پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج13-ص13

أحدهـا: تجب النية في الطهارات الحدثية إجماعاً وكتاباً وسنة متواترة وجميع ما ورد من الأمر بالطاعة والامتثال والانقياد والعبودية والإخلاص دال عليها لأن الفعل إذا لم يقع بقصد أصلاً أو وقع بقصد انه لغير الله لم يسمَ عرفاً انه مطيع به وممتثل فيه وعابد ومخلص وكذا جميع ما جاء في النهي عن الرياء والأمر بمجاهدة النفس ودفع وساوس الشيطان وقوله تعالى: (بل الله فاعبد مخلصاً له ديني( وقوله (لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ( ظاهر في إرادة الإخلاص في العبادة وهو موقوف على النية بل يكفي في الاستدلال بالآية قوله تعالى (لٍيَعْبُدُوا اللَّهَ( فإن العبادة لله لا تتحقق بدونها مما أورده بعضهم من أن الإخلاص في الدين لا يستلزم الإخلاص في العبادة لاحتمال إرادة الملة من لفظ الدين مدفوع بما ذكرناه وقوله (() (لا عمل إلا بنية) ظاهر في في نفي الصحة لأنه أقرب المجازات عند تعذر الحمل على الحقيقة وهو نفي الذات بل يراد منه نفي الذات بالنسبة إلى العبادات بناء على وضعها للصحيح وارتكاب التخصيص في الرواية بإخراج المعاملات بالدليل الدال على عدم لزومها فيها خير من ارتكاب التجوّز بإرادة نفي الكمال الشامل للعبادات غيرها فحينئذ لا يكون في الحديث دلالة على وجوبها في العبادات لان التخصيص خير من المجاز ولان فهم الأصحاب من أعظم القرائن في الباب هذا إن أردنا بالنية المعنى الأخص المشترط في العبادات وإن أردنا بها المعنى الأعم الشامل للقصد الخاص المقترن بقصد القربة في العبادة وللقصد المطلق الخالي عنها في غيرها بقي اللفظ على حاله ولم يحتج إلى تخصيص لأن العقود والإيقاعات مفتقرة أيضاً إلى النية بمعنى القصد المطلق المقارن للمقصود فيبقى نفي الصحة في الحدث على عمومه .

الثـانـي: للأصل في كل مأمور به أن يفتقر إلى نية بالمعنى الخاص لتوقف الطاعة وامتثال الأمر عليها وهما واجبان قطعاً فالأصل في كل مأمور به أن يكون عبادة بالمعنى الأخص لما قلناه ولان الشك في كون الشيء عبادة أو غيرها يعود إلى الشك في الجزئية وهو يعود إلى الشك في الماهية واللازم من ذلك الإتيان بما يقطع فيه بحصول الماهية وهو لا يتم إلا بالإتيان بالمشكوك به في الجزئية فلا يتم إلا بالإتيان بالنية نعم لو قام الدليل على خلاف ذلك من إجماع وغيره أخذنا به كما قام الدليل على كثير من المأمور به أن المراد منه مجرد إيجاده في الخارج أو فهمنا من الأوامر عدم إرادة الطلب منها بل مجرد الإرشاد أو بيان الحكم الوضعي كما فهمنا في كثير من المعاملات ذلك.

الثالـث: الأظهر أن النية حقيقة شرعية في القصد المقارن للقربة فهي من خصائص العبادات شرعاً ويحتمل القول ببقائها على المعنى اللغوي ويحتمل فعلها للقصد المقارن للقربة في العبادات وللقصد المطلق في غيرها وعلى كل حال فلا بد من مقارنتها للمقصود بخلاف لفظ القصد ولا يشترط فيها سبق التردد بخلاف العزم ولا يشترط فيها الميل النفساني والانبعاث القلبي بخلاف الإرادة والميل.