پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج13-ص16

الثــامن: لا تجب نية وجه الفعل في الوجوب والندب إلا إذا توقف عليه التعين كما يتعلق بالمكلف خطابان واجب وندب بفعلين متساويين من كل جهة سوى وصف الوجوب والندب فيحتاج لنية أحدهما للتعين والتميز ولا فرق في عدم وجوب نية الوجه بين اخذ الوجوب والندب غاية لفعل الفاعل كما فعل هذا لوجوبه أو أخذهما قيداً له كإفعل هذا الواجب لخلو الأخبار عن وجوب ذلك ولصدق أنه عمل منوي فيدخل تحت أدلة وجوب النية ولا دليل على وجوب غير ذلك ودعوى أن النية مجملة فما شك في جزئياتها لها أو شرطيتها تحكم بالجزئية والشرطّية أو دعوى أن الصلاة مجملة فما شكّ في شرطيتها فيها كالشك في شرطية نية الوجه فيها بجعله شرطاً ممنوعاً أولاً بعدم تسليم كون النية مجملة أما لكونها باقية على المعنى اللغوي وأما لكون أن معناها الشرعي مبنيّاً بما جاء في الأدلة الدالة على وجوب الإخلاص والامتثال والطاعة فإنه يفهم منها عدم إرادة الشارع شيئاً آخر وراء ذلك فيكون ذلك الإجمال مرتفع بذلك البيان وثانياً بعدم الشك في شرطية نية الوجه بل المظنون من الأخبار والآثار هو عدم الاشتراط لأن نية الوجه لو كانت شرطاً لأكثر الشارع من بيانه وأوجب العلم به والتعلم والعمل لشدة الحاجة إليه ولاشتهر أمره غاية الاشتهار لتوفر الدواعي إلى معرفة حكمه ولأنه مما تعم به البلوى ولما أمر الشارع بعدة أشياء فيها الواجب، وفيها المندوب بأمر واحد كالتكبيرات السبع والتسبيحات الثلاث من دون تميز بين الواجب والندب ولما أمر في كثير من المندوبات بالصيغة (أفعل) من دون نصب قرينة على إرادة الندب حتى أن كثيراً من السائلين يكررون عليهم السؤال أن هذا واجب أو ندب فيجيبونهم بعد ذلك ببيان الندب وإن ليس في تركه شيء ولأنا نرى أن العبد لو اتى بما أراد مولاه لا يحسن أن يسأله أنك هل أتيت به بعنوان الواجب أو الندب بعد أن عرف أن العبد ما أتى بذلك الفعل إلا طلباً لامتثال إرادة مولاه واتباعاً لهواه ولا يحسن من المولى نقص فعل العبد معللاً له بأنك لم تنوِ وجه إرادتي ووصفها من الوجوب والندب ولأنا لا نرى فرقاً بين وصفي الوجوب والندب وبين الأوصاف الأخر من شدة الطلب وضعفه وعظم المطلوب وعدم عظمه وأدائية الفعل وقضائيته وكونه بمكان شريف وعدمه وكونه في زمان كذلك وعدمه ولا نعقل في صفي الوجوب والندب إلا شدة تأكد الطلب وعدمه وهو لا يصلح لان يكون موجباً لنية ولانا لا نفهم ما جاء في الكتاب والسنة من الأمر بالعبودية والإخلاص والامتثال ومدح العابدين والمتقين وغير ذلك سوى أن مراد الشارع الإتيان بالعمل لوجهه وفعله لأجله فيحمل مطلق ما جاء في النية ومجمله على مقيد ذلك ومفصله والأحوط اعتبار نية الوجه تفصيا عن شبهة فتوى كثير من الأصحاب وشبهه ما يظهر من بعضهم من دعوى الإجماع وشبهه شمول أدلة النسبة لاعتبار الوجه وشبهه أن الفعل إذا لم ينوِ على الوجه لم يكن مشخصاً ولا مميزاً وشبهه أن ما شك في شرطيته شرط وغير ذلك فالأحوط أخذ الوجوب قيداً وغايةً للتخلص من شبهة من أوجب كلاً منهما.

التـاسـع: لا تجب في الوضوء نية الرفع ولا نيّة الاستباحة خلافاً لمن أوجب أحدهما لا بعينه ونقل الإجماع على ذلك وخلافاً لمن أوجبهما معاً وخلافاً لمن أوجب أحدهما معيناً الأول أو الثاني للأصل وضعف الإجماع المنقول بمصير الكثير إلى خلافه ولحصول المقصود مع قصد الوضوء وقصد التقرب به قهراً لأن رفع الحدث من آثاره اللازمة له شرعاً كرفع الخبث بالغسل ومع حصول المقصود برفع الحدث لا معنى لاشتراط شيء اخر لعدم توقف صحة الصلاة على شيء آخر سوى رفع الحدث ولخلو الأخبار في مقام البيان عن ذكرهما ولعدم اشتهار وجوبهما مع توفر الدواعي إلى اشتهاره ولصيرورة العمل منوياً فتشمله أخبار النية وإن لم يدخلا في النية وما استدلوا به من أن استباحة الصلاة غاية للأمر بالوضوء لقوله تعالى (إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ( فإنه يفهم منه أن الغسل للصلاة كما يقال إذا لقيت الأسد فخذ سلاحك ونية الغاية مقوّمة لفعل لان من فعل الفعل المعني من دون نية غاية له أو نية غاية أخرى لم يعد ممتثلاً ومردود.

أولاً: بأن الغاية غاية للأمر والإيجاب عن الأمر فالمقصود نفس الفعل لا غاية للمأمور به بحيث تدخل في أمر الآمر بحيث يكون الفعل لهذه الغاية مأمور به.

وثانياً: بمنع تسليم أن الصلاة غاية للأمر به بل المقصود من الآية بيان الشرطية والتوقف بمعنى أنه لا تصح الصلاة بدون الوضوء لأن الوضوء لأجلها.

وثالثاً: بأن المراد بيان الغاية واقعاً وهو لا يستلزم وجوب نية كل غاية واقعية وإلا يراد علينا بالنقض بالقربة باستلزام ما ذكرناه لعدم وجوبها مردود بظهور الفرق بين الغايتين فإن غاية القربة قضى بها دليل الإخلاص وهو لا يمكن إلا بنية أن الفعل له عز وجل وغاية الاستباحة قضى بها دليل اشتراط صحة الصلاة بالوضوء وهو لا يتوقف على نية كون الوضوء لها ولاستباحتها.

ورابعا: بأن الآية لا تدل على اشتراط نية الاستباحة والمدعى أعم منها ومن نية الرفع ودعوى كونهما متلازمين إذ الحدث حالة يمنع من العبادة فإذا ارتفع استبيحت العبادة مردودة.

أولاً : بأن التلازم غير مجد في النية للزوم نية الشيء على ما وقع عليه لا على لازمه.