكوك به وما قبله وإن فاتت بطل الوضوء فالوضوء كله بمنزلة عمل واحد لا يبطل الشك في أحدها الدخول فيما بعده للاحتياط وأصالة عدم الإتيان بالمشكوك وللإجماع المنقول ولفتوى الفحول وللرواية المروية بالطرق المعتبرة من الصحيح والنجس إذا كنت قاعداً على وضوئك ولم تدر غسلت ذراعيك أم لا فأعد عليها وعلى جميع ما شككت فيه أنك لم تغسله أو تمسحه مما سمي الله ما دمت في حال الوضوء فإذا قمت من الوضوء وفرغت وقد صرت إلى حال أخرى في صلاة فشككت في بعض مما يسمي الله فما أوجب الله تعالى عليك فيه وضوء فلا شيء عليك وبما ذكرناه يخص عموم ما جاء في الصحيح إذا خرجت من شيء ودخلت في غيره فشكك ليس بشيء وفي الموثق كلما شككت فيه مما قد مضى فأمضه كما هو وفي رواية أبي بصير كل شيء شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه وفي الموثق إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره فليس شكك بشيء مع احتمال هذا الأخير أعاده الضمير للوضوء فيدل بمفهومه على ما قلناه وهل المراد بالحال الموجب للإعادة على المشكوك هو حال التشاغل به فلو وجد نفسه فارغاً غير متشاغل لا يلتفت وإن بقي في محله لظاهر قوله (() قاعداً على وضوئك وينزل قوله (() فإذا قمت في الوضوء وفرغت وقد صرت إلى حال أخرى على الغالب فيلغى مفهومه ولان الأخبار دلت على عدم الإتيان بالمشكوك به عند الفراغ منه خرج المقطوع به وبقي الباقي ولحسنت بكير، الرجل يشك بعد ما يتوضأ قال هو حين يتوضأ اذكر منه حين يشك ولفتوى مشهور الأصحاب بذلك أو يراد به حال البقاء في موضع وضوئه ما لم ينتقل منه إلى مكان آخر ويتلبس بعمل آخر والحق بهما الشهيد الجلوس الطويل لقيامه مقام الانتقال تقديراً أخذاً بمفهوم الرواية المتقدمة المعتضدة بالأخبار الدالة على توقف إلغاء الشك على الدخول في الغير الظاهر في الدخول في عمل آخر وللأصل وللاحتياط والكل ضعيف لعدم مقاومة المفهوم للادلة المتقدمة واعتضاده بأخبار اشتراط الدخول في غيره ضعيف أيضاً لورود ذلك مورد الغالب أيضاً من أن الفارغ من عمل يدخل في غيره أو يراد بالمغايرة المغايرة الحقيقية وهي حاصلة بعد الفراغ لعدم انفكاك الإنسان عن عمل ولأن الأصل مقطوع والاحتياط مقلوب لأدائه إلى المسح بالماء الجديد غالباً والظاهر أن المسح ولو على الرجل الأخيرة بعد وجدان المتوضئ نفسه فارغاً غير متشاغل لا يلتفت إليه والأحوط تداركه لشبهة بقاء محله كما ذكره بعض الأصحاب كما أن الظاهر أن وجوب الإعادة إنما تتعلق بالشك بالأجزاء أو بالأوصاف الواجبة من ترتيب وشبهه أو برفع المانع المعلوم وجوده حين الوضوء وتخليله أو بمانعيت شيء كان موجوداً حال الوضوء فشك في مانعيته وأما الشك المتعلق بوجود المانع أو بعروضه أو بعروض الحدث أو الرياء أو شبههما ويلحق بهما الشك بالجفاف أو عدمه للاستصحاب في الجميع نعم لو شك في الجفاف وعدمه عند المسح تعارض استصحاب بقاء الرطوبة وأصالة عدم وصول الماء إلى الممسوح والاحتياط يقضي بالثاني وفي الأول قوة.

ثالث عشرهـا: البناء على فعله وصحة عمله سيما فيما يحرم إبطاله وهل يبني على وقوعه واقعاً فيستبيح به كل عمل مشروط به أم لا وجهان أقواهما الأول لظهور الأخبار في تنزيل المشكوك به بعد الدخول في غيره منزلة الواقع وأحوطهما الثاني اقتصاراً في التنزيل على تصحيح العمل المتلبس به أو المترتب عليه وكثير الشك لا يلتفت إلى شكه إذا صدق عليه في العرف ذلك لفتوى الأصحاب ولقوله (() (لا تعودوا الخبيث من أنفسكم فإن الشيطان خبيث معتاد لما عُوّد) فإنه عام من حيث التعليل وإن كان وروده في الصلاة وقوله في الصحيح وأي عقل له وهو يطيع الشيطان الوارد فيمن أُبتلي في وضوئه وصلاته والظاهر أن الابتلاء لكثرة شكه وفيه أنه لو سئل عنه لم تفعل كذلك؟ يقول هو من الشيطان وللزوم العسر والحرج لولا إلغاء حكم كثرة الشك ولا يتفاوت الحال بين قدرته على العلم من نصب علائم وشهود على ما فعل وبين عدمه لعموم الدليل.

رابع عشرهـا: حكم الظن كحكم الشك هاهنا فكثرته إن تعلقت بالمفسدة لا تعتبر وإن تعلقت بالمصحح بنى عليه وغير الكثير منه إن تعلق بالوجود أو تعلق بالعدم وكان في الأجزاء وهو على محله أتى به ما لم يعلم الإتيان به وإن فرغ من الوضوء لم يلتفت إلى الظن بالعدم كل ذلك لظاهر الفتاوى ولفهم إرادة ما يعم الظن من لفظ الشك في الأخبار والظاهر أن العود على المشكوك فيه أو المظنون بوقوعه أو المظنون بعدمه جائز وإن احتمل البدعة وكان مستحباً كالغسلة الثانية لاحتمال أنها ثالثة نعم لو تبين أنها الثالث ففي الاجتزاء بالمسح من بلها لحكم الشارع بها وعدمه لكونها ليست من أجزاء الوضوء واقعاً نظر وتأمل والأحوط الأخير.