پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج13-ص14

الرابــع: يشترط في نية العبادة قصد نفس الفعل جزماً وهو أمر قل ما ينفك عنه الفعل الاختياري الصادر عن شعور من المكلف وهو المعنى بقولهم أن تكليف العمل من دون نية تكليف ما لا يطاق وقصد التقرب به وهو روح العبادة وريحانها وهو قصد أن العمل له تعالى أما لأنه أهل للعبادة أو لان العابد أهل لذلك أو شكراً لنعمته أو طلباً لرضاه أو دفعاً لسخطه أو طلباً لمثوبته وغير ذلك من الغايات اللاحقة لكون العمل له ولو نوى العمل للثواب الأخروي أو الدنيوي بحيث جعل العمل في مقابلتها وصيّر العمل لها بشبهة المعاوضه فسد العمل على الأظهر لمنافاته للإخلاص وما ورد من الأخبار والآيات الظاهرة من جواز العبادة للخوف أو الطمع أو للجنة أو النار وكقوله تعالى (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا ( وقوله (() (من بلغه ثواب على عمل) وغير ذلك محمول على جعل ذلك غاية للغاية وعلى جعل ذلك باعثاً للعبادة لوجه الله تعالى كما يشعر به قوله تعالى (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ( مع قوله تعالى (إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا (لا على أن العبادة للطمع وللخوف والثواب ودعوى أن عبادة العوام من هذا القبيل وقد أقرهم العلماء على ذلك ممنوع لعدم معرفة العلماء بما عليه العوام لأصالة صحة عملهم ككثير ما يقع منهم ولو نوى العمل للثواب الدنيوي أو لرفع عقابه على طريقة المعاوضة فسد العمل بالطريق الأولى وتعين المقصود بنوعه وشخصه أو بلازمه ووضعه إذا لم يكن متعيناً في نفسه كما إذا كان دائراً بين فردين قابلاً ذلك الزمان أو ذلك المحل لوقوع كل منهما لان العمل في المشترك لا يتشخص إلا بالوصف الخاص وإلا وقع مبهماً والمبهم لا وجود له في الخارج وإن كان متعيناً بزمان أو مكان كفى نية النوع والتقرب بما يتعلق به الخطاب واشتغلت الذمة به فينصرف في المنوي إلى ما يتعلق به الخطاب وصح فعله لاقتران نية النوع بنيت فعل ما تعلق به الخطاب فيكون من قبيل نية الوصف اللازم والأحوط تعين المنوي حتى في المتعين واقعاً شخصه أو وصفه اللازم مع الإمكان بل مع عدم الإمكان أيضاً كمن فاتته رباعية مرددة فإنه يقوى عدم وجوب التعين وكفاية الإطلاق وعدم وجوب التكرير ولكن الاحتياط بالتكرير محافظته على التعين.

الخــامس: يجب استدامة حكم النية في جميع الأجزاء بمعنى أن لا يقطعها بنية تخالفها من رياء ونحوه ولا ينوي قطع العمل فيعمل فإن العمل يبطل في مثل الصلاة ونحوها ويجب العود إليها وإلى العمل المقارن لنية القطع في مثل الوضوء وشبهه أو لأن تعزب عنه أصلاً ورأساً بنسيان وشبهه بحيث يقع العمل منه من غير شعور وكل ذلك لعموم أدلة النية الشامل للكل والأجزاء من الأعمال نعم لو سهى عنها مع بقاء التذكر في خزانة الخيال بحيث انه يتفطن للعمل الأدنى شعور به لم يكن به بأس واشتراط الاستدامة على القول بكفاية الداعي في النية لا كلفة فيه لإمكان استمراره مع جميع أجزاء العمل وعلى القول بوجوب الأخطار يكون معنى اشتراطه هو عدم زوالها عن القوة المدركة أصلاً ورأساً وعدم نية خلافها.