انوار الفقاهة-ج12-ص48
الماء القليل لماء الغسالة من المفهوم ومما حصل من الاستقراء ولعدم الشك في ثبوت قاعدة أن كل نجس ينجس لتحصّلها على سبيل القطع في موارد الأخبار والإجماع كما يظهر للمتتبع ولعدم تسليم قاعدة أَنَّ النجس لا يطهر مطلقاً حتى لو تنجس بما طهّره كحجر الاستنجاء وماء الغسالة مثله إنما المسلم أن النّجس سابقاً على حال التطهير لا يطّهر ولعدم تسليم حصول العسر والحرج بعد الحكم بطهارة ما يلزم العسر والحرج بتنجيسه من ثياب وآلات ومكان متعدّي إليه وبقايا متخلفة اقتصاراً على مورد اليقين أو الحكم بأنه نجس لا ينجس فهو معفو عنه للدليل ويرجع في قدر المتخلف ومكان التعدي إلى المتعارف ولعدم غرابة طهارة المتخلف من غير مطهر كما وقع في كثير من أحكام الطهارة التبعيّة ونحوها ولضعف الرواية الأولى عن مقاومة ما ذكرناه من الأدلة لضعف المفهوم أولاً ولكثرة الخارج منها ثانياً وكذا الرواية الثانية ولعدم ملازمة الجنب لتلوث بدنه وكذا الثالثة ولعدم لالتها على طهارة المركن وعدم تنجسّه بماء الغسالة إلاّ بإشعار ضعيف وهو غير حجة وكذا الرابعة والخامسة ولعدم دلالة عدم الأمر بالعصر على الطهارة وعدم الانفعال، نعم يدلان على طهارة الماء بعد ذلك حكماً شرعيّاً كالحكم بطهارة المتخلف وقيل بطهارة ماء الغسالة حالة الاتصال وتنجيسه حالة الانفصال جمعاً بين ما دّل على أن النّجس لا يطهر وما دلَّ على أَنَّ الماء القليل ينفعل وفيه أن الحكم بالنجاسة بعد الانفصال حكم من غير مقتض إذ المقتضى لها الملاقاة وقد انقضت وهي على حالة الطهارة فلا مقتضى للتنجيس بعدم ذلك ولا أثر للمقتضى بعد انقضائه لفواته من دون أن يعمل عمله وقيل بطهارة ماء الغسالة من إناء الولوغ مطلقاً دون غيره فأنّه ينجس ماء الغسلة الأولى دون الثانية وفيه أّنَّهُ قول من غير دليل وقيل بالفرق بين الغسلة المزيلة للعين فهي نجسة لعدم مدخلّيتها في التطهير وبين غير المزيلة فهي طاهرة وفيه أن الأقوى كفاية المزيلة فيجري الكلام وقيل بطهارة ماء الغسالة إنْ كان وارداً ونجاسته إنْ كان موروداً كغسل الثوب في الإجانة والمركن فيّطهر الثوب ويتنّجس الماء والإناء لأن المتيقن من عدم انفعال الماء القليل هو ما إذا كان وارداً لقوّته لا ما إذا كان موروداً ويظهر الرّد عليه ما تقدم وقيل بنجاسة التي لم يحصل بها التطهير وطهارة ما حصل بها التطهير فهي كالمحل بعدها وذلك لأنَّ تطهير النجس غير معقول فتحكم بطهارتها دون غيرها لشمول أدلة انفعال الماء القليل لها ويظهر من بعضهم القول بنجاسة ماء غسالة المحّل ولو بعد طهره فهي نجسة وإن ترامت بعد طهر المحل وهو قول غير معقول ثم إن القائلين بطهارة ماء الغسالة يظهر من الكثير منهم إثبات الطّهورية له أيضاً ما عدا رفع الحدث فإن ظاهرهُم الإجماع على جواز رفع الحدث به ويظهر من بعضهم إثبات الطهورية له حتى في رفع الحدث ويظهر من بعضهم عدم إثبات الطهورية له مطلقاً في حدث وخبث استصحاباً لحالتيهما مع الشك في شمول إطلاق طهورية الماء لمثل هذا الفرد من حيث ضعفه بالاستعمال لرفع النجاسة وقد يقال أن معنى طهارته إنه معفو عنه فهو نجس لا ينجس فعلى هذا لايجوز شربه ولا استعماله في الأكل وكذا القائلين في النجاسة اختلفوا في قدر ما يحتاج إليه في الغسل فقيل بكفاية المرّة لتيقّنها وأصالة البراءة من الزائد لرجوع الشكّ في القدر إلى الدوران بين الأقل والأكثر ابتداء وقيل هي كالمحل قبل الغسل للشك في التطهير بعد يقين النجاسة إلى أن يعلم المزيل فيجب الأخذ بالإحتياط لأنه من موارد يقين الشغل لا من موارد الشك في التكليف ابتداءً وقيل هو كالمحل قبل الغسل فنحتاج في الأولى إلى اثنتين وفي الثانية إلى الواحدة فيما يجب فيه غسلتان وأقواها الأول وأحوطها الوسط وأعدلها الأخير وذلك لأن التعدد للبول لا للمتنجس به مطلقاً ففي الأولى يثبت حكم البول لقوة نجاسته فيها ثم يضعف في الأخيرة فيجري عليه حكم النجس وهكذا في غير البول وحكم المتنجس بنجاسة ماء الغسالة حكم ماء الغسالة وإجراء حكم المتنجس مطلقاً عليه فيكفي فيه المرة قوي.
بحث في أحكام ماء الغسالة