انوار الفقاهة-ج11-ص54
سادسها:يصح بذل الزوجة في الخلع من مالها بنفسها أو بوكيلها وهو المقطوع به في الأخبار وكلام الأصحاب ويصح من مال غيرها مع اجازة العين على ما تقدم ويصح البذل من غيرها من مالها فتجيز هي البذل على الأظهر ويصح البذل من غيرها من ماله باذنها فيعود عليها بما بذل فيكون بمنزلة القرض عليها كما اقول ادفع لزيد عني عشرة فدفع المأمور فإنه يتحل إلى وكالة في القرض والدفع إلى أن يظهر ارادة التبرع في الدفع منها أو منه وهل يصح البذل من غيرها من عين ماله من دون اذنها فيكون متبرعا وجهان من ان الحكم خلاف الأصل فيقتصر فيه على المقطوع به في النصوص والفتاوي وهو كون البذل منها من مالها ومن ان خصوصية المال غير ملحوظة بعد كونها راضية بنفس البذل ولأن العمدة في الباب رضاؤها في البذل وقد حصل لأن المعاوضة لا تكون بين غير الزوج والزوجة فلا عبرة حينئذٍ بالمدفوع وهو قوي نعم لو لم ترض بنفس البذل وقع الخلع باطلاً ولا يتركب الخلع من الزوج ومن بذل اجنبي إذ الاجنبي لا دخل له في تركب هذه المعاوضة وإن ظهر من بعضهم جواز ذلك أيضاً لأن الخلع افتداء فيجوز من الاجنبي فعله شفقة واحسانا نعم للاجنبي أن يبذل على وجه الجعالة أو الصلح مع الزوج على الطلاق ولا يكون خلعا بل يكون طلاقاً مطلقا رجعيا مرة وبائنا أخرى وقد تتمه بالصلح على عدم الرجعة فيكون بمنزلة البائن ولا يقع هذا القسم بلفظ الخلع كما ان الاجنبي لو تبرع بالبذل والمبذول له فخلع الزوج فإن كان بصيغة الخلع فسد وإن كان بصيغة الطلاق وقع طلاقا مطلقا ويظهر مما ذكرنا ان الاجنبي لو قال للزوج من غير أن يستأذن من زوجته اخلع زوجتك بألف وعلى ضمانها فخلعها الزوج لم يكن خلعاً وبطل ان كان بلفظه وصح طلاقا مطلقاً إن كان بلفظ الطلاق وأجازه بعضهم لجواز ضمان ما لم يجب في مواضع تمس الحاجة إليها وهذا منها وضعفه ظاهر هذان كان متبرعا بذلك ولم يقصد الجعالة فإن قصدها فكما تقدم وإن كان باذنها صح خلعاً وهل يلتزم بها الاجنبي فيلزمه الدفع فإذا دفع رجع على الزوجة ولا يلتزم بها لأنه ضمان ما لم يجب وجهان ولاوجه بحسب قواعد الضمان الثاني مع احتمال الأول ويكون من قبيل الشرط كما يقول بعتك هذا بعشرة على أن يؤديها زيد عنك وترجع إليه فقبل زيد بذلك دين أجاز الضمان في الأول أجازه هنا بطريقة اولى ومثله ما لو قالت الزوجة اختلعني على الف بذمة عمر فرضى عمر بذلك ففي التزامه وجهان وفي الرجوع عليها ما تقدم وعلى كل حال فاذا التزم الاجنبي بالفدية فهل له الرجوع بالبذل على الزوج وجهان وهل للزوج الرجوع عند رجوعه وجهان والاقوى العدم فيهما وقد بنى بعضهم المسألة على ان الخلع فداء أو معاوضة أو على انه طلاق أو فسخ فعلى الاولين يصح من الاجنبي وعلى الأخيرين وهو المعاوضة والفسخ لا يصح وفيه نظر لما بيناه من عدم الصحة أيضاً ولو جعل المبذول فداء وكذا لا يصح ولو جعل الايجاب طلاقاً.
سابعها:لو ادعى الوكيل الوكالة في البذل فتبين كذبه كان فضولياً فيصح الخلع مع الاجازة على الأظهر ويبطل مع عدمها لو كان بلفظ الخلع ولو كان الطلاق فوجهان كما تقدم وكذا يبطل الخلع لو وقع على ما لا يتمول كحبة حنطة أو تراب ونحوه إن كان بلفظ الخلع وإن كان بلفظ الطلاق فوجهان وكذا لو كان على مجهول لا يمكن تميزه كالخلع على أحد العبدين أو على ما في الصندوق أو على ألف مبهمة أو على رابح المعاملة من دون ذكر جنس النقد أو على ما في ذمة زيد ولم يعلم قدره ويشترط عليهما معاً لا علم الخالع فقط كما قد يتخيل ويمكن القول بالصحة في جميع ذلك والرجوع إلى مثل قيمة البضع أو مهر المثل ولا يبعد جواز بذل المجهول الذي لا طريق لهما إلى معرفة ولا يمكنهما العدول عنه إذا كان معلوماً واقعاً كما تبذل له جميع ما تطلبه من مهرها الحال أو المؤجل أو دينها كذلك ولو خالعها على حمل الدابة كان من الخلع على المجهول وإن خالعها على ما تحمله الدابة أو الشجرة أو ما تنبته الأرض أو ما يتجدد من اللبن بطل الخلع أيضاً لجهالته ولكونه معدوما ويمكن الرجوع في ذلك مع جهلهما بالفساد إلى مهر المثل أو قيمة مثل البضع وذكر جملة من أصحابنا ان الخلع على الخمر والحر يفسد مع العلم و يصح مع الجهل وله بقدر الخل خمرا أو مثل الحر مملوكا ولم يذكروا أن له مهر المثل أو قيمته عند مستحليها وجهاً وقد ذكروا في باب المهر ذلك وعلى ذلك فيمكن القول بأن الخلع الواقع على فاسد يفسد مع العلم ويصح مع الجهل ويلزمها مهر المثل لأنه قيمة البضع.