انوار الفقاهة-ج10-ص52
الرابعة:الحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن يجب عليهما الإفطار إذا أضر الصوم بهما أو أضر بولدها ضرر لا يتحمل عادة، للأخبار الخاصة وفتوى الأصحاب وعموم لا ضرر ولا ضرار وقد يقال أن لهما الإفطار مطلقاً رفقاً بٍحالهما ولكنه يبعده التحليل الوارد في الروايات الآتية وعلى كل حال فيجب عليهما القضاء بعد ذلك لعموم أدلته ولخصوص صحيحة محمد بن مسلم: (الحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان)، لأنهما لا يطيقان الصوم وعليهما أن تتصدق كل واحدة منهما في كل يوم تفطر فيه بمد من اطعام وعليهما قضاء كل يوم أفطرتا فيه والتعليل بأنهما لا يطيقان الصوم يحتمله لعلة الحقيقية فيكون الإفطار يدور مدار الطاقة ويحتمل بيان الحكمة، فيكون لهما الإفطار مطلقاً والأول هو الأظهر وتدل عليه ما في الرواية الأخرى حيث أنه سأله عن من ترضع ولدها أو غير ولدها في شهر رمضان فيشتد عليها الصيام ولا تقدر عليه، فأجابه مكاتبة: (إن كان يمكنها اتخاذ ظمأ استرضعت ولدها وأتمت صيامها، وإن كان ذلك لا يمكنها أفطرت وأرضعت ولدها وقضت صيامها متى ما أمكنها ويجب عليهما الصدقة إذا خافتا على ولدهما دون أنفسهما فقط)، فهل تسقط عنهما الكفارة لأنهما كسائر الإفطار المباح للخوف أو المرض لا يوجب شيئاً وللأصل أوتجب الكفارة تمسكاً بإطلاق الأخبار المتقدمة التاركة للاستفصال في الأمر بالكفارة بين الخائفة على نفسها والخائفة على ولدها، ونسب الأول لفتوى الأصحاب ولكن الثاني أظهر، وللإجماع المنقول والاحتياط وإطلاق النص وكلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق بين الأمر وبين غيرها من مستأجرة للرضاع أو متبرعة وإن الفدية من مالها دون مال الولد أو الزوج وإن المرضعة إن أمكنها اتخاذ مرضعة أخرى لزم عليها ولا يجوز لها القضاء ولكن يجب تقيد ذلك فيما إذا لم تطلب المرضعة منها ما لا يضر بالحال أو ما يزيد على أجرة المثل كثيراً في وجه قوي ولم يكن في رضاعها مفسدة للطفل والمراد بالخوف هو الخوف المعتاد الناشئ عن الظن بالضرر أو الشك فيه لأغلب نوع الإنسان والفرق بين ذي العطاش والحامل والمرضعة وغيرهما من المبيح للإفطار أن غيرها لا يسوغ له الإفطار إلا مع المشقة الشديدة التي يحصل بها الضرر وأما هي فيكفي فيها حصول المشقة والضرر من الجملة كما هو الظاهر من إطلاق الأخبار وكلام الأصحاب.
الخامسة:صوم الكفارة إما أن يجب مع غيره ككفارة قتل المؤمن عمداً للإجماع والأخبار وفيها أعطاهم الدية واعتق نسمة وصام شهرين متتابعين وأطعم ستين مسكيناً، ويلحق بذلك كفارة من أفطر عمداً في شهر رمضان على محرم على الأقوى أو يجب بعد العجز عنه كغيره كصوم كفارة قتل الخطأ للكتاب والسنة وظاهر الأصحاب إلا من شذ وندر كفارة الظهار كما هي نص في الكتاب وكفارة قضاء شهر رمضان بعد الزوال كما تقدم وكفارة كما هي نص الكتاب، وكفارة الإفاظة من عرفات عمداً قبل الغروب كما في الصحيح عليه بدنه يتم يوم النحر فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوماً،وكفارة جزاء الصيد على وجه قوي للأخبار المتكثرة الدالة على الترتيب وإن كان ظاهر الكتاب والتخيير وكفارة شق الرجل ثوبه على زوجته وولده وخدش المرأة مع الإدماء وجهها ونتفها شعر رأسها، في رواية موافقة للاحتياط وعمل الأصحاب ويجب مخيراً بينه وبين غيره في كفارة من أفطر يوماً من شهر رمضان عامداً وكفارة خلف النذر والعهد على المشهور وكفارة فساد الاعتكاف الواجب على ما ذهب إليه الأكثر برواية سماعة وأن عليه ما على الذي أفطر يوماً من شهر رمضان وقيل مرتبة لصحيح زرارة فيمن جامع معتكفاً عليه ما على المظاهر وكفارة حلق الرأس في الإحرام كما هي نص الكتاب وكفارة جز المرأة رأسها في المصاب لرواية خالد بن سدير ويجب الصوم مرتباً على غيره مخيراً بينه وبين غيره في كفارة الواطئ أمته المحرمة بإذنه وسيجيء تفصيل هذه الكفارات في محلها إن شاء الله تعالى.