پایگاه تخصصی فقه هنر

انوار الفقاهة-ج12-ص44

ثالثهــــا: ولا يرفع خبثاً أيضاً للاستصحاب وليقين الشغل في المشروط بالطهارة ولأوامر الغسل المنصرفة للماء المطلق ولبعض الأوامر المقيّدة للغسل بالماء وهو حقيقة أو ظاهر في المطلق ولتنجيس المضاف بالملاقاة فلا يحصل به تطهير وتطهير المطلق وإن تنجس خارج بالإجماع ولمساواة الخبث للحدث في المعنى على وجه لظاهر الإجماع وفتوى المشهور فقول (المرتضى) و(المفيد) بجواز رفع الخبث به استنادا للإجماع وللرواية ولإطلاق الأمر بالتطهير والغسل ولأن المقصود حصول إزالة النجاسة بأي نحو اتفق ولما ورد من غسل الدم بالبصاق ومن طهارة اليد النجسة من البول بمسحها على الحائط ولقوله تعالى: “وَثِيَابِكَ فَطَهِّرْ” ولأن غير الماء كالخَلّ أبلغ في التنظيف ضعيف لضعف الإجماع بفتوى الأكثر بل الكل بخلافه ولعدم العثور على الرواية فتضعف بالإرسال والانصراف أو أمر التطهير والغسل إلى اشتمال الماء المطلق لغةً وشرعاً على وجه التحقيق أو على وجه ظهور الإرادة لذلك ولمنع فهم إرادة زوال النجاسة بأي نحو اتفق بل المفهوم من الأخبار ومن فتوى الأخيار أن المقصود من الطهارة الإزالة بالماء المطلق كما يفهم من استقراء جزئيات الموارد الآمرة بالغسل فيها في الثوب والبدن والأواني ولا قائل بالفرق بينها. وما دل على أن زوال العين مطهر كالباطن وأعضاء الحيوان فذلك للدليل على أن استصحاب النجاسة محكم فلا يزول إلا باليقين ولا يقين إلا بالماء المطلق ولأن ما ورد من رواية البصاق والمسح على الحائط لا يقولها هو ولا نحن لأن البصاق والدمع والعرق وما أشبهها ليس من الماء المضاف الذي هو محل البحث ولئن قالها باعتبار أن البصاق ماء مضاف وأن اليد جسم صقيل والجسم الصقيل يكفي فيه زوال العين رددناه بضعفهما وعدم العامل بهما وإعراض الأصحاب عنهما ولو كان زوال العين والبصاق والماء المضاف مطهر لاشتهر غاية الاشتهار ولما خفي مع توفر الدّواعي إليه ولأن الآية مجملة المراد إنْ أُريِدَ الحقيقة الشرعية من الطهارة كما هو الأقوى ومحمولة على إرادة التشمير والتقصير أو التنزُّه عن النقائص إن أريد المعنى اللغوي وفي الروايات ما يؤذن بإرادة ذلك ولأن كون غير الماء أبلغ في التنظيف مسلّم لو أُريد به الحسّي وممنوع لو أريد الشرعي والشرعي مجمل بعد ثبوت النجاسة والمتيقن منه التطهير بالماء المطلق فدعوى بعض المتأخرين أنه لم يقم دليل على اشتراط الطهارة بالماء المطلق لجميع النجاسات بل المتيقّن من الشارع هو أيجاب الإزالة للعين لا وجه لها بعد العلم بتحقيق النجاسة واحتياجها للمزيل القطعي.

رابعهــــا: يتنجّس المضاف بملاقاة النجاسة كسائر المائعات إجماعاً وللأخبار الآمرة بإهراق المرق وغسل اللحم بوقوع الفارة في القدر أو بوقوع قطرة نبيذ أو خمر مسكر فيه والخبر الناهي عن أكل السمن عند وقوع الفارة الميتة إذا كان ذائباً وللإجماع الدال على أن ملاقاة الرطب للنجس تنجسه فينجس كل ما يلاقيه من الأجزاء فتسري النجاسة للكل والعمدة في الاستدلال الإجماع المحصّل على أن كل رطب ينجس بالملاقاة وإن كال مائع متساوي السطوح تسري إليه النجاسة ولو لا الإجماع لأ مكنت المناقشة في كلتا المقدمتين ولذلك حكمنا بأن العالي تسنيميّا إذا لم يكن واقفاً مستقراً بل وتسريحياً إذا كان علوه بينا لا تسري إليه النجاسة من السافل سواء كان ماءً مضافاً أو مائعاً آخر للشك في شمول إطلاقات الفقهاء وإجماعاتهم على انفعال المضاف لتلك الصورة بل ربما يدعي أن السيرة ودليل العسر والحرج يقضيان بعدم السرّاية.