انوار الفقاهة-ج13-ص39
سادسهـا: يجزي في المسح المسمى من إمرار الماسح على الممسوح ولو بجزء من الماسح إصبع أو أقل أو أكثر على جزء من الممسوح قدر عرض ثلاثة أصابع أو إصبع أو أقل من ذلك فلا بأس بمسح ما دون الإصبع على ما دون الإصبع عرضاً وطولاً وعلى ما فوق الإصبع إلى ثلاثة أصابع عرضاً فقط أو طولاً فقط أو عرضاً وطولاً وبما فوق الإصبع إلى ثلاث أصابع على ما دون الثلاثة عرضاً فقط أو على ما دون الثلاثة طولاً فقط ويصح وضع طول الماسح على طول الممسوح وعرضه على عرضه وطوله على عرضه وعرضه على طوله وجميع هذه الصور لا بأس بها على الأقوى عملاً بإطلاقات الكتاب والسنة الرافعة لإجمالها فتوى المشهور والإجماعات المنقولة على الاكتفاء بإصبع واحدة فإنها ظاهرة في إرادة الاكتفاء بذلك في الماسح والممسوح وفي أن الإصبع مثال لتحصيل المسمى والروايات الدالة على الاكتفاء بقدر ما يدخل الإصبع تحت العمامة من اعتم والإجماعات المنقولة على كفاية المسمى وظهور الباء في التبعض بنفسها أو باعتبار تركيبها يقضي بذلك وورود الرواية بالنص على كون الباء للتبعيض يعطي ذلك وإنكار سيبويه مجيئها للتبعيض لا يسمع في مقابلة ناقل الإثبات فهم جمع والرواية الدالة على كونها للتبعيض ولو مجازاً فبمجموع ما ذكرنا يحصل للفقية ظن بإطلاقات الأدلة والإجتزاء بالمسمى وذهب جمع من فقهائنا إلى وجوب مسح قدر ثلاثة أصابع مضمومة والظاهر انه لو كان بإصبع واحدة استناداً لرواية زرارة المرأة يجزها من مسح الرأس أن تمسح مقدمه قدر ثلاثة أصابع وهي معتبرة معمول بها ولا قائل بالفرق بين الرجل والمرأة ورواية معمر بن عمرو فيها وكذلك الرجل وفيه أن هذه الروايات لا تقوي على الأدلة المتقدمة والإطلاقات المحكمة القوية بفتوى المشهور وللإجماع المنقول فاللازم إما طرحها أو حملها على الندب ويظهر من جمع آخر من أصحابنا الميل إلى وجوب مسح قدر إصبع ويراد به عرضه كما هو المتبادر من هذا التقدير واستدلوا على ذلك بخبر حماد فيمن يتوضأ وعليه العمامة يرفع العمامة بقدر ما يدخل إصبعه فيمسح على مقدم رأسه ونحوه غيره وفيه ما قدمنا من ضعف معارضتهما لما قدمناه من الأدلة مع ضعف دلالتهما لان المسح بالإصبع يتحقق مع المسح بالمسمى ومع المسح بقدر ثلث والعام لا يدل على الخاص على أن جملة من القائلين بوجوب الإصبع أرادوا به الاجتزاء بمسحه ولو بحصول المسمى لا بيان القدر كما صرحوا به فحمل كلام المطلقين على ذلك إلا قليل ممن صرح بالخلاف غير بعيد وبهذا ظهر أيضاً قلة القائل بهذا كما يظهر ضعف دليله والظاهر أن المشترطين لقدر الثلاث يريدون القدر في العرض إذا وضعت الأصابع على طول الرأس وانجرت إلى الأسفل بطولها ويكتفون بالطول بالمسمى ولا يجزي على الظاهر عندهم وضع الثلاث وجرها عرضاً برؤوس الأصابع إلى الأسفل نعم لو وضع قدر الثلاث وجرها عرضاً على عرض الرأس أو طولاً على عرض الرأس أجزأ على الظاهر عندهم ويمكن تنزيل رواية الإصبع على رواية الثلاث بإرادة طول الإصبع في عرض الرأس وهو مقارب لعرض الثلاثة في طول ولكنه بعيد وعلى القول بكفاية المسمى ينوي الوجوب إن فعل المسمى لا غير ولو فعل الزائد فإن نوى أن المجموع امتثال للأمر وأوقعه دفعة نوى الوجوب ولا بأس به وجواز الترك إلى بدل لا ينافي الوجوب لان الفرد الأقل بدل عن الفرد الأكمل وعدم وجود البدل عن الزائد لا يضر بعد كون المجموع فرداً كاملاً للواجب وإن نوى أن البعض امتثال للواجب والباقي امتثال للأمر الندبي نوى الوجوب والندب معاً وإن أوقع الزائد تدريجاً نوى فيه الندب إذ لا معنى للامتثال عقيب الامتثال مع احتمال جواز نية الوجوب فيه لكونه فرداً للطبيعة المطلوبة وهل له أن ينوي المندوب أولاً ثم يأتي بالواجب الظاهر ذلك ولا يبعد القول بعدم جوازه لان هذا المندوب مترتب على فعل الواجب فلا يقع قبله بالمسح ولو نوى على مجموع الرأس الامتثال بطل مسحه وإن نوى التوزيع صح في الربع المتقدم ولو أوقع المجموع لغواً ناوياً للبعض صح البعض ولغاً الزائد .
سابعهـا: يشترط في المسح وجود البلة فلا يجزي مع الجفاف إجماعاً وكونها من بلة ماء الوضوء إجماعاً ولقوله (() (وامسح ببلة يمناك ناصيتك) وظاهرها البلة المتحققة من الوضوء فلا يجزي الماء الجديد وكون البلة الباقية على اليد فلا يجوز أخذ بلة الوجه واليد مع الاختيار لظاهر الأخبار وللمأثور عن الأئمة الأطهار (() وللاحتياط وللشك في الاطلاقات ولا يشترط كون البلة مؤثرة في الممسوح بل لو لم تؤثر فلا بأس مع احتمال وجوبه والاحتياط يساعده ولا يشترط عدم كثرة الماء الحاصل منه جريان على الممسوح لما قدمناه أن المسح والغسل يجتمعان في مورد واحد نعم لا بد عند اجتماعهما من نية المسح فلو نوى الغسل بطل ولو لم ينو فالظاهر الحمل على المصحح لانصراف نية الإجزاء للصحيح قهراً ولو كان على الممسوح رطوبة جزئية تستهلك برطوبة الماسح فلا بأس وانعكس الحال بطل المسح لكونه بماء جديد ولو اجتمع الأمران احتمل البطلان لان المركب من الداخل والخارج خارج ولصدق المسح بغير ماء الوضوء وللاحتياط وهذا أقوى واحتمل الصحة لصدق الامتثال بالمسح بنداوة الوضوء وللزوم العسر والحرج لولاه لعدم الانفكاك من العرق غالباً ومن ماء الوضوء في غسل الوجه وفي الجميع نظر لمعنى صدق الامتثال كما ذكرنا ومنع لزوم العسر والحرج لإمكان إزالته غالباً ولو سَلّم فيختص الجواز عند عدم طروهما لا مطلقاً كما ستذكر في مسألة الجفاف إنْ شاء الله تعالى وأولى بالمنع مسح العضو الثاني بالبلة المجتمعة من المسح للعضو الأول فإنه يشك في اجزائها لعدم صدق أنها بلة يمينك وبلة وضوئك.