انوار الفقاهة-ج13-ص5
أحـدهــا: يجب ستر العورة إجماعاً محصلاً ومنقولاً كتاباً وسنة مستفيضة ولا يراد بالأمر بالغض في الكتاب إلاً الغضّ عن العورة والاعتبار الناشئ في قطع مادة الفساد يقضي به وما ورد في تفسير حرمة عورة المؤمن بكشف سره وإظهار عيبه غير مناف لأنه من التفاسير للبطون الغير معارضة للأخذ بالظاهر ولا يتفاوت بين المسلم والكافر لعموم الأدلة وفتوى المشهور وما ورد بخصوص لفظ المسلم والمؤمن لا يخصص عموم التحريم لأن العام والخاص مع عدم التنافي لا يحمل أحدهما على الآخر وما ورد من أن النظر إلى عورة الكافر كالنظر إلى عورة الحمار ضعيف لا يقاوم ما قدمنا ولا بين الكبير والصغير إلاّ إذا كان الناظر غير مميز من الأطفال فإنه لا يدخل تحت أدلة التحريم وكذا إذا كان المنظور صغيراً لم يبلغ الثلاث سنين فإن السيرة قاضية بجواز النظر إلى عورته من الأمهات والمربيات والقوابل وقد يدعى قصر التخليل على ما جرت به السيرة دون غيره والأقوى الأول لعدم شمول أدلة تحريم النظر إلى العورة للنظر إلى عورته والمراد بالعورة القضيب والانثيان وحلقة الدبر للأخبار المنجبرة بالأصلي وفتوى الأخيار وللسيرة ولنفي دليل العسر والحرج والأحوط ستر الفخذين إلى السُرّة ولا فرق في التحريم بين النظر بنفس العين أو بواسطة كالمنظرة ولا بين نفس الحجم وبين ما انعكس فيه كالمرآة، نعم في غير المعتاد للنظر إليه بانعكاسه كالماء وباقي المائعات إشكال والأحوط التجنب الذي يحرم النظر إليه نفس البشرة لا الحجم سواء ستره ساتر فغطاه فالتصق به أو كان يرى حجماً من وراء الساتر بحيث لا يقال عرفاً أنه رأى البشرة ولا فرق بين المفصول في العورة والموصول ولا بين الجزء والكل ولا بين الميت والحي وما نبت على العون من لحم حكمه حكمها وما نبت من شعر لا يحرم النظر إليه وفي إلحاق باطن العورة بظاهرها إشكال والأحوط التجنب ويحرم النظر في الخنثي إلى الفرجين معاً ويجب الستر مع القطع بوجود النظر من الناظر والظاهر أنه مع الظن أو الشك في النظر مع وجود الناظر يجب الستر أيضاً لظاهر الأخبار وظاهر الأمر بالتستر وأما مع الشك بوجود الناظر أو الظن به فالأحوط التستر أيضاً.
ثانيهـا: يحرم على المُتَخَلّي استقبال القبلة واستدبارها وفاقاً للمشهور والأخبار الناهية عن ذلك المعتبرة المنجبرة بأدلة وجوب تعظيم الشعائر وبفتوى الأكثر وبالإجماعات المنقولة وظاهر الأدلة تحريم الاستقبال والاستدبار بما يُسمّى كذلك ويختلف باختلاف القيام والجلوس والاضطجاع والاستلقاء ويدور مدار مقاديم البدن وأغلب الصورة الشخصية ولا عبرة بنفس العورة إذا لم تكن على القبلة بعد الاستقبال بمقاديم البدن كما لا يضر الاستقبال بها إذا لم تكن المقاديم على القبلة نعم الأحوط تجنب الاستقبال بنفس العورة وإن كانت المقاديم منحرفة عنها لقوله (() (لا تستقبل القبلة بغائط ولا بول) ويقوى إلحاق حالة الاستنجاء بحالة التغوط لمناسبتهِ لدليل التعظيم ولخبر الساباطي في الأمر بالجلوس للمستنجي كالجلوس للغائط ولو دار الأمر بين الاستقبال والاستدبار رجح الاستدبار لكونه أهون في منافاته للتعظيم ولو اشتبهت جهة القبلة تجنب الجميع مع عدم الحاجة ومع الحاجة إلى التخلي تخير وأحتمال القرعة بعيد نعم إذا حصل له ظن بجهة حاصلة عمل على ذلك الظن والاستدامة كالابتداء في جواب الانحراف ولا فرق في حرمة الاستدبار بين لزومه استقبال بيت المقدس وبين عدمه خلافاً للفاصل كما لا فرق في تحريم الاستقبال والاستدبار بين الصحارى والأبنية لإطلاق الأخبار الناهية واشتمال كثير منها على المكروه وكثير منها على الأمور الندبية لا ينافي النهي بخصوص الاستقبال والاستدبار على التحريم بعد الانجبار بأدلة وجوب التعظيم وفتوى الأخيار وخلافاً لمن فصل فأجاز في الثاني دون الأول أو العكس وما ورد في خبر (بن بزيع) في بناء كنيف إلى القبلة في منزل الرضا (() لا دلالة فيه على أن الإمام (() يستقبل القبلة فيه لان العام لا يدل على الخاص مع ظهور أن البناء ليس للإمام (() بل كان لغيره لاستبعاد وقوع ذلك منه (() للاتفاق على مرجوحيتهِ ومع الاحتمال إرادة بناء الباب على نفس القبلة لا الكنيف والظاهر استحباب التشريق والتغريب للأمر به المحمول على الندب لعدم للقائل بإرادة حقيقته فيحمل على أقرب المجازات وأشهرها.