انوار الفقاهة-ج13-ص24
ومنهـا: أن ينوي رفع الجنابة فقط من دون ملاحظة نية رفع غيرها وعدمه وحكم جملة من أصحابنا فيها بالتداخل وإجزاء غسل الجنابة عن غيره ونقل عليه الإجماع ودلت عليه بعض الأخبار ولكنه لا يخلو من إشكال لمعارضته لأصالة عدم اجزاء فعل عن غيره ولعدم إجزاء المنوي عن غير المنوي و(لكل امرئ ما نوى) و(إنما الأعمال بالنيات) وما استدل به القائل بارتفاع غير الجنابة من أن الحدث متحد فرفع الأقوى يستلزم رفع الأضعف وإن منع العكس ومن أصالة البراءة وصدق الامتثال لأن الآتي بالمطلق يُعدُّ ممتثلاً وإن لم يأتِ به لذلك الطلب ومن أن أخبار النية إما مجملة فلا يصلح بها الاستدلال على وجوب نية الجميع أو ظاهرة في قصد التقرب والإخلاص أو مطلقة في لزوم قصد الفعل مع الإتيان به يحصل الامتثال لعدم دخول قصد الخصوصية فيها أو أن الخصوصية مقصودة ضمناً في نية رفع حدث الجنابة ولا دليل على لزوم القصد الصريح لا من الأخبار ولا من العرف واللغة ومن أن ما دل على لزوم اليقين في أخبار النية مخصص بأخبار التداخل وتخصيص أخبار التداخل بأخبار النية وحملها على ما إذا نوى الجميع وإن كان ممكناً لأن الأدلة بينها عموم من وجه إلا أن الأول أرجح للإجماع المنقول ولظهور بعض الأخبار في الأجزاء مع عدم نية الجمع (كمرسلة جميل) إذا اغتسل الجنب بعد طلوع الفجر أجزأ عنه ذلك الغسل عن كل غسل يلزمه ذلك اليوم والآخر أيضاً يجزيك غسل يومك لليلتك وغسل ليلتك ليومك وظاهر الأخير كغيره من بعض الأخبار الاجتزاء بالغسل المعين عن كل غسل حتى ما تجدد سببه بعد وقوعه حتى أن بعضهم أفتى بذلك ولكنا حيث لا نقول به لمخالفته الإجماع ظاهراً والأخبار اقتصرنا على المتيقن مما تقدم بسببه هذا أن جعلنا المراد في الليلة واليوم اللاحقين وإن جعلناهما السابقين كان شاهداً لنا ولا إشكال حينئذ ضعيف لا نرتضيه مبني على أصول لا نقول بها سيما دعوى تخصيص أخبار النية بأخبار التداخل فإنهما ممنوعة لعدم قابلية أخبار التداخل لتخصيص أخبارها المشتهرة المتكثرة الموافقة للمشهور ومع أن أخبار التداخل ليست صريحة بعدم نية الجميع كي تعارض أخبار النية والإجماع ممنوع لمعارضته بفتوى الفحول بخلافه فالأظهر عدم الإجزاء حينئذ.
ومنهـا:أن ينوي الجنابة فقط نافياً لنية غيرها والأظهر أيضاً هاهنا عدم الإجزاء للأصل وللأخبار النية الموجبة للتعيين في العمل والدالة بمفهومها على إن لم ينوِ لم يحتسب وإن المنفي بالنية ينتفي كما أن الموجد لها يوجد ودعوى شمول إطلاق الأخبار التداخل لها وحصول الامتثال بوقوع الفعل مطلقاً ووقوع المنفي قهراً لأن الناوي إذا علم إجزاء غسل الجنابة عن غيره لم يكفِ قصد نفي غيره قصداً حقيقياً ولان تخصيص أخبار النية بإطلاق أخبار التداخل أولى من تخصيص أخبار التداخل بأخبار النية لاعتضاد أخبار التداخل بإطلاق للإجماع المنقول ولأن أخبار التداخل إنما تدل على سقوط غير الجنابة بنية الجنابة تعبداً لا لحصول الامتثال كي تعارض أخبار النية مدفوعة بأن جميع ما ذكر لا يعارض أدلة النية المشتهرة المتكثرة وفتوى المشهور لعدم الإجزاء وبأن أخبار النية كما تدل على توقف الامتثال على نية الجميع كذلك تدل على عدم سقوط غير المنوي بالمنوي وعدم إجزاء المنوي عن المنفي ثم على حصول التداخل بنية الجمع يكون معنى التداخل الإجزاء عن المأمور به في سقوط العقاب وترتب الثواب وامتثال الخطاب وعلى القول بحصول نية الجنابة مطلقاً يحتمل الاجتزاء به بهذا المعنى لحصول القصد ضمناً ويحتمل الاجتزاء به بمعنى سقوط الخطاب وعدم ترتب العقاب وعلى القول بحصوله مع نية نفي غيره فالأظهر الاجتزاء به بالمعنى الأخير فقط.
ومنهـا: أن ينوي غسلاً ما مع وجود الجنابة وغيرها من دون ملاحظة الخصوصية والأظهر فساد الغسل لعدم تعيين المنوي المتعدد النوع بنية المطلق والمشترك غير صحيحة كما تدل عليها أخبار النية وذهب بعض إلى الصحة والاجزاء عن الجميع لحصول الامتثال وهو ضعيف.