انوار الفقاهة-ج12-ص47
الماء المستعمل في غسل الخبث غير ما ذكرناه من ماء الاستنجاء إذا لم يتغير بعين النجاسة وإن تغير بالمتنجّس قيل هو نجس مطلقاً سواء كان من الغسلة الأولى أم من غيرها وسواءً تعدّى عن محلّه أم لا وسواء انفصل عن الجسم الذي جرى إليه أم لا وسواء انقطع اتصاله فصار في مكان آخر أم لا وسواء غسل آنية الولوغ به أم لا وسوء كان وارداً أم كان موروداً وسواء طهر المحل به أو احتاج إلى تكرير وهذا هو الحق وفاقاً لفتوى المشهور نقلاً بل وتحصيلاً وللإحتياط ولإستقراء أدلة انفعال الماء القليل للمفيد المقطع بانفعاله مطلقاً ولمفهوم أخبار الكر المشعرة بحملان ما لم يبلغ الكر بحملان كل خبث لترك البيان فيه في المفهوم إذ لو كان يحمل خبثاً دون آخر لبينة الإمام (() في تلك الأخبار وبهذا يندفع الإيراد على من استدّل على النجاسة بالمفهوم من روايات الكر بأن المفهوم غير عام لأن غايته رفع حكم المنطوق وهو عدم حملان كل الخبث للكر وهو لا يقضي بحملان ما دونه لكل خبث فيكفي فيه الإهمال والإيجاب الجزئي وهو حاصل في غير خبث المغسول فيتجه أنه حينئذ لا يحمل خبث المغسول سيّما لو كان وارداً عليه ووجه الدفع هو أنه في مقام البيان يفهم أن الكريّة وعدمها علة في عدم الحملان والحملان وللإجماعات المنقولة على تنجس الماء إذا كان على بدن المجنب نجاسته أو على بدن الحائض حيض ولإطلاق الإجماع على نجاسة الماء القليل وللنهي عن غسالة الحمام فإن الظاهر منه أنه كتنجسّها بالمغسول ولخبر (العيص) المعتبر بفتوى المشهور الدال على الأمر بغسل ما أصابه قطرة من وضوء بول أو قذر ولخبر (عبد الله بن سنان) الناهي عن الوضوء عن الماء الذي يغسل فيه الثوب ولما جاء من الأمر بالعصر فإن الظاهر أنه لإخراج ماء الغسالة لنجاسته ولأن الماء إذا وقع على المغسول فأمّا أن ينجس المغسول ما باشره أوّلاً والثاني لا قائل به وعلى الأول يلزم التنجيس بتوسط شيء طاهر وهو غريب ولما جاء من الأمر بإهراق الماء من المغسول المتعدد في الظروف والأواني ولأنه لو كانت الغسالة طاهرة لما خفي حكمها مع توفر الدواعي إلى بيانها كما ظهر ذلك في ماء الاستنجاء ولاستبعاد تنجيس الماء بقليل من البول ولو قطرة في غير الغسل وعدم تنجسه بأكثر منه إذا كان غسلاً ولاستبعاد عدم الحكم على الماء الوارد على الإناء بشيء من الطهارة والنجاسة إلى أن ينكشف حاله فإن أُريق بيّن أنه ماء غسالة وإنه ظاهر وإلا تبين إنه نجس وإن حكم عليه بالطهارة ابتداءً قارب حكم (ابن أبي عقيل) بطهارة الماء القليل، نعم يستثني من نجاسة ماء الغسالة ما بقي من الماء في المغسول عادة أو كان بحيث يشق إخراجه وكذا ما يقع على اليد العاصرة أو المباشرة للمغسول لقيام السيرة على طهارته أو على إنه نجس لا ينجّس فهو معفو عنه كما قامت على طهارة اليد وآلات العصر تبعاً فلا استبعاد من كون ماء واحد بعضه طاهر وبعضهُ نجس أو طهارته بعد الحكم بنجاسته كما قامت السّيرة أيضاً على طهارة ما جرى عليه الماء من المكان الطاهر بعد انفصاله إذا توّقف غسل المحّل النجس على جريانه عليه عادة نعم لو لم ينفصل ماء الغسلة عن المحل النجس أو عما جرى عليه من الطاهر بقيا على النّجاسة إلا إذا لم يمكن الانفصال ففي تطهيرهما وجه غير بعيد وقيل بطهارة ماء الغسالة مطلقاً للأصل والعمومات وللشك في شمول أدلة انفعال الماء القليل لماء الغُسالة وللشكّ في عموم قاعدة أن كل متنجس يتنجّس كي يحكم بنجاسة الماء وللقاعدة المحكمة المؤيدة بالاعتبار والموافقة لأصول المذهب وفتاوى الأصحاب كما قال (ابن إدريس) من أن النجس لا يطهر ولإدلة نفي العسر والحرج اللازمين للقول بالنجاسة لغلبة تعدي ماء الغسالة إلى غير المحل ولتقاطرها غالباً على المباشرين للغسل ولعدم معرفة قدر المختلف ولاستبعاد اختلاف اجراء الماء طهارة ونجاسة أو تطهير المتخلف بغير مطّهر ولما ورد في أخبار الاستنجاء من تعليل طهارة مائه أنه أكثر من القدر ولما ورد في بعضها أنّي أستنجئ ثم يقع ثوبي فيه وأنا جنب، قال لا بأس ولما ورد أغسله في المركن مرتين فأنّ ظاهره عدم تنجس المركن بالماء وما ورد من الأمر بالصب لبول الصبي والأمر بالنضح للجانب الآخر من الثوب والفرو وفي الجميع نظر لانقطاع الأصل والعمومات بالدليل الخاص ولعدم الشك في شمول أدلة انفعال