انوار الفقاهة-ج12-ص50
ثامنهــا: لو ارتمس الجنب في ماء قليل ونوى بنفس الكون الغسل فإن خرج كان مستعملاً له ولغيره وإن بقى فهل يكون مستعملاً أيضاً مطلقاً أو لا يكون مستعملاً حتى ينفصل المغتسل من الماء أو يكون مستعملاً بالنسبة لغيره فقط أو بالعكس فقط وجوه أقواها كونه مستعملاً مطلقاً وإن لم يخرج من الماء وعلى ذلك فلو اغتسل اثنان ونويا دفعة صحّ غسلهما وإن تعاقبا بطل اللاحق وإن جهل التاريخ فالأقوى صحة غسلهما لتمسك كل منهما بصحة عمله وأصالة عدم المانع سواء مشكّا بالسابق واللاحق بعد العلم بالسبق واللحوق أو شكاً بالسبق واللحوق والتقارن وإن نوى المجنب الغسل بالإدخال كان مستعملاً له بعد تمام دخوله وإن نواه بالإخراج كان مستعملاً له بعد تمام خروجه ولو بقيت على بدن المرتمس لمعة لم يصبها الماء فهل يجوز أخذ ما يغسلها من الماء الذي ارتمس فيه بعدم تحقيق كونه مستعملاً إلا بعد غسل اللمعة أو لا يجوز لأن صدق الاستعمال عليه لا يتوقف على إتمام الغسل فيه بل يكفي كون الماء جزء سبب للرفع وهذا أقوى وعلى الأول فهل يكون جميعه مستعملاً بعد أخذ ما يغسل اللمعة منه أو يكون المستعمل منه قدر ما جرى على اللمعة وجهان ولو أخذ ما يغسل اللمعة من ماء آخر قوى على الأول عدم كون الماء الأول مستعملاً وعلى الثاني كونه مستعملاً أما لو اغتسل المجنب ترتيباً فإن صَبَّ الماء على بدنه واختلط بالماء الآخر واستهلك به فلا بأس وإن لم يستهلك به فإن كانا متميزين أخذ من غيره وإلا صار حكمه كالمستعمل لأن المستعمل في الأجزاء كالمستعمل بالكل ولا يتفاوت في الإجزاء بين الأخير والأول ولو اختص بالجزء الأخير جداً لما بقي ماء مستعمل لاستهلاك ماء الجزء الأخير بغيره وأن ارتمس ترتيباً فالظاهر أن ما رمس به رأسه أو لا يكون مستعملاً ولا يجوز أن يرمس به باقي أجزاء البدن إلا إذا تميز عرفاً بحيث لم يكن ماءً واحداً عرفاً، نعم لو نوى في كون واحد وارتماس واحد غسل رأسه أولاً في موضعه ثم شقه الأيمن والأيسر قوي أن ماء كل من أعضائه ليس مستعملاً بالنسبة إلى الآخر وفي القول بأنه لا يكون مستعملاً بالنسبة إلى نفسه إلا بعد إتمام رمس الأعضاء فيه أو رمس الجزء الأخير وجه قوي وإن كان بالنسبة إلى غيره مستعملاً مطلقاً فلو رمس رأسه في ماء ثم رمس شقه الأيمن في آخر ثم الأيسر في آخر كان الكل مستعملاً بالنسبة لغيره والأخير فقط مستعملاً بالنسبة لنفسه ولغيره.
تاسعهـــا: لو وجد ماء قليلاً وخيف من رجوع ماء اغتسال الجنب إليه أستحب له رش أكفّ من ماء على الأرض من يمينه ويساره وخلفه وأمامه كي لا ينزل الماء على الماء لأن أكثر الأرض تمسك الماء إذا تبللت أو رش أكفّ على بدنه ليتبلل فيسهل عليه الإسراع في الغسل كي لا يرد الماء على الماء وعلى أحد هذين الأمرين يحمل ما جاء من الأخبار بالرش من الجوانب الأربع أو الجانبين.
عاشرهـــا: ليس المدار على الوضوء والغسل بال المدار على رفع الأكبر والأصغر فغسل المس لو قلنا أن المس أصغر لا إشكال فيه ووضوء الحائض لو قلنا له دخل في رفع الأكبر كان من المستعمل في رفع الحدث الأكبر.
بحث في أحكام ماء الحمام
غسالة ماء الحمام العام لا الحمامات الخاصة المعلوم تنجس غسالتها أو عدمه أو المشكوك فيه وهي الماء المجتمع في غسل الأحداث وغسل الأخباث الغالب وقوعه على الأرض وانحداره في مكان مخصوص وهو إن علم عدم استعماله في حدث وخبث كان طاهراً مطّهر للأصل والعمومات والروايات الخاصة المجوزة لاستعماله الظاهر في إرادة هذا الفرد وإن علم استعماله فيهما كان نجساً لأن المجتمع من النجس نجس وإن علم استعماله في رفع الحدث دون رفع الخبث بني على ما تقدم في الماء المستعمل والأقوى كراهته في رفع الحدث وطهارته وطهوريته في غيره وإن لم يعله شيئاً من ذلك فهل يحكم عليه بأصالة الطهورية والطهارة لعمومات طهورية الماء واستصحاب حالته الأولى وللأخبار الخاصة الدالة على طهارة أرضه والماء الذي هو فيها مع إنه من ماء الغسالات وقد ورد أن الأمام (() لم يغسل رجله منه حتى صَلّى وفي الصحيح رأيت أبا جعفر (() جايئاً من الحمام وبينه وبين داره قدر فقال: (لولا ما بيني وبين داري ما غسلت رجلي ولا تجنبت ماء الحمام) وحمل ذلك على حمام علمت طهارة أرضه ومائها بعيد والمرسل النافي للبأس عن أصابتها للثوب أو يحكم عليه بالنجاسة