انوار الفقاهة-ج10-ص63
الاعتكاف أما أن يكون واجباً معيناً بنذر وشبهه فحكمه وجوب الإتمام بمجرد الشروع فيه قطعاُ أو يكون واجباً موسعاً فهنا يحتمل فيه الأمران وجوبه بمجرد الشروع للنهي عن أبطال العمل ولإطلاق كثير من الأخبار الناهية عن خروج المعتكف وعن الجماع وغير ذلك المشعرة بأن الأصل في الاعتكاف أن يكون لازماً بمجرد الشروع فيه ألا ما أخرجه الدليل وعدم وجوبه ألا بعد إتمام اليومين لإطلاق الأخبار الآتية بجواز فسخه قبل تمام اليومين الشاملة للمندوب والواجب الموسع ولأصالة البراءة من لزوم الإتمام وربما يقوى هذا الأخير والاحتياط لا يقوى ويكون مندوباً والأقوى عدم لزومه ألا بعد تمام اليومين خلافاً لمن جعله لازماً بمجرد الشروع فيه كالشيخ لإطلاق لزوم الكفارة على المعتكف ولزوم القضاء عليه ولمن جعله جائزاً مطلقاً حتى الثالث كالمرتضى للأصل وعدم الدليل على الشروع وذلك لأن ما دل على جوازه في اليومين الأولين ولزومه في الثالث من الخبرين المعتبرين مخصص لما ذكروه من إطلاق الأخبار في القضاء والكفارة من الأصل وفي الصحيح إذا اعتكف يوماً ولم يكن اشترط فله أن يخرج ويفسخ الاعتكاف وأن أقام يومين ولم يكن اشترط فليس أن يخرج ويفسخ الاعتكاف حتى تمضي له ثلاثة أيام وفي الصحيح الثاني ما يقرب لذلك أيضاً نعم لو اشترط الإخلال متى شاء كان الثالث جائز على الأقوى لمفهوم الصحيح المتقدم.
الثالثة عشــرة مستحبات الاعتكاف:
يستحب الشرط في الاعتكاف عند ابتدائه ونيته لفتوى الأصحاب وللأخبار المتكثرة في الباب إلا أن من الأخبار واشترط على ربك في اعتكافك كما تشترط عند إحرامك أن يحلك من اعتكافك عند عارض أن عرض لك عارض من علة تنزل بك من أمر الله تعالى وفي أخر وينبغي للمعتكف أن يشترط كما يشترط المحرم ومقتضاها أن الشرط في الاعتكاف كالشرط في الإحرام إنما يسوغ لعارض ضروري فتكون فائدة الشرط التعبد والاستحباب لجواز الإحلال من دون شرط أو يكون فائدته سقوط القضاء إذا وجب وحصل العارض من إتمامه ولكنه مشكل لأن ما دل على ثبوت القضاء مطلق لا يقيده ما دل على ندبية هذا الشرط لاحتمال إرادة التعبد منه فلا يكون صالحاً للتعبد نعم لو كان المعتكف عند إفساد اعتكافه يبقى على حكم التحريم فيما حرم عليه من نساء وطيب وغيرهما لكان للشرط حينئذٍ فائدة التحليل ولكنه لا يبقى حكم التحريم عليه بعد فساد الاعتكاف من غير شك كما يظهر من كلام الأصحاب فلم يبق للشرط فائدة حينئذٍ سوى التعبد كما ذكرناه ومن الأخبار ما يظهر منها تسويغ الشرط للتحليل اعتباطاً فتكون فائدته جواز فسخ الاعتكاف متى شاء كالصحيح